شهد ميناء شنغهاي أول عملية نقل غاز ثاني أكسيد الكربون بين سفينتَيْن في العالم، في خُطوة مهمة تدعم جهود إزالة الانبعاثات من قطاع الشحن البحري وصولًا إلى الحياد الكربوني.
وجُهّزت السفينة المسماة إيفر توب (Ever Top) التابعة لأسطول شركة إيفرغرين في عام 2024 بوساطة حوض بناء السفن الصيني تشاينا ستيت شيبلدينغ (China State Shipbuilding)، مع تزويدها بنظام صيني مطوّر لاحتجاز ثاني أكسيد الكربون وتخزينه.
كما زُوّدت السفينة بوحدة امتصاص إلى جانب وحدة تبريد ضغط وتخزين؛ كي تكون مؤهلة تمامًا لإنجاز نقل غاز ثاني أكسيد الكربون السائل بفاعلية وسلاسة.
وتخطّط المنظمة البحرية الدولية "آي إم أو" (IMO) لتحقيق الحياد الكربوني في قطاع الشحن بحلول عام 2050، وتتضمّن أهداف المنظمة تخفيضات كبيرة من مستويات عام 2008، مثل: انخفاض بنسبة 20-30% بحلول عام 2030، وانخفاض بنسبة 70-80% بحلول عام 2040.
إنجاز غير مسبوق
نفّذت شنغهاي أول عملية نقل غاز ثاني أكسيد الكربون المسال بين سفينتَيْن في العالم؛ ما يمثّل إنجازًا مهمًا ليس فقط بالنسبة إلى جهود إزالة الكربون من قطاع النقل البحري، بل تحويل الانبعاثات المنطلقة من السفن من نفايات إلى سلعة كذلك.
وأُنجِزت عملية النقل في 19 يونيو/حزيران الجاري في محطة شينغ دونغ بميناء يانغشان للمياه العميقة؛ حيث أفرغت سفينة الحاويات "إيفر توب" التي تتسع لـ14 ألف حاوية نمطية، حمولتها من غاز ثاني أكسيد الكربون المحتجَز مباشرةً في سفينة أخرى تُدعى ديجين (Dejin).
كما أُنجِزت عملية نقل غاز ثاني أكسيد الكربون المذكورة دون استعمال أي أنابيب أو بنية تحتية في الميناء، بل سُلمت الانبعاثات الكربونية المحتجزة مباشرةً من سفينة إلى أخرى.
تسليم الانبعاثات
تأتي أول عملية نقل غاز ثاني أكسيد الكربون بين سفينتَيْن في العالم في أعقاب عملية مشابهة جرت في عام 2023، حينما أكملت سفينة "إيفر توب" أول عملية نقل غاز ثاني أكسيد الكربون من السفينة إلى الشاطئ في الميناء ذاته.

سفينة مجهّزة
السفينة مجهزة بنظام احتجاز كربون وتخزينه متطور مثبت على متنها؛ ما يتيح لها احتجاز غاز ثاني أكسيد الكربون وتخزينه من العودام المنطلقة منها في أثناء الرحلات.
ولدى النظام المذكور المطور بوساطة معهد شنغهاي لمحركات الديزل البحرية (the Shanghai Marine Diesel Engine Research Institute)، القدرة على احتجاز ما يزيد على 80% من انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون المنطلقة من سفينة، بمعدل نقاء يصل إلى 99.9%.
وبلغت تكاليف إعادة تجهيز السفينة قرابة 10 ملايين دولار، وهو أقل من نصف تكلفة تحويل السفينة نفسها إلى العمل بالميثانول أو الأمونيا.
وقال مدير مشروع عملية نقل غاز ثاني أكسيد الكربون من سفينة إلى سفينة دو مينغساي: "بالنسبة إلى العمليات الموسعة، تقدّم عمليات نقل غاز ثاني أكسيد الكربون من سفينة إلى سفينة ميزات واضحة؛ فهي أرخص بكثير من النقل البري، وأكثر فاعلية بكثير".
وأضاف مينغساي: "ناقلة غاز ثاني أكسيد كربون واحدة لديها القدرة على التعامل مع أحجام من الغاز تزيد عشرات بل مئات المرات على شاحنة حاويات"، وفق تصريحات رصدتها منصة الطاقة المتخصصة.

الكربون.. عملة سائلة
من الممكن بيع غاز ثاني أكسيد الكربون المحتجز وتوجيهه لأغراض الاستعمال الصناعي، مع إمكان تحقيق ما يصل إلى 8 ملايين دولار سنويًا بالنسبة إلى سفينة واحدة.
ومع ذلك فإن تفريغ حمولة السفينة ما يزال يمثّل تحديًا أبديًا في الوقت الذي يتمركز فيه المشترون بالقرب من المواني الصغيرة غير القادرة على استيعاب سفن حاويات كبيرة الحجم.
وتقدم عمليات نقل غاز ثاني أكسيد الكربون من سفينة إلى سفينة حلاً عمليًا لهذا التحدي.
وأصبح ممكنًا في الوقت الراهن تنفيذ عمليات النقل في منتصف الرحلة، دون الحاجة إلى رسو، باستعمال المراسي أو الممرات البحرية المحمية.
وبعد ذلك، يمكن توجيه غاز ثاني أكسيد الكربون عبر ناقلات أصغر حجمًا إلى محطات متخصصة؛ ما يُغلق الحلقة اللوجستية.
نظام بيئي متكامل
من تخزين الغاز على متن السفينة إلى النقل المتحرك وإعادة استعماله، يعطي هذا الإنجاز شنغهاي نظامًا بيئيًا متكاملاً بالنسبة إلى تقنية احتجاز الكربون في قطاع الشحن البحري.
كما يحول هذا الإنجاز المدينة إلى نموذج عالمي لخفض الانبعاثات من قطاع الشحن، ويحدّد معيارًا جديدًا للتحول الأخضر في تلك الصناعة الإستراتيجية.
وفي ضوء القواعد التنظيمية الأكثر صرامة التي وضعتها المنظمة البحرية الدولية بشأن الانبعاثات، يواجه أصحاب السفن في كثير من الأحيان خيارات مكلفة، إما إعادة تجهيز السفن للعمل بالميثانول وإما الاستثمار في سفن جديدة بالكامل تعمل بالأمونيا.
ويتيح نظام احتجاز الكربون وتخزينه المطور في شنغهاي بديلاً أكثر فاعلية من حيث التكلفة؛ إذ إنه يخفّض تكاليف إعادة تجهيز السفينة بواقع النصف مع إطالة العمر التشغيلي للسفينة، وتحويل الانبعاثات الكربونية المحتجزة إلى مصدر إيرادات محتمل.
ويلامس حجم الانبعاثات الكربونية الصادرة عن صناعة الشحن العالمية قرابة مليار طن من غاز ثاني أكسيد الكربون سنويًا؛ ما يمثّل نحو 3% من إجمالي الانبعاثات العالمية، وفق أرقام المنظمة البحرية الدولية "آي إم أو".
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..
المصدر:
1.نقل غاز ثاني أكسيد الكربون من سفينة إلى سفينة من موقع "إنترستينغ إنجنيرينغ".