في خطوة استراتيجية تهدف إلى تعزيز الأمن الغذائي الوطني، أعلنت مصر عن تعاقدات جديدة لاستيراد كميات ضخمة من القمح من فرنسا، أوكرانيا، ورومانيا، عبر صفقات جديدة لشراء الحبوب من الأسواق الدولية، وفقًا لشبكة أخبار الشحن الأوكرانية، وبالفعل أبرمت صفقات خاصة مع عدد من الموردين لاستيراد ما لا يقل عن 200 ألف طن من القمح الفرنسي، إلى جانب شحنات إضافية من أوكرانيا ورومانيا بواقع 30 ألف طن لكل منهما.
وتشير مصادر تجارية أوروبية إلى أن مصر قد تكون طلبت ما يصل إلى سبع سفن كبيرة محمّلة بالقمح الفرنسي، بإجمالي يتجاوز 400 ألف طن، من بينها ناقلة ضخمة تحمل 63 ألف طن من المقرر شحنها بين 10 و20 سبتمبر، مع شروط دفع تمتد حتى 270 يومًا عبر خطابات اعتماد.
وتأتي هذه الصفقات في وقت حساس، إذ تعتمد مصر على القمح المستورد لإنتاج الخبز المدعوم الذي يستهلكه أكثر من ثلثي السكان البالغ عددهم 108 ملايين نسمة. ومع تفاقم التضخم وتدهور الظروف المعيشية، أصبح تأمين القمح ضرورة وطنية. وقد فشلت الحكومة في تحقيق هدفها المحلي بجمع 4 إلى 5 ملايين طن من القمح خلال موسم 2024/2025، الذي انتهى الأسبوع الماضي، ما زاد من الحاجة إلى الاستيراد.
الأسعار والتحديات
وقدّرت مصادر تجارية سعر شراء القمح الفرنسي بنحو 265 إلى 270 دولارًا للطن (CFR)، مع وجود صفقات قد تتجاوز 275 دولارًا للطن. ولم تكشف "مستقبل مصر" عن تفاصيل الأسعار أو شروط الدفع، ما يعكس الطابع غير الرسمي للصفقات مقارنةً بالمناقصات السابقة.
مصر في سوق القمح العالمي
تُعد مصر من أكبر مستوردي القمح في العالم، حيث تستورد سنويًا نحو 12 مليون طن، منها 5 ملايين طن عبر الجهات الحكومية. ورغم أن القمح الروسي كان يشكل جزءًا كبيرًا من هذه الواردات، إلا أن محدودية المعروض الروسي مؤخرًا، خاصةً القمح ذو نسبة البروتين 11%، دفعت مصر إلى التوجه نحو فرنسا التي توفر حاليًا كميات كبيرة من القمح الجاهز للتصدير.
تقلبات الأسواق وتأثيراتها
وشهدت واردات القمح المصرية، سواء من القطاعين العام والخاص، انخفاضًا بنسبة 30% في النصف الأول من عام 2025، لتصل إلى 4.9 ملايين طن فقط. ويُعزى هذا التراجع إلى اضطرابات السوق العالمية، وتغيرات في نماذج الشراء، وتأخر بعض الشحنات مثل صفقة القمح الفرنسي التي تم توقيعها في أبريل لشحن 180 ألف طن، لكنها لم تُحمّل فعليًا إلا في أغسطس.