يستمر القطاع الصحي ومهنيّو الطب المغاربة في الاستفادة ممّا تُتحيه تقنيات جديدة ومبتكرة، خاصة في ما يرتبط بالجراحة بالمنظار، إذ تم اعتماد تقنية جديدة استُخدمت لأول مرة بالمغرب والقارة الإفريقية خلال عملية جراحية لاستئصال الرحم لسيدة يقترب عمرها من الأربعينات، جرت اليوم الأربعاء (تاسع يوليوز الجاري) بمستشفى السويسي للولادة التابع للمركز الاستشفائي الجامعي ابن سينا.
ويتعلق الأمر بتقنية تُعرف بين أخصائيي الجراحة النسائية اختصاراً بـ”v-NOTES”، وتخص أساسًا عمليات جراحة، مثل “استئصال الرحم” أو العمليات المرتبطة بالمَبيضيْن و”قناتيْ فالوب”، عبر “تقنية المنظار المهبلي” (vaginal Natural Orifices Transluminal Endoscopic Surgery).
إنجاز طبي وطنياً وإفريقيًا
ثمّن مستشفى الولادة السويسي، في بلاغ رسمي، ما اعتبره “أول تدخل جراحي نسائي بتقنية v-NOTES”، موردا: “في خطوة تُعد سابقة على الصعيدين الوطني والقاري نجحت مؤسستنا في إجراء أول تدخل جراحي في مجال أمراض النساء باستخدام تقنية v-NOTES (الجراحة التنظيرية عبر الفتحة الطبيعية– عن طريق المهبل)، وهي تقنية جراحية طفيفة التوغل تُعد من أحدث الابتكارات في هذا المجال”.
وحسب معلومات استقتها هسبريس، على هامش معاينتها تفاصيل إجراء العملية اليوم الأربعاء، من مسؤولي مصلحة جراحة النساء والتوليد والجراحة بالمنظار بـ”مستشفى الولادة السويسي” في “CHU ابن سينا”، فإن اعتماد جراحة “V-Notes” يمثل “تقدماً كبيراً في مسار جراحة أمراض النساء بالمغرب”.
ومن خلال الجمع بين ضمان أعلى ظروف السلامة والأمان وراحة المريض والتميّز التقني تُمهد هذه الطريقة المبتكَرة، التي تمت من طرف فريق طبي جراحي مغربي، بتعاون وتأطير من فريق طبي مؤهّل بأحد مستشفيات فرنسا، لـ”عصر جديد من الجراحة ‘طفيفة التوغل’ التي تركز على جودة الرعاية الصحية، ونقص التكاليف، وكذا إمكانية أن تستعيد الخاضعة للجراحة عافيَتها في غضون اليوم نفسه؛ ما يُقلص فترة النقاهة”
تحديثٌ وفوائد
أكد البروفيسور عبد العزيز بيدادة، رئيس مصلحة جراحة النساء والتوليد والجراحة بالمنظار في مستشفى الولادة السويسي بالرباط، أنه “من خلال إدخال هذه التقنية لأول مرة في مستشفانا، وكذا استعمالها على صعيد المغرب والقارة الإفريقية، فإننا لا نقوم فقط بتحديث نطاق الرعاية التي نُقدمها؛ بل نؤكد التزامنا بالابتكار والريادة الطبية ورفاهية المرأة وتطوير جراحة النساء والتوليد لصالحها، باعتبارها تدخل ضمن نطاق ما تعرف بالجراحة المستقبَلية”.
وشرَح بيدادة، ضمن تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أهمية اعتماد هذه التقنية الجديدة في الجراحة النسائية بالمنظار، مورداً أنها “مهمّة جدا في المسار المهني لأخصائيي جراحة النساء والتوليد، وكذا في سياق مواكبتها تنزيل إصلاح المنظومة الصحية بالمغرب”.
وقال المتحدث ذاته: “التقنية سالفة الذكر تتعلق بالجراحة المستقبلية عبر الفتحات الطبيعية في الجسم. كما أنها تُعتبر ابتكارًا هامًا في السنوات العشر الأخيرة.. إنجازنا هذه العملية الجراحية اليوم بمستشفى السويسي جاء ثمرة مشروع قيد العمل اشتغلنا عليه منذ ست أو سبع سنوات، ويتطلب تقنيات دقيقة”، مفيدا بأن “ذلك تم بدعم وإشراف من رئيس المؤسسة الصحية والمركز الاستشفائي الجامعي ابن سينا”.
وأشار البروفيسور المتخصص في جراحة النساء والتوليد والجراحة بالمنظار إلى “إقامة ورشة مهنية عملية لمعرفة التقنية الجديدة وتطبيقها عمليًا من طرف المهنيين في هذا التخصص”، مردفا بأن أبرز مزاياها تتمثل في أنها “جراحة جديدة تختصر الوقت وتُقلّل الألم لدى المريضة، وكذا تمكن من تقليص التكاليف ومدّة العلاج، إذ يمكن مغادرة المشفى بسلامة في يوم العملية نفسه”.
“جراحة بلا ندوب”
حسب شروحات قدمت لهسبريس فتقنية “v-NOTES” تمكّن من إجراء عدد من التدخلات الجراحية النسائية، مثل “استئصال الرحم” أو العمليات المرتبطة بالمَبيضيْن و”قناتيْ فالوب”، عبر المهبل، دون الحاجة إلى أي شق بطني. وتعتمد هذه الطريقة على جهاز خاص يُدخل عن طريق المهبل، يُحدث حيّزًا جراحيًا يتيح الوصول المباشر إلى الرحم والأعضاء المستهدفة بأمان وفعالية.
وتُوفر هذه التقنية المتقدمة “فوائد ملموسة وسريعة للمرأة”، بحسب ما أبرزه مسؤولون بالمستشفى للجريدة، مؤكدينَ أن من أبرزها: “عدم وجود أي نُدوب ظاهرية”، مع “آلام أقل بعد الجراحة”؛ كما تتيح “إمكانية الخروج من المستشفى في اليوم نفسه”، وتضمن “فترة نقاهة أقصر، مع انخفاض خطر حدوث مضاعفات بعد العملية”، ثم “تقليص تكاليف الاستشفاء والأعباء المالية على المريضة”.
نقلة نوعية في الجراحة النسائية
من جهته أوضح الدكتور الحسين مَعوني، أخصائي أمراض النساء والتوليد ومدير مستشفى الولادة السويسي- التابع للمركز الاستشفائي الجامعي ابن سينا بالرباط، ورئيس الجمعية الملكية لأمراض النساء والتوليد، أن “اعتماد تقنية v-NOTES خطوةٌ رائدة نحو تحديث مسارات الرعاية الجراحية في طب النساء والتوليد، من خلال تقديم حلول أكثر دقة، وأقل تدخلاً، وأكثر إنصافا لجسد المرأة”.
معوني، ضمن تصريح لهسبريس بالمناسبة، نوّه إلى أن “الجراحة بهذه التقنية مفيدة لصحة المرأة المغربية وتساهم في تدريب وتكوين مستمر للأطباء من الجيل الصاعد”، فضلا عن كون “مستشفى السويسي للولادة يحتضن فعاليات مهمة لتطوير تقنيات الجراحة ودعم الطواقم الطبية”، متابعا بأنه “يمكن أن تكون هذه المبادرة نموذجاً للمؤسسات الصحية الأخرى في جميع أنحاء المملكة، وتجعل اعتمادها معياراً في تطور الابتكار الصحي وتطبيقاته”.
وأضاف مدير المستشفى: “أشكُر مختلف الطواقم الطبية والصحية والتمريضية بمؤسستنا التي تواكب أحدث ابتكارات الطب الجراحي المتخصص في مجال الجراحة النسائية”، خاتما: “إننا من خلال هذا الإنجاز النوعي نُكرّس موقع مؤسستنا كفاعل طبي مرجعي في هذا المجال على المستويين الوطني والإقليمي، كما نأمل أن تشكل هذه المبادرة نموذجًا يُحتذى به في مؤسسات صحية أخرى، بما يسهم في الارتقاء بجودة الخدمات الصحية النسائية في المغرب وإفريقيا”.
" frameborder="0">