في أعماق رمال الصحراء المصرية، حيث تعانق الشمس الصخور الصلبة وتُخفي الأرض أسرارها، ينبثق الحلم الذهبي من جديد، ليس من الأساطير، بل من نتائج تنقيب جاد ورؤية وطنية تؤمن بأن الذهب ليس فقط حجارة ثمينة، بل بوابة لحياة اقتصادية أكثر استقرارًا وازدهارًا، ومن السكري إلى إيقات، ومن البرامية إلى أبو مروات، تسطر مصر فصولًا جديدة في ملحمة التعدين، معلنة أن الأرض لا تزال تخبئ الكثير لمن يجيد القراءة بلغة الجيولوجيا والاستثمار.
مناجم الذهب في مصر
في خريطة الموارد الطبيعية بمصر، تعود مناجم الذهب لتتصدر المشهد كرافد استراتيجي يعزز مستقبل الاقتصاد الوطني، وبعيدًا عن الماضي الفرعوني الذي عرف قيمة المعدن الأصفر، تشهد البلاد اليوم صحوة تعدين حقيقية بدأت باكتشافات واعدة مثل منجم أبو مروات وتوسعات السكري، وامتدت لتشمل وديان العلاقي والبرامية، حيث أظهرت الفحوصات تركيزات مذهلة من الذهب والفضة.
منجم السكري، الذي انطلق إنتاجه التجاري في 2009، تجاوز إنتاجه حتى أوائل 2023 حاجز الـ5.2 مليون أوقية، محققًا عائدات فاقت 7.5 مليار دولار، إلى جانبه، ظهر منجم إيقات بتجارب تشغيل واعدة، فيما كشف منجم البرامية عن احتياطيات تتخطى 21 طنًا موزعة في ثلاث نطاقات رئيسية.
ضخ استثمارات في مصر
وفي أبو مروات، كان الإعلان الأبرز في يناير 2024، حين أكدت وزارة التموين اكتشاف احتياطي يُقدر بـ290 ألف طن ذهب، ما يمثل تحولًا اقتصاديًا محوريًا وفتحًا لسوق عمل جديدة في قطاع التعدين، وهذه الاكتشافات دفعت شركات عالمية لضخ استثمارات في مصر، خاصة بعد الإصلاحات التشريعية التي مهدت الطريق لجذب المستثمرين، وعلى رأسها فوز 11 شركة دولية بمزايدة الذهب عام 2020، واستحواذ "أنغلو غولد أشانتي" على "سنتامين" بقيمة 2.5 مليار دولار.
مناجم الذهب ركيزة لمعادلة اقتصادية متوازنة
تستهدف مصر رفع مساهمة التعدين إلى 5% من الناتج المحلي، مع ضمان الاستدامة من خلال الإدارة المصرية لمشاريع جديدة مثل "حنجلية وأم عود"، والاعتماد على الكفاءات المحلية، وفي ظل هذه الاستراتيجية، لا تُعد مناجم الذهب مصدرًا للاحتياطي النقدي فقط، بل ركيزة لمعادلة اقتصادية متوازنة تُخفف من أسعار الذهب محليًا وتمنح الأجيال المقبلة أمانًا ماليًا مستدامًا.
