
كشفت وكالة “بلومبرغ”، نقلا عن مصادر مطلعة داخل البيت الأبيض، أن فريقًا من مساعدي الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أعدّ قائمة غير معلنة تصنّف مئات الشركات الأمريكية الكبرى وفق درجة دعمها لخطة التخفيضات الضريبية الموسّعة التي أقرتها الإدارة مؤخرًا. وتضمنت القائمة 553 شركة، تم تصنيفها في ثلاث فئات: داعمة بقوة، داعمة بشكل معتدل وداعمة بدرجة ضعيفة، استنادًا إلى مدى التزامها وتعاونها مع ما يُعرف إعلاميًا بـ”المشروع الضريبي الكبير”، الذي يشكل أحد أبرز ملامح ولاية ترامب الثانية.
هذه القائمة، التي وُصفت بأنها “بطاقة درجات سياسية”، تهدف إلى مكافأة الشركات التي أبدت دعمًا واضحًا لسياسات ترامب الاقتصادية، وفي الوقت ذاته إرسال إشارة ضمنية إلى تلك التي اختارت الحياد أو المعارضة. وحسبما نقلته وسائل إعلام أمريكية، من بينها “أكسيوس”، فإن القائمة تشمل شركات كبرى مثل “دورداش” و”أوبر”، اللتين وُصفتا بأنهما من “الشركاء الأقوياء”، نظرًا لتأييدهما العلني لبنود ضريبية محددة مثل الإعفاءات الممنوحة على الإكراميات النقدية للعاملين.
كما ضمت القائمة شركات طيران مثل “يونايتد إيرلاينز” و”دلتا”، اللتين تم الإشادة بموقفهما الإيجابي تجاه تخصيص 12.5 مليار دولار من القانون الجديد لتحديث البنية التحتية للمراقبة الجوية. وتشير هذه التصنيفات إلى أن الإدارة تعتبر الدعم التشريعي والاتصالي لهذه الشركات جزءًا من عملية تقييم العلاقة المستقبلية معها، دون أن تعلن رسميًا عن وجود أي تبعات مباشرة.
ورغم أن القائمة لم تُنشر على نطاق واسع، فإن مجرد وجودها أثار نقاشًا واسعًا داخل الأوساط الاقتصادية والسياسية، إذ اعتبرها بعض المحللين خروجًا عن النهج التقليدي للحزب الجمهوري، الذي دأب على تبني خطاب السوق الحرة وحياد الدولة في الشأن الاقتصادي. بالمقابل دافع مقربون من الإدارة عن المبادرة، معتبرينها وسيلة لإبراز الشركاء الفعليين في إنجاح المشاريع الاقتصادية الكبرى، في الوقت الذي تحتاج الإدارة إلى حشد التأييد الشعبي لمواصلة تنفيذ أجندتها.
ويُعد هذا التصنيف امتدادًا لنهج إدارة ترامب في إضفاء طابع شخصي وتنافسي على العلاقة مع القطاع الخاص، وهو نهج ظهر جليًا منذ عودته إلى البيت الأبيض، إذ تدخل مرارًا في شؤون شركات كبرى، سواء بالدعم أو بالانتقاد العلني. ففي الأشهر الماضية برزت مبادرات حكومية لإجبار بعض شركات التكنولوجيا على دفع نسبة من عائداتها في أسواق الصين لصالح الخزينة الأمريكية، كما تم اقتراح استحواذ الدولة على حصص في شركات مثل “إنتل”، في سابقة تتجاوز التقاليد الجمهورية المتعارف عليها.
وبينما تحاول الإدارة ترويج القانون الضريبي الجديد باعتباره محركًا رئيسيًا للنمو، تُظهر استطلاعات الرأي الأخيرة أن الرأي العام لا يزال منقسمًا حول جدوى التشريع، إذ أشار استطلاع أجرته مؤسسة “بيو” إلى أن 46 بالمائة من الأمريكيين يرفضون القانون مقابل 32 بالمائة فقط يؤيدونه. كما أظهرت الدراسة نفسها تراجع معدل التأييد العام للرئيس ترامب إلى 38 بالمائة، مما يُبرز حاجة البيت الأبيض إلى تكتيكات جديدة لتحسين صورته الاقتصادية في أذهان الناخبين.
وقد أطلقت الإدارة، في هذا السياق، حملة ترويجية مكثفة، شملت خطابًا رئاسيًا داخل البيت الأبيض أعلن خلاله ترامب عن إعفاء ضريبي جديد بقيمة 6,000 دولار لفائدة المتقاعدين المستفيدين من الضمان الاجتماعي، كما تم إرسال عدد من أعضاء الحكومة في جولات ميدانية عبر الولايات لشرح مزايا القانون الجديد. ويتوقع أن يتواصل هذا التوجه في الأشهر المقبلة، لا سيما مع اقتراب الانتخابات النصفية، إذ تراهن الإدارة على نتائج اقتصادية ملموسة لتحسين موقعها السياسي.