اهتمت صحيفة نيوزيلاند هيرالد بالكشف عن أجزاء من مدينة غارقة تحت الماء قبالة سواحل الإسكندرية، مما يكشف عن مبانٍ وقطع أثرية وميناء قديم يعود تاريخها إلى أكثر من 2000 عام، وقد يكون هذا الموقع، الذي يقع في مياه خليج أبي قير، امتدادًا للمدينة القديمة التي كانت مزدهرة في العصور الهلنستية والرومانية.
ويُعد هذا الاكتشاف إنجازًا أثريًا مهمًا يضيف إلى المعرفة بتاريخ المنطقة الغني وبصفة خاصة في المجال البحري.
تفاصيل الاكتشاف وأهميته الأثرية
تُظهر القطع الأثرية المكتشفة لمحة نادرة عن الحياة في مصر القديمة، وخاصةً في مدينة الإسكندرية التي كانت مركزًا حضاريًا مهمًا. فالمباني القديمة التي ظهرت من تحت الماء، إلى جانب الميناء، تقدم دليلًا ماديًا على التطور العمراني والمعماري في تلك الفترة. هذه الآثار الغارقة، التي نجت من عوامل الزمن لأكثر من ألفي عام، تحمل في طياتها قصصًا عن التجارة، الحياة اليومية، والعلاقات الحضارية التي كانت سائدة في تلك المدينة. يُتوقع أن تكشف الحفريات المستقبلية في الموقع عن المزيد من التفاصيل التي يمكن أن تعيد تشكيل فهم العالم اليوم لتاريخ الإسكندرية.
وأشارت الصحيفة إلى أن الكشف الجديد يُعد من أبرز الاكتشافات البحرية في السنوات الأخيرة، حيث تم العثور على هياكل معمارية ضخمة كانت جزءًا من مدينة ساحلية نشطة في العصور القديمة. وتشير الأدلة إلى أن هذه المدينة كانت مركزًا تجاريًا وثقافيًا مهمًا، تربط بين حضارات البحر الأبيض المتوسط، وتستقبل السفن القادمة من اليونان، روما، وبلاد الشام.
وذكرت الهيرالد أن القطع الأثرية التي تم استخراجها من الموقع تشمل أواني فخارية، وتماثيل حجرية، وأدوات معدنية، وعملات قديمة، مما يوفر لمحة نادرة عن الحياة اليومية في تلك الحقبة. كما أن الميناء المكتشف يُظهر تصميمًا هندسيًا متقدمًا، يعكس مستوى التطور العمراني والمعماري الذي وصلت إليه المدينة في ذلك الوقت.
تُعد مدينة الإسكندرية واحدة من أعظم مدن العالم القديم، وقد أسسها الإسكندر الأكبر في القرن الرابع قبل الميلاد، لتكون بوابة بين الشرق والغرب. وكانت المدينة تحتضن مكتبة الإسكندرية الشهيرة، ومنارة فاروس، إحدى عجائب الدنيا السبع. ومع مرور الزمن، تعرضت أجزاء من المدينة للغرق نتيجة للزلازل وتغيرات جيولوجية، مما أدى إلى اندثار بعض معالمها تحت سطح البحر.
ويعيد الاكتشاف الجديد تسليط الضوء على هذه المدينة الأسطورية، ويمنح الباحثين فرصة لفهم أعمق لتاريخها، خاصةً في ظل التحديات التي تواجهها الحفريات البحرية من حيث التقنية والتمويل.
وتأمل مصر، بالتعاون مع فرق دولية من علماء الآثار والغواصين، أن تستمر أعمال التنقيب في الموقع خلال السنوات القادمة. ومن المتوقع أن تكشف الحفريات المستقبلية عن مزيد من التفاصيل التي قد تعيد تشكيل فهمنا لتاريخ الإسكندرية، وتسلط الضوء على دورها كميناء تجاري وثقافي في العالم القديم.
هذا الاكتشاف لا يُعد مجرد إنجاز أثري، بل هو نافذة جديدة على ماضٍ غني ومتشابك، يحمل في طياته قصصًا عن التجارة، الدين، الفن، والتفاعل الحضاري بين شعوب البحر المتوسط. كما أنه يعزز من مكانة الإسكندرية كموقع أثري عالمي يستحق الدراسة والاهتمام، ويُبرز أهمية الحفاظ على التراث الثقافي المغمور تحت الماء.