اقرأ في هذا المقال
- تعزيز واردات كوريا الجنوبية من الغاز المسال الأميركي وسيلة للحدّ من العجز التجاري بين البلدين
- توقعات بانخفاض الطلب على الغاز المسال في كوريا الجنوبية 20% بحلول 2030
- عدم تنويع الإمدادات قد يهدد أمن الطاقة، على غرار ما حدث عند إغلاق منشأة فريبورت
- تعزيز واردات الغاز المسال الأميركي يتعارض مع التزامات تحقيق الحياد الكربوني 2050
باتت واردات كوريا الجنوبية من الغاز المسال الأميركي في دائرة الضوء مجددًا، مع تصاعد ضغوط واشنطن لإعادة التوازن التجاري بين البلدين، الذي بلغ 66 مليار دولار.
وتعتمد كوريا الجنوبية على الاستيراد لتلبية احتياجاتها من الطاقة، إذ تُمثّل رابع أكبر مستورد للنفط وثالث أكبر مشتر للغاز المسال في العالم.
فخلال العام الماضي، لم تشكّل واردات كوريا الجنوبية من الغاز المسال الأميركي سوى 5.6 مليون طن من إجمالي واردات بلغت نحو 47 مليونًا.
وفي هذا السياق، أطلق تقرير حديث -اطّلعت عليه وحدة أبحاث الطاقة (مقرّها واشنطن)- تحذيرات بشأن جدوى تعزيز الواردات من الغاز المسال الأميركي والنظر في الاستثمار بمشروع ألاسكا للغاز المسال، خاصة في ظل التزام البلاد بتحقيق الحياد الكربوني بحلول 2050 وتراجع الطلب.
واردات كوريا الجنوبية من الغاز المسال الأميركي تاريخيًا
منذ عام 2017، بدأت كوريا الجنوبية استيراد الغاز المسال الأميركي، مدفوعة بطفرة الغاز الصخري والمخاوف الجيوسياسية.
ومع انطلاق أول مشروع للتصدير "سابين باس" عام 2016، قفزت واردات كوريا الجنوبية من الغاز المسال الأميركي 70 ضعفًا على أساس سنوي، وأبرمت شركة الغاز الكورية الجنوبية "كوغاز" عقدًا طويل الأجل مع شركة "شينير إنرجي" لتوريد 3.5 مليون طن سنويًا لمدة 20 عامًا.
وتزامن ذلك مع ضغوط أميركية لإعادة التفاوض على اتفاقية التجارة الحرة، وحديث عن أن الغاز المسال الأميركي قد يُستعمل ورقة ضغط للحدّ من خطر إلغاء الاتفاقية أو العجز التجاري.
وفي خضم تلك المعطيات، أعلنت سول خلال قمة الـ20 في 2017 إستراتيجيتها للتحول نحو اقتصاد "خالٍ من الفحم والطاقة النووية"، معترفة بالغاز المسال مصدرًا "صديق للبيئة"، ورُفع المستهدف من حصة الغاز المسال في مزيج الكهرباء من 16.9% إلى 18.8% بحلول 2030، ثم زادت الحصة في ديسمبر/كانون الأول (2020) إلى 23.3% بحلول نهاية العقد.
وفي عام 2021، سجلت واردات كوريا الجنوبية من الغاز المسال الأميركي أعلى مستوياتها، إذ تجاوزت 9 ملايين طن، بحسب بيانات إدارة معلومات الطاقة.
ويوضح الرسم التالي -من إعداد وحدة أبحاث الطاقة- واردات كوريا الجنوبية من الغاز المسال في الربع الأول 2025:
وخلال الشهور الماضية، أعلنت واشنطن تعرفات جمركية بنسبة 25% على الواردات الكورية، لذا تحركت سول دبلوماسيًا للمطالبة بإعادة النظر في تلك الإجراءات.
وتصاعدت التكهنات حول احتمال تعزيز واردات كوريا الجنوبية من الغاز المسال الأميركي، والانخراط في مشروع ألاسكا للغاز المسال، البالغة تكلفته 44 مليار دولار.
ومن هذا المنطلق، دارت مناقشات بين واشنطن وسول حول المشروع، وزار وفد كوري ألاسكا، ونتج عن ذلك إعلان شركة غلينفارن -المطورة للمشروع- في مطلع الشهر الجاري أن نحو 50 شركة أبدت اهتمامًا بشراء الغاز، بعقود محتملة تُقدَّر قيمتها الإجمالية بنحو 115 مليار دولار.
تداعيات ارتفاع واردات كوريا الجنوبية من الغاز المسال الأميركي
أظهر التقرير الصادر عن معهد اقتصاديات الطاقة والتحليل المالي أن اللجوء إلى رفع واردات كوريا الجنوبية من الغاز المسال الأميركي للحدّ من العجز التجاري لا يخلو من التبعات.
وبناءً على أسعار السوق الفورية في مطلع مايو/أيار (2025)، البالغة نحو 10.50 دولارًا لكل مليون وحدة حرارية بريطانية، تحتاج كوريا إلى استيراد ما يقارب 121 مليون طن من الغاز سنويًا لسدّ العجز التجاري.
بينما بلغ إجمالي واردات كوريا الجنوبية من الغاز المسال العام الماضي نحو 47 مليون طن، كما أن إجمالي صادرات الغاز الأميركي لم يتجاوز 87.2 مليونًا، بحسب تقرير مستجدات أسواق الغاز المسال العربية والعالمية في 2024، الصادر عن وحدة أبحاث الطاقة.
وحسب الرسم التالي -من إعداد وحدة أبحاث الطاقة- تحتلّ كوريا الجنوبية المركز الرابع بين أكبر مستوردي الغاز المسال الأميركي في 2024:
وعلى مدار الشهور الـ5 الأولى من العام الجاري، بلغ إجمالي واردات كوريا الجنوبية من الغاز المسال نحو 20.5 مليون طن، بحسب بيانات وحدة أبحاث الطاقة.
وحاليًا، تعتمد كوريا على عقود طويلة الأجل لتأمين الغاز المسال، في حين تُمثّل السوق الفورية 18% فقط من وارداتها، ما يترك مجالًا محدودًا لتحويل هذه الكميات إلى عقود أميركية طويلة الأجل.
كما كشف إغلاق منشأة "فريبورت" الأميركية في منتصف عام 2022 وجهًا آخر لمخاطر زيادة واردات كوريا الجنوبية من الغاز المسال الأميركي، حيث انعكست الأزمة مباشرة على أداء محطات الكهرباء الكورية والتوجه إلى السوق الفورية، وسط فوضى الحرب الروسية الأوكرانية، وشكّلت تهديدًا لأمن الطاقة.
بالإضافة إلى ذلك، ما يزال مشروع الغاز المسال في ألاسكا حبيس مرحلة التطوير الأولية، رغم مرور ما يقارب 20 عامًا على طرحه، ويفتقر لأيّ مشترٍ طويل الأجل.
ورغم توقيع شركة كوغاز مذكرة تفاهم مع شركة ألاسكا غازلاين ديفلوبمنت كوربوريشن (AGDC) عام 2017، فإنها جمّدت مشاركتها لاحقًا، بسبب شكوك تتعلق بالجدوى الاقتصادية.
الطلب على الغاز المسال وخطط تحول الطاقة
في المقابل، من المتوقع أن يتراجع الطلب الكوري على الغاز المسال بنسبة 20% بحلول 2030، بعد انخفاضه 5% في 2023، نتيجة لتقلّبات الطقس والاقتصاد وارتفاع الأسعار.
ومع خطط إزالة الكربون والتحول إلى الطاقة المتجددة، يُستهدَف خفض حصة الغاز في مزيج الكهرباء من 28% إلى 10.55% بحلول عام 2038، في إطار الالتزام بتحقيق الحياد الكربوني بحلول 2050، ويستلزم ذلك الاعتراف بأن الغاز المسال وقود أحفوري.
ودعا التقرير إلى تقييم أيّ قرار خاص بتعزيز واردات كوريا الجنوبية من الغاز المسال الأميركي بناءً على الجدوى الاقتصادي في المدى الطويل، وليس على الضغوط التجارية أو الجيوسياسية.
الخلاصة..
بين ضغط العجز التجاري، ورغبة واشنطن في تعزيز صادراتها، ومحدودية الجدوى لمشروع ألاسكا للغاز المسال، تبدو زيادة واردات كوريا الجنوبية من الغاز المسال الأميركي خيارًا محفوفًا بالمخاطر، لا سيما أن البلاد تتحرك لخفض الاعتماد على الغاز المسال بهدف تحقيق الحياد الكربوني بحلول 2050، وبناءً على ذلك، فإن أيّ قرار لزيادة الواردات يجب أن يوازن بين الضرورات الاقتصادية والمناخية بعيدًا عن الضغوط التجارية أو الجيوسياسية.
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..
المصدر..