أخبار عاجلة

لتجنب التهميش.. التدليل والإطراء سلاح القادة الأوروبيين الأخير في مواجهة ترامب حول أوكرانيا

لتجنب التهميش.. التدليل والإطراء سلاح القادة الأوروبيين الأخير في مواجهة ترامب حول أوكرانيا
لتجنب التهميش.. التدليل والإطراء سلاح القادة الأوروبيين الأخير في مواجهة ترامب حول أوكرانيا

في أروقة البيت الأبيض، حيث عُقدت قمة أوكرانيا أمس الاثنين الموافق 18 أغسطس 2025، لجأ القادة الأوروبيون إلى استراتيجية الإطراء والمديح والتدليل كخيار أخير للتعامل مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وكان الهدف دعم الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي ومنع اتفاق سلام تفضيلي لروسيا، وسط مخاوف من أن يفرض ترامب شروطًا تتضمن تنازلات إقليمية عن دونيتسك أو القرم.

ووفقًا لمجلة "دير شبيجل" الألمانية، اعتمد الأوروبيون استراتيجية الإطراء والمديج بل والتدليل من أجل إقناع ترامب بضرورة تقديم ضمانات أمنية قوية لأوكرانيا، مع التركيز على مديحه كقائد قوي يمكنه إنهاء الصراع بـ"سلام من خلال القوة". ومع ذلك، أثار هذا النهج تشكيكًا من بعض المراقبين في جدواه، خاصة إذا كان ترامب قد عقد العزم بالفعل على رفض الوقف الفوري لإطلاق النار أو فرض عقوبات إضافية على موسكو، مما يذكر بـ"سياسة الرجل المجنون" التي تعتمد على اللايقين والضغط غير المتوقع.

تحالف أوروبي لمواجهة "السلام التفضيلي لروسيا"

جاءت القمة بعد اجتماع ترامب مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في ألاسكا يوم الجمعة الموافق 15 أغسطس، حيث رفض بوتين وقف إطلاق النار دون اتفاق شامل يجمد الخطوط الأمامية في زابوريجيا وخيرسون، ويطالب بانسحاب أوكرانيا من دونيتسك. أثار ذلك قلقًا أوروبيًا من أن يضغط ترامب على زيلينسكي للقبول بـ"سلام كابيتوليشن" أي سلام الاستسلام، كما وصفه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الذي قال: "هناك دولة واحدة فقط تقترح سلامًا يعني الاستسلام: روسيا". لذا، هرع سبعة قادة أوروبيين إلى واشنطن في غضون 48 ساعة، بما في ذلك رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، ورئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، والمستشار الألماني فريدريش ميرز، والرئيس الفرنسي ماكرون، ورئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني، والرئيس الفنلندي ألكسندر ستوب، وأمين عام الناتو مارك روته. وصف ترامب الاجتماع بأنه "يوم كبير" و"شرف كبير"، لكنه أكد أن أوكرانيا يجب أن تتخلى عن أحلام استرجاع القرم.

كان التدليل الدبلوماسي واضحًا في الاجتماع الثنائي بين ترامب وزيلينسكي، ثم في الجلسة الجماعية، حيث ركز الأوروبيون على بناء جسور شخصية مع ترامب لتجنب صدام مثل الذي حدث في فبراير 2025، عندما وبخ ترامب زيلينسكي علنًا واتهمه بـ"المقامرة بالحرب العالمية الثالثة". وصف محللون هذا النهج بأنه "تدليل شخصي" يعتمد على الإطراء للحفاظ على التحالف الأطلسي، مع التركيز على طمأنة ترامب بأنه "القائد الأساسي" في عملية السلام، ومن أجل تجنب الاتهام بعدم الامتنان، وهي العبارة التي استخدمها نائب ترامب، دي فانس، حرص الرئيس الأوكراني على التعبير عن الشكر عدة مرات خلال جلوسه مع ترامب.

أمثلة على استراتيجية الإطراء: من "الأب" إلى "القائد القوي"

برز أمين عام الناتو مارك روته كأبرز ممارسي هذه الاستراتيجية، إذ سبق أن أطرى ترامب في اجتماعات سابقة، واصفًا إياه بـ"الأب" (Daddy) خلال قمة الناتو في يونيو 2025، لتجنب انفجارات غضب محتملة. في البيت الأبيض، شكر روته ترامب على "كسر الجمود" ومدحه لدفعه أعضاء الناتو لزيادة الإنفاق الدفاعي إلى 3.5% من الناتج المحلي الإجمالي، قائلًا: "لقد حملت الولايات المتحدة عبء أمن أوروبا لفترة طويلة جدًا، وأنت الذي غيرت ذلك". كما أشادت ميلوني بترامب كـ"قائد عظيم ومصدر إلهام"، مشيرة إلى أن "شيئًا ما تغير" نحو السلام بفضله، رغم أنها دعمت سيادة كييف بقوة.

وانضم ستارمر إلى المديح، محتضنًا زيلينسكي ومؤكدًا على "القيادة القوية" لترامب في جمع الفرقاء، بينما حذر ستوب من عدم الثقة ببوتين، مستذكرًا تجارب فنلندا التاريخية، لكنه ربط ذلك بمديح ترامب كشريك موثوق. أما فون دير لاين، فقد وصفت أوكرانيا بعد السلام بـ"القنفذ الفولاذي" غير القابل للابتلاع، مشيدة بدور ترامب في تعزيز الشراكة التجارية الأمريكية-الأوروبية كأكبر في العالم. وفيما شدد ماكرون على أن "الضمانات الأمنية تتعلق بأمن القارة الأوروبية بأكملها"، وأكد أن الإطراء يهدف إلى تقديم جبهة موحدة.

وحتى زيلينسكي نفسه انخرط في التدليل، مرتديًا بدلة رسمية بدلًا من زيه العسكري التقليدي، ومقدمًا رسالة من زوجته إلى ميلانيا ترامب، مع النطق بكلمة "شكرًا" 6 مرات في الدقائق الأولى من الاجتماع موجهة إلى الدعم الأمريكي. وهذا النهج يعكس تكتيكًا محسوبًا لإدارة شخصية ترامب "المتقلبة" والتعامل معها، كما وصفها السفير البريطاني السابق كيم داروش: "هناك الكثير من الإطراء... لأن ترامب لن يتحمل سماع نفس الخطاب عشرات المرات".

التشكيك في الجدوى: هل ينجح التدليل أمام "الرجل المجنون"؟

رغم الإيجابيات، مثل اتفاق ترامب على مشاركة أمريكية في الضمانات الأمنية (مع أوروبا كخط الدفاع الأول)، أثار النهج تساؤلات حول فعاليته. في "دير شبيجل"، أشارت تحليلات إلى أن الأوروبيين "أطراوا على ترامب كثيرًا" حتى الآن، لكن ذلك قد لا يكفي إذا كان قد قرر رفض وقف إطلاق النار أو الضغط على روسيا. ويرى مراقبون أن سياسة ترامب تشبه "نظرية الرجل المجنون"، حيث يعتمد على اللايقين للضغط، كما في تهديده بأن يسمح للروس بـ"فعل ما يشاؤون" مع الحلفاء غير الملتزمين بالإنفاق الدفاعي. 

وقال مسؤول أوروبي: "لا أحد يعرف ماذا يقصد ترامب بالضمانات الأمنية... قوله لبوتين 'لا تهاجم' ليس كافيًا لأوكرانيا أو لنا". كما انتقد رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز الطلبات الأمريكية بأنها "غير معقولة وغير منتجة".

في النهاية، نجحت القمة في تأجيل أي اتفاق إقليمي، مع تركيز على ضمانات أمنية "عملية" تشمل قوات برية وبحرية وجوية، وشراء أمريكي للطائرات الأوكرانية بدون طيار كبداية. لكن التحدي يبقى: هل يمكن للتدليل أن يحافظ على تماسك الغرب أمام روسيا، أم أنه مجرد تأجيل لإخفاق محتمل؟ يعكس هذا التوازن الدقيق سر الدبلوماسية الأوروبية مع ترامب – مزيج من البراجماتية والحذر، لضمان أمن قارة بأكملها.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق لتجنب التهميش.. التدليل والإطراء سلاح القادة الأوروبيين الأخير في مواجهة ترامب حول أوكرانيا
التالى لبنان في مهب الخطر وسط صدام أمريكي - فرنسي حول "قوات اليونيفيل"