فتح الحادث، الذي أودى بحياة طفل قاصر ينحدر من دوار تسكينت بجماعة إيكيدي الواقعة بإقليم تارودانت، نتيجة تعرّضه للدغة أفعىً سامّة، الباب أمام نقاش عمومي موسّع انصبّ بالأساس حول سُبل تفادي سيناريوهات مماثلة بتراب الإقليم.
وتعود هذه الواقعة إلى مطلع الأسبوع الماضي حين تم نقل الطفل المصاب من مدشره صوب المستشفى الإقليمي “المختار السوسي” حيث فارق الحياة متأثّراً بشدة اللدغة وبطول المدة الزمنية التي تطلّبها تلقّيه العلاجات الأولية.
ولم يقف النقاش عند واقع الخدمات الصحية بالمنطقة فقط، بل حاول ملامسة الوضعية المجالية لإقليم تارودانت “المترامي الأطراف”، بجماعاته الـ89 ذات الأغلبية القروية، مع وجود مستشفى إقليمي وحيد يستقبل حالات من مناطق تبعد عنه بأزيد من 100 كيلومتر.
أمصال متوفرة
كشف مصدر صحي مسؤول، تفاعلا مع الحادث، أن “المصل المضاد للدغات الأفاعي متوفر على مستوى المستشفى الإقليمي المختار السوسي بمدينة تارودانت، إذ يتم القيام بالعمليات اللازمة عند استقبال أي حالة واردة من مختلف مناطق الإقليم”.
وأكد المصدر ذاته لهسبريس أنه “يتم التوصل بالأمصال المضادة والضرورية للتعامل مع هذه الحالات من المديرية الجهوية للصحة بسوس ماسة في كل سنة”، مضيفا أنه “يتم الحرص على التجاوب مع مختلف الحالات إلى درجة أن التدخلات الطبية ساهمت في تحسّن وضعية عدد منها”.
وزاد قائلاً: “الإشكالية المطروحة حالياً هي المدّة الزمنية التي يقتضيها وصول الشخص المصاب إلى المستشفى، باستحضار شساعة الإقليم وترامي أطرافه ووعورة تضاريسه أيضا. فكلّما طالت هذه المدّة كانت فعالية تدخل الطاقم الصحي محدودة”.
وأشار إلى أنه “من المرتقب حدوث تراجع في منسوب الضغط الذي يشهده المستشفى الإقليمي الواقع بمدينة تارودانت، بعد الانتهاء من تشييد مستشفيات القرب المُبرمجة بمركز إيغرم وأولاد برحيل وتاليوين”.
بُعد عن الخدمات
رأت إطارات جمعوية في الحادث الذي أودى بطفل جماعة إيكيدي صورة مصغّرة عن وضعية إقليم تارودانت، مما جعلها تطالب بـ”تخفيف الضغط الحاصل حاليا على مركزه بإحداث عمالة جديدة على الأقل، سواء بتاليوين أو أولاد برحيل أو أولاد تايمة”.
وقال الحسين اليوسفي، عضو مؤسس لـ”منتدى سوس العالية”، إن “شساعة إقليم تارودانت تقف عائقاً أمام كل جهدٍ يمكن أن يُبذل من أجل إحقاق التنمية بعموم جماعاته الـ89، سواء تعلّق الأمر بمجال الصحة أو بباقي المجالات”.
وأكد اليوسفي، في تصريح لهسبريس، أن “إعادة النظر في تركيبة الإقليم ستمكّن من تقليص المسافات التي تفصل المواطنين عن المستشفى الإقليمي الوحيد الموجود هناك، وسيمكّن ذلك من فتح الباب أمام إنشاء مستشفيات من الصنف نفسه”، لافتا إلى أن “طول المسافات يقلّل نجاعة التدخلات في مختلف الحالات، سواء تعلّق الأمر بحوادث سير أو لدغات أفاعٍ وغيرها”.
من جهته، أوضح إدريس عقيق، فاعل حقوقي بجهة سوس ماسة، أن “إشكالية البعد عن الخدمات الصحية تبقى واقعية بإقليم تارودانت ما لم يتم المرور نحو التأسيس لأقطاب مجالية داخله، بخلاف الوضعية الحالية التي يحمل فيها مركز واحد الثقل كله”.
واستحضر المتحدث، في تصريح لهسبريس، “أولوية الانتقال نحو أقطاب صحّية توفّر الخدمات نفسها التي يوفّرها المستشفى الإقليمي المختار السوسي حالياً، أو أفضل، بغرض تخفيف الضغط عنه، وتقريب الخدمة الصحية من ساكنة مختلف الجماعات”.