أعلنت الحكومة البريطانية، رسميًا، تراجعها عن دعم أطول خط كهرباء بحري في العالم، الذي كان من المقرر أن يربط المغرب ببريطانيا عبر مشروع خط كهرباء أخضر بطول يقارب 3 آلاف و800 كيلومتر تحت سطح البحر، في ضربة غير متوقعة لمستقبل الطاقة النظيفة العابرة للحدود.
ووفقًا لتقارير طالعتها منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، قال وزير الطاقة مايكل شانكس، اليوم الخميس 26 يونيو/حزيران 2025، إن الحكومة خلصت إلى أن "استمرار دراسة المشروع المغربي البريطاني لا يصبّ في المصلحة الوطنية للمملكة المتحدة في الوقت الراهن"، في قرار من شأنه أن يُربك الخطط الطموحة لقطاع الطاقة المتجددة بين البلدَيْن.
وأوضح شانكس، في بيان مكتوب قدّمه إلى البرلمان البريطاني، أنه "من الناحية الإستراتيجية، فإن المشروع لم يتماش بصورة واضحة مع مهمة الحكومة لبناء الطاقة المحلية في المملكة المتحدة".
وقدّرت تكلفة المشروع بقيمة 25 مليار جنيه إسترليني (34.36 مليار دولار)، وكان من المخطط أن يدخل أول خط من خطوط الربط الخدمة في عام 2027، على أن تُطلق الخطوط الـ3 الأخرى بحلول عام 2029.
والمشروع الذي كانت تطوّره شركة "إكس لينكس" البريطانية كان يستهدف تزويد نحو 7 ملايين منزل بريطاني بالكهرباء النظيفة بحلول عام 2030، مستفيدًا من الشمس والرياح في الصحراء المغربية.
(الجنيه الإسترليني = 1.37 دولارًا أميركيًا).
كما كان يُعدّ سابقًا ضمن مشروعات البنية التحتية ذات الأهمية الوطنية في عهد الحكومة المحافظة السابقة، قبل أن تصطدم خططه بعقبات تنظيمية وتمويلية متكررة.
خط الطاقة الخضراء بين المغرب وبريطانيا
كان من المنتظر أن يُمثّل خط الطاقة الخضراء بين المغرب وبريطانيا نقلة نوعية في الربط الكهربائي الدولي، إذ خططت شركة "إكس لينكس" لبناء أطول خط تيار مستمر عالي الجهد (HVDC) تحت سطح البحر في العالم، بطول 3 آلاف و800 كيلومتر، يربط مزرعة ضخمة للطاقة المتجددة في منطقة كلميم واد نون جنوب المغرب، بمدينة ديفون جنوب غرب إنجلترا.
وتعليقًا على القرار، قال رئيس مجلس إدارة إكس لينكس، ديف لويس، إن الشركة شعرت بخيبة أمل شديدة بسبب هذا القرار، موضحًا أن كبار اللاعبين في قطاع الطاقة أنفقوا أكثر من 100 مليون جنيه إسترليني (137.46 مليون دولار) على تطوير المشروع.
وكان المشروع يهدف إلى توليد 10.5 غيغاواط من الكهرباء من الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، تُخزّن في منشأة بطاقة 20 غيغاواط/ساعة، بما يسمح بتوفير 3.6 غيغاواط من الكهرباء الموثوقة لبريطانيا إلى أكثر من 20 ساعة يوميًا، ما يغطي 8% من إجمالي احتياجات البلاد من الكهرباء.

ووفق المخطط، يمتد نطاق أطول خط كهرباء بحري في العالم ليغطي 1500 كيلومتر مربع من الأراضي المغربية، مع الاعتماد على كثافة الرياح ووفرة سطوع الشمس في الموقع الصحراوي.
وكان من المزمع نقل الكهرباء مباشرة إلى بريطانيا دون الاتصال بالشبكات الكهربائية لدول العبور مثل إسبانيا وفرنسا؛ ما يعزز استقلالية الإمدادات وأمانها.
كما خُطّط لأن توفر منشأة البطاريات الليثيوم أيون المرافقة قدرة كبيرة على تخزين الطاقة المتجددة؛ ما يضمن الاستمرارية والتوازن في إمدادات الكهرباء إلى بريطانيا، لا سيما في الفترات التي تقلّ فيها قدرة الإنتاج المحلي من الطاقة المتجددة بسبب ضعف الرياح أو قصر ساعات سطوع الشمس.
أبعاد تنموية
لم يكن خط الطاقة الخضراء بين المغرب وبريطانيا مجرد بنية تحتية لنقل الكهرباء، بل مبادرة ذات أبعاد اقتصادية وتنموية كبرى، إذ تعهدت "إكس لينكس" بتوفير 1350 وظيفة خضراء دائمة في بريطانيا، و10 آلاف فرصة عمل في المغرب، بالإضافة إلى بناء مصنع خطوط جديد في مدينة هنترستون الإسكتلندية.
ووفقًا لبيانات المشروع لدى منصة الطاقة المتخصصة، فقد أُبرم اتفاق مع الشبكة الوطنية البريطانية على ربط خطي تيار مستمر بقدرة 1.8 غيغاواط في قرية ألفردسكوت بمقاطعة ديفون، مع اعتماد تقنيات تحويل كهرباء التيار المستمر إلى تيار متناوب في موقعي التوليد والاستقبال.
وكان يُعوّل على المشروع بوصفه مصدرًا مرنًا للطاقة المتجددة منخفضة التكلفة، يعزّز قدرة بريطانيا على مواجهة تقلبات الإنتاج المحلي، ويُسهم في تحقيق أهداف الحياد الكربوني.

الانسحاب البريطاني
قرار الحكومة البريطانية بعدم المُضي قدمًا في دعم أطول خط كهرباء بحري في العالم يطرح تساؤلات حول أولويات الطاقة والاستدامة في المملكة المتحدة، لا سيما في ضوء الالتزامات المناخية والتوجهات نحو تنويع مصادر الكهرباء وتقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري.
ويأتي هذا الانسحاب في وقت تشهد فيه أوروبا سباقًا نحو تعزيز مشروعات الربط الكهربائي العابر للحدود؛ ما قد يمنح دولًا أخرى الأفضلية في تأمين مصادر طاقة بديلة وأكثر استدامة، في حين يخسر المغرب فرصة تصدير الطاقة المتجددة إلى إحدى أكبر الأسواق الأوروبية.
وإن كان خط الطاقة الخضراء بين المغرب وبريطانيا قد جُمّد من الجانب البريطاني، إلا أن مقومات الطاقة المتجددة في المغرب واهتمامه بتعزيز صادراته الكهربائية، قد يدفعان نحو إعادة طرح المشروع مع أطراف دولية أخرى خلال السنوات المقبلة.
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..
المصدر: