أخبار عاجلة
عمال "سامير" ينادون بتكرير النفط -
تنصيب رئيس جديد لمحكمة زاكورة -
استهلاك المخدرات يرتفع عبر العالم -

الجزائر توظف ورقة النفط والغاز لعرقلة موقف أمريكا من الصحراء المغربية

الجزائر توظف ورقة النفط والغاز لعرقلة موقف أمريكا من الصحراء المغربية
الجزائر توظف ورقة النفط والغاز لعرقلة موقف أمريكا من الصحراء المغربية

استقبل الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، بحر هذا الأسبوع، وفدين من شركتي “شيفرون” و”إكسون موبيل” الأمريكيتين، في خطوة تفسر انفتاح الجزائر على كبريات الشركات العالمية في مجال الطاقة ومحاولة استثمار هذا الاتجاه لتعزيز موقعها في علاقاتها مع الولايات المتحدة.

يكشف هذا التحرك المدروس رغبة الجزائر في توظيف ورقة النفط والغاز لجذب استثمارات استراتيجية، وفي الوقت نفسه بناء قنوات تأثير غير مباشرة داخل دوائر القرار بواشنطن، وذلك من خلال التقاطع مع مصالح لوبيات الطاقة الأمريكية، واستغلال الظروف الإقليمية والدولية التي تتسم بتعقيدات أمنية واقتصادية حرجة.

وتعد الشركتان من أكبر الفاعلين في قطاع الطاقة العالمي؛ إذ تتمتع “إكسون موبيل” بتاريخ طويل منذ اندماج “إكسون” و”موبيل” سنة 1999 تحت إرث “ستاندرد أويل”، بينما تنشط “شيفرون” منذ عقود كمجموعة متكاملة في النفط والغاز، وتربطهما علاقات عميقة بمؤسسات القرار الاقتصادي والسياسي في الولايات المتحدة.

تسعى الجزائر إلى تثبيت نفسها كمصدر بديل للغاز نحو أوروبا بعد اضطرابات السوق الطاقية، كما توظف هذه اللقاءات كجزء من استراتيجية أوسع لتحسين صورتها الخارجية، خصوصا لدى الفاعلين الأمريكيين، مع التركيز على إسهام هذا التقارب في التأثير غير المباشر على موقف واشنطن من بعض القضايا الخلافية، وفي مقدمتها نزاع الصحراء المغربية.

ومع استمرار دعم الإدارة الأمريكية لمبادرة الحكم الذاتي التي تقدم بها المغرب باعتبارها الحل الواقعي والدائم لهذا النزاع الإقليمي المفتعل، يطرح هذا الانفتاح الأول من نوعه على شركات النفط الأمريكية تساؤلات حول حدود الرهان الجزائري وفعاليته في تعديل مواقف دولية صارت أكثر قربا وتفاهما مع الطرح المغربي، خاصة في ظل ما بات يوصف بـ “تغير قواعد اللعبة الدبلوماسية في المنطقة”.

ابتزاز اقتصادي

قال الدكتور الشيخ بوسعيد، باحث في القانون العام مهتم بنزاع الصحراء المغربية، إن استقبال الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون خلال هذا الأسبوع وفدين رفيعين من شركتي “شيفرون” و”إكسون موبيل” الأمريكيتين، يعكس توجها جزائريا متجددا لتوظيف ورقة الطاقة كأداة استراتيجية في خدمة أجندته السياسية، خصوصا ما يتعلق منها بالنزاع الإقليمي حول الصحراء المغربية، في محاولة مكشوفة لاستمالة كبريات الشركات الأمريكية لبناء قنوات تأثير غير مباشرة داخل دوائر القرار في واشنطن.

وأوضح بوسعيد، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن هذه اللقاءات لا يمكن فصلها عن سعي الجزائر لإيجاد موطئ قدم داخل منظومة الضغط الأمريكية، عبر التلويح بفرص استثمارية واعدة في مجالات المحروقات، وذلك في أفق التأثير على مواقف الإدارة الأمريكية تجاه قضية الصحراء، رغم أن الأخيرة، منذ عهد الرئيس دونالد ترامب، تبنت موقفا واضحا بدعم مبادرة الحكم الذاتي المغربية، واعترافها الصريح بسيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية.

وأكد المتحدث أن النظام الجزائري دأب على استخدام شركة “سوناطراك” كأداة دبلوماسية موازية، تخصص لها مهام نسج علاقات اقتصادية تخدم خلفيات سياسية، مستشهدا بتوقيع اتفاقيات تعاون بين “سوناطراك” و”شيفرون” لتطوير الحقول الطاقية في “أهنات” و”بركين”، وهي مناطق غنية في الجنوب الجزائري، فضلا عن توقيع مذكرتي تفاهم مع شركة “أوكسيدنتال بتروليوم” الأمريكية خلال المنتدى الجزائري الأمريكي للطاقة الذي انعقد بهيوستن في أبريل الماضي.

وأضاف الباحث في خبايا النزاع أن مثل هذه التحركات لا تنفصل عن استراتيجية أوسع تعتمدها الجزائر منذ سنوات، تقوم على توظيف إمكانياتها الطاقية لكسب تأييد بعض العواصم العالمية لمواقفها في ملفات حساسة، وعلى رأسها نزاع الصحراء المغربية، عبر منح امتيازات اقتصادية ضخمة لشركات متعددة الجنسيات، في مقابل مواقف سياسية ولو غير معلنة، تفهم من سياق الاصطفاف أو التحفظ داخل المؤسسات الدولية.

وفي هذا السياق، يرى الشيخ بوسعيد أن هذه الرهانات تبقى محفوفة بالمخاطر، لا سيما وأن الموقف الأمريكي من قضية الصحراء المغربية بات أكثر رسوخا في الإدارات المتعاقبة، مشددا على أن “المغرب من جهته يواصل التمسك بخيار الحوار والتعاون الإقليمي مع الجزائر، باعتبار أن الحل النهائي لهذا النزاع المفتعل لن يكون إلا سياسيا، وضمن إطار يحترم السيادة الوطنية ويخدم الاستقرار الإقليمي المشترك”.

مناورة مكشوفة

من جانبه، سجل ددي بيبوط، باحث في التاريخ المعاصر والحديث، أن تحركات الجزائر الأخيرة، خاصة على مستوى الانفتاح على كبريات الشركات الأمريكية في مجال الطاقة، لا تعكس توجها اقتصاديا صرفا لتنشيط السوق الوطنية أو دعم جهود التنمية، بقدر ما تندرج في إطار مقاربة سياسية تسعى من خلالها السلطات الجزائرية إلى استغلال ما تبقى لها من أوراق ضغط للتأثير في موقف الولايات المتحدة من قضية الصحراء المغربية، بعدما حسمت الإدارة الأمريكية منذ 2020 دعمها الصريح لمغربية الأقاليم الجنوبية.

واستحضر بيبوط، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن السلوك السياسي للجزائر في الفضاءات الدبلوماسية والإعلامية لم يخرج يوما عن هوس معاداة المملكة المغربية، سواء في المحافل الإقليمية أو داخل المنتديات الحقوقية والثقافية، مشيرا إلى أن “الجزائر تبذل جهودا كبيرة لمحاولة استمالة أطراف خارجية للقبول بأطروحتها الانفصالية، أو لدفع فاعلين آخرين إلى التراجع عن مواقف معلنة أو في طور التشكل، بشأن أحقية المغرب في صحرائه ومشروعية مخطط الحكم الذاتي كحل جاد وواقعي لهذا النزاع المفتعل”.

وحسب المتحدث ذاته، فإن السلطات الجزائرية لا تتوانى في استخدام ورقة الطاقة لتحديد شكل علاقتها مع عدد من الدول؛ إذ تربط تطبيعها أو توترها بمواقف هذه الدول من ملف الصحراء، ويتجسد ذلك من خلال منح امتيازات اقتصادية مغرية أو سحب سفراء وقطع علاقات عند تغير المواقف، كما حدث في فترات التوتر مع كل من مدريد وباريس؛ وهي توترات لم تكن مرتبطة بحماية مصالح الشعب الجزائري أو الدفاع عن تاريخه الاستعماري، وإنما بتقلب مواقف تلك العواصم من سيادة المغرب على صحرائه.

وتابع الخبير ذاته بأن الجزائر، وإن بدت تخفف من لهجتها أحيانا مع بعض القوى الكبرى كواشنطن، إلا أن ذلك يرتبط بحسابات دقيقة تتعلق بتفادي التصعيد مع طرف له تأثير مباشر في قرارات مجلس الأمن وهيئات الأمم المتحدة، مضيفا أن “تجربة إدارة ترامب أظهرت أن صانعي القرار الأمريكيين ينظرون بريبة إلى موقع الجزائر ضمن محاور معادية للمصالح الغربية، على غرار إيران وفنزويلا وجنوب إفريقيا، فضلا عن التنسيق العسكري المتقدم مع روسيا ومالي؛ ما يقلص من فرص اختراق الجزائر للمنظومة الأمريكية عبر البوابة الاقتصادية وحدها”.

وختم ددي بيبوط تصريحه لهسبريس بالتأكيد على أن العروض الجزائرية المقدمة لشركات “شيفرون” و”إكسون موبيل” لن تجد صدى حقيقيا داخل مراكز التأثير في واشنطن، لأسباب متعددة، أبرزها عمق الشراكة الاستراتيجية التي تربط المغرب بالولايات المتحدة، إضافة إلى الموقع المتقدم الذي يحتله المغرب داخل تحالفات إقليمية كبرى مثل مجلس التعاون الخليجي، وكذا استقرار بيئته المؤسساتية والتشريعية التي تعزز جاذبيته كمركز إقليمي للاستثمار، مشددا على أن “التموقع المغربي المدعوم بشرعية ميدانية ودبلوماسية يصعب زحزحته بالرهانات الظرفية أو بمناورات الطاقة”.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق لالة حليمة السُّفيانية
التالى حضرت احتفالية.. محامي نوال الدجوي يرد على تحدي الخصوم: "الدجوي في كامل قواها العقلية