03:46 م - الثلاثاء 24 يونيو 2025

تواجه السياسة النقدية في الولايات المتحدة تحديات متشابكة مع دخول الاقتصاد الأميركي مرحلة من الضغوط المركبة. إذ تلوح بوادر تباطؤ اقتصادي في الأفق، بالتزامن مع تضخم لا يزال متمسكًا بمستويات تفوق الهدف المحدد من قبل الاحتياطي الفيدرالي، مما يضع صُنّاع القرار أمام خيارات صعبة، في وقت تتزايد فيه الضغوط من البيت الأبيض لاتخاذ خطوات أكثر جرأة.
توازن هش بين النمو والتضخم
رغم مؤشرات التباطؤ، لم تنخفض معدلات التضخم إلى المستوى المستهدف البالغ 2%، مما يجعل أي تحرك في اتجاه خفض الفائدة محفوفًا بالمخاطر. فالاقتصاد يسير على حافة التباطؤ، بينما لا تزال الأسعار مرتفعة نسبيًا، ما يعقّد مهمة الفيدرالي في اختيار التوقيت المناسب لتغيير المسار النقدي.
في هذا السياق، تتزايد الانقسامات داخل الاحتياطي الفيدرالي بين تيار يتبنى موقفًا حذرًا ويفضّل الانتظار حتى تترسخ الإشارات السلبية، وبين اتجاه آخر يرى أن التدخل المبكر عبر خفض أسعار الفائدة قد يجنّب الاقتصاد مخاطر أعمق، مثل الركود أو الانكماش المطوّل.
تشوش ناتج عن السياسة التجارية
تُفاقم السياسات الاقتصادية والتجارية الحالية حالة عدم اليقين النقدي، إذ تسببت الرسوم الجمركية المفروضة على سلع مستوردة في رفع التكاليف، ما يُضيف ضغطًا تضخميًا. إلا أن هذه السياسات نفسها تؤثر سلبًا على الطلب والنمو، ما يجعل التأثير الكلي متناقضًا. ويدفع هذا التناقض الاحتياطي الفيدرالي إلى مراجعة أدواته بحذر، وسط تصاعد الأصوات المطالبة باستباق الهبوط الاقتصادي المتوقع.
البيانات الاقتصادية تفرض إيقاعها
البيانات الأخيرة حول الإنفاق الشخصي ومؤشر PCE تشير إلى تباطؤ في الضغوط السعرية، ما قد يفسح المجال أمام الفيدرالي لتخفيف القيود النقدية تدريجيًا خلال النصف الثاني من العام. كما أن توقعات تراجع معدل التضخم خلال الأشهر المقبلة تُعزز احتمالية خفض الفائدة مرتين قبل نهاية العام، لكن بوتيرة حذرة لا تتجاوز 0.5 نقطة مئوية إجمالًا.
في المقابل، لا تزال معدلات البطالة منخفضة نسبيًا، ما يمنح الفيدرالي هامشًا زمنيًا أوسع لتقييم المخاطر قبل اتخاذ قرار فعلي. غير أن استمرار الغموض حول مسار التوظيف والأسعار يجعل اتخاذ القرار أكثر تعقيدًا من أي وقت مضى.
ترقّب لخطوة يوليو
مع اقتراب موعد الاجتماع المقبل في يوليو، تُسعّر الأسواق حاليًا احتمالًا متزايدًا لتحرك الفيدرالي نحو أول خفض للفائدة خلال هذا العام. لكن هذا التوجه يبقى مشروطًا بظهور دلائل ملموسة على استمرار تباطؤ الأسعار أو ضعف سوق العمل.
وتتجه الأنظار إلى البيانات المرتقبة في الأسابيع القادمة، حيث ستلعب تقارير التضخم والوظائف دورًا محوريًا في تحديد موقف الفيدرالي النهائي، كما سيحظى خطاب رئيس البنك أمام الكونغرس بأهمية بالغة لرصد نبرة السياسة المقبلة.
مخاطر متشابكة وسيناريوهات مفتوحة
تشير تقديرات المؤسسات المالية إلى أن الاحتياطي الفيدرالي قد يُفضّل نهجًا تدريجيًا، مع احتمال خفض الفائدة مرتين فقط هذا العام، بينما لن يتم اللجوء إلى خفض أوسع ما لم تظهر علامات صريحة على دخول الاقتصاد في مرحلة تباطؤ حاد.
وتبقى المخاوف من الركود التضخمي حاضرة، خصوصًا في ظل تعارض المؤشرات، حيث يشير البعض إلى مزيج من نمو بطيء وتضخم مرتفع قد يفرض معادلة نقدية شديدة الحساسية.
في الخلفية، تؤثر التطورات الجيوسياسية، مثل تهدئة التوترات في الشرق الأوسط، على أسعار الطاقة، ما قد يساهم في تقليص الضغوط التضخمية، ويفتح هامشًا أوسع أمام الفيدرالي للمناورة دون تعريض السوق لصدمات سعرية مفاجئة.
يمر الاقتصاد الأميركي بمرحلة انتقالية دقيقة، تتطلب من مجلس الاحتياطي الفيدرالي موازنة دقيقة بين السيطرة على التضخم وحماية النمو. ومع تزايد الأصوات المطالبة بالتحرك، وانقسام داخلي واضح في صفوف صناع السياسة، يترقب المستثمرون والمراقبون شهادة رئيس الفيدرالي أمام الكونغرس هذا الأسبوع، على أمل أن تُمهد الطريق لرؤية أوضح بشأن مستقبل أسعار الفائدة.
إخلاء مسؤولية إن موقع عاجل نيوز يعمل بطريقة آلية دون تدخل بشري،ولذلك فإن جميع المقالات والاخبار والتعليقات المنشوره في الموقع مسؤولية أصحابها وإداره الموقع لا تتحمل أي مسؤولية أدبية او قانونية عن محتوى الموقع.