بدأ أكبر حقل غاز بحري في الصين الإنتاج الكامل، ليضع البلاد على أعتاب مرحلة جديدة باستغلال مواردها من الغاز الطبيعي في أعماق البحار، وسط مساعٍ متواصلة لتعزيز أمن الطاقة الوطني.
ويُعدّ دخول الحقل مرحلة التشغيل الكامل إنجازًا تقنيًا واقتصاديًا غير مسبوق في تاريخ البلاد، من ناحية العمق والضغوط الجيولوجية وحجم الاحتياطيات.
ووفقًا لبيانات المشروع لدى منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، تبلغ الطاقة الإنتاجية اليومية القصوى للحقل 15 مليون متر مكعب، مع قدرة سنوية تتجاوز 4.5 مليار متر مكعب، مما يجعله أكبر حقل غاز بحري في الصين من ناحية الإنتاج.
ويمثّل المشروع، الذي يحمل اسم شينهاي-1، طفرة نوعية في قدرات الصين على تطوير حقول الغاز في المياه العميقة، لا سيما أنه أول حقل يُطوَّر بالكامل بتقنيات محلية.
احتياطيات أكبر حقل غاز بحري في الصين
يحتوي الحقل على احتياطيات مؤكدة تبلغ نحو 150 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي، بما يضعه في مصافّ الحقول العملاقة عالميًا.
ويُعدّ المشروع أيضًا خطوة محورية في توجُّه الحكومة الصينية لبناء "دولة بحرية قوية"، وفق بيان شركة الصين الوطنية للنفط البحري "سينوك" (CNOOC)، التي أشارت إلى أن تشغيل الحقل سيسهم في دعم التنمية الاقتصادية الإقليمية، وتوفير طاقة نظيفة ومستقرة للمراكز السكنية والصناعية الكبرى في جنوب الصين.
ويأتي التطور في وقت تحاول فيه بكين تنويع مصادر الطاقة وتقليل الاعتماد على واردات الغاز، ولا سيما مع تزايد الطلب من المناطق الصناعية الكبرى.

حقل شينهاي-1
يُعدّ حقل شينهاي-1 من أبرز المشروعات التي طوّرتها الصين محليًا في مجال الغاز البحري، وقد شُيّد على مرحلتين، بدأت أولاهما في يونيو/حزيران 2021، بينما اكتملت المرحلة الثانية في يونيو/حزيران 2025، عقب تشغيل 23 بئرًا بحرية دفعة واحدة.
وتقع البنية التحتية للحقل في حوض تشيونغدونغنان ببحر الصين الجنوبي، على عمق مياه يتجاوز 1500 متر، مع آبار تصل إلى أعماق تتجاوز 5 آلاف متر، وهو ما يجعله الأكثر تعقيدًا في تاريخ مشروعات الغاز الصينية.
كما زُوّد بمنصة إنتاج ثابتة و3 رؤوس آبار مركزية تحت سطح البحر، بالإضافة إلى 12 بئرًا تطويريًا.
وقالت شركة سينوك، إن المشروع يُعدّ أول تطوير لحقول غاز عالي الضغط في المياه العميقة بالصين، مشيرةً إلى أنه تغلَّب على تحديات جيولوجية بالغة تشمل الضغط الشديد ودرجات الحرارة المرتفعة للغاية.
وقد وفّر تنفيذ الحقل خبرات تقنية ستُستعمل مستقبلًا في مشروعات استكشاف أعقد في المناطق البحرية الأخرى.
ويتدفق الغاز المستخرج من حقل شينهاي-1 إلى محطات برية في هونغ كونغ وسانيا وتشوهاي، ويُزوَّد به المستعملون الصناعيون والسكنيون في منطقة خليج قوانغدونغ-هونغ كونغ-ماكاو الكبرى وميناء هاينان للتجارة الحرة، فضلًا عن دمجه في شبكة أنابيب الغاز الوطنية، ما يُعزز من أمن الإمدادات ويُقلّص التبعية الخارجية.

الطلب على الغاز في الصين
يمثّل دخول أكبر حقل غاز بحري في الصين مرحلة التشغيل الكامل تتويجًا لجهود استمرت سنوات في تطوير التكنولوجيا البحرية الوطنية، وتوسيع قاعدة الطاقة المحلية، من خلال استغلال موارد بحر الصين الجنوبي.
وقالت الشركة المشغّلة، إن الطاقة القصوى للحقل البالغة 15 مليون متر مكعب يوميًا تُترجم إلى نحو 4.5 مليار متر مكعب سنويًا، ما يسدّ جانبًا كبيرًا من الطلب المحلي على الغاز، لا سيما في المناطق الساحلية.
وفي ذروة إنتاجه، من المتوقع أن يحقق الحقل أيضًا نحو 162 مليون قدم مكعبة يوميًا من الغاز، بالإضافة إلى نحو 3 آلاف و931 برميلًا يوميًا من المكثفات، ما يعزز من مردوده الاقتصادي والطاقي على حدّ سواء.
خلفيات المشروع
تعود خلفيات تطوير حقل شينهاي-1 إلى أكتوبر/تشرين الأول 2024، حين بدأت شركة سينوك تنفيذ المرحلة الثانية من المشروع.
وكان الهدف تحويل موارد بحر الصين الجنوبي – التي يُقدَّر احتياطيها بأكثر من تريليون متر مكعب – إلى إنتاج فعلي يُلبّي احتياجات التنمية.
وأكّد رئيس مجلس إدارة شركة سينوك، وانغ دونغ جين، أن المشروع نجح في تجاوز ما وصفه بـ"التحدي العالمي لتطوير الخزانات عالية الضغط في المياه العميقة"، مشيرًا إلى أن إنجازه يُمثّل نقطة تحوّل في قطاع الطاقة البحرية الصيني.
ومع تصاعد أهمية أمن الطاقة في السياسات الوطنية، يُعدّ إنجاز أكبر حقل غاز بحري في الصين رسالة واضحة بأن بكين تُراهن على مواردها المحلية لسدّ احتياجاتها المتزايدة، مع الحفاظ على موقع تنافسي في سوق الطاقة الإقليمية والدولية.
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..
المصادر:
- حقل شينهاي-1 البحري للغاز في الصين يصل إلى الإنتاج الكامل من منصة "تشاينا ديلي"
- بدء العمليات التشغيلية للمرحلة الثانية من أكبر حقول الغاز البحري في الصين من وكالة "شينخوا"