أخبار عاجلة
موعد أول يوم عمل للبنوك بعد عيد الأضحى 2025 -

الذكرى الرابعة لرحيل خالد الجامعي .. الصحافي صاحب مقال "شكون نتا؟"

الذكرى الرابعة لرحيل خالد الجامعي .. الصحافي صاحب مقال "شكون نتا؟"
الذكرى الرابعة لرحيل خالد الجامعي .. الصحافي صاحب مقال "شكون نتا؟"

أربع سنوات طُويت مُذْ رحيل الصحافي والمحلّل المغربي البارز خالد الجامعي، الذي قاده عمله الصحافي إلى السجن، والمسؤولية التحريرية والاستشارية في الصحافة والوزارة، ودعم عبر مهمّاته مشاريع سياسية وثقافية وفنية، وفكرة “حرية الرأي والتعبير” ضدّ الرقابة، وطبع مشهد الصحافة والرأي والسياسة بآراء من أكثرها استمرارا في تاريخ الصحافة المغربية مقال عنوانه “شكون نتا؟” أي “من أنت؟”.

خالد الجامعي الذي نعاه الملك محمد السادس برسالة خاصة قال فيها إنه “صحافي مقتدر، ومناضل ومثقف ملتزم، مشهود له بالنزاهة الأخلاقية، والثبات على المبادئ، والصدق والموضوعية والمهنية العالية، سواء في كتاباته الصحفية، أو في مواقفه السياسية”، جمع نعيه، في فترة الاستثناء الصحي، صحافيين وسياسيين ومثقفين من انتماءات سياسية متعددة، وخاصة المعارضة منها يسارا ويمينا.

هذا المقال الذي نشر بالفرنسية في جريدة “لوبينيون” (الرأي) الناطقة باسم أحد أكبر الأحزاب المغربية “الاستقلال” الذي كان يقوده وزير الخارجية السابق الراحل امحمد بوستة، ويؤرّخ، إثر كتابته في 22 نونبر 1993، لموقف ذي أثر بعدما استدعى رئيسَ التحرير خالداً الجامعي وزيرُ الداخلية والإعلام آنذاك إدريس البصري، فتشبّث عبر هذه الرسالة المنشورة صحافيّا بممارسة “تلك الشفافية التي غالباً ما تفتقر إليها نقاشاتنا وتدافعاتنا السياسية، والتي ستمكن شعبنا بالحكم بنفسه”.

الرسالة التي ترجم أصلَها إلى العربية الباحث والإعلامي سعيد السالمي، جاءت بعدما استدعى إدريس البصري خالداً الجامعي إلى مكتبه ليسائله حول ما كتبه من كون “الانتخابات تزور دائماً منذ 20 سنة”، وبأن المغرب “يعيش في ظل نظام الحزب الوحيد، الذي يسمى بالحزب السري”، فكانت قصّة المقال: “عندما دخلت إلى مكتبك الكبير الواسع، سألتني بنبرة سلطوية حادة لا تخلو من احتقار: “شكون نتا؟” الجواب تعرفه بالطبع حيث أتيحت لنا الفرصة للتعريف بأنفسنا في مرات عديدة. لكن سؤالك له معنى آخر وهو التنمر. هكذا على الأقل شعرت به”.

وتابع في محطّة أخرى من المقال: “لقد تحول الكاتب العام في وزارة الإعلام إلى وكيل للنيابة العامة يقرأ لائحة تهم حقيقية. وتحول مكتب وزير الداخلية، بالنسبة لي، إلى محكمة تفتيش وكنت أنتظر أن أرى بجانبي في قفص الاتهام، الأستاذ بوستة والسيد اليوسفي والسيد بنسعيد وحتى السيد عصمان وأحرضان والمعطي بوعبيد وعلي يعتى، لأن هؤلاء جميعا قالوا علناً إن الانتخابات الأخيرة كانت مزورة، وإن الإدارة التي أشرفت على إجراء هذه الانتخابات هي المسؤولة عن هذه الخروقات. كما تبادرت إلى ذهني تصريحات الملك الحسن الثاني التي منع فيها على الإدارة أي تدخل في العملية الانتخابية. لماذا لم تحترم هذه التعليمات الملكية؟”.

إلى أن يكتب الجامعي: “عادت ذاكرتي إلى الوراء عندما حدثني والدي عن “استنطاقه” كأول سياسي وطني تم اعتقاله من طرف بوشتى البغدادي الذي كان وقتها باشا مدينة فاس. “استنطاق” اتهموه فيه بالرغبة في محاربة المحتل الفرنسي والدفاع عن مغرب حر ديمقراطي، وانتهى الأمر بالباشا البغدادي أن أمر أحد خدمه بضرب والدي تحت أقدامه مرات عديدة (الفلقة). لقد حدث هذا قبل سبعين سنة”.

وتابع: “هكذا، السيد الوزير، انتزعني صوتك من تلك اللحظة حيث توقف الزمن وسمعتك تقول: “أقوى منك وأفضل منك قمت باعتقالهم”. ما أجبت عليه قائلا: “هذا قدرنا، ولا يخيفني أن أذهب إلى السجن”. “أخرج”… وفتحت الباب”.

ومن بين ما بسطه الجامعي في مقاله “شكون نتا؟”: “على أية حال، وكيفما كان الحال، هذا لا يغير شيئا من المشكلة المطروحة، ألا وهي أنك قمت، مرة أخرى، بممارسة سلطة لا يخولها لك أي نص قانوني بصفتك وزيراً بسيطاً معيناً ينتظر تنصيب الحكومة التي ينتمي إليها (…) حتى إذا اعتبرنا أن حكومتك حصلت على ثقة البرلمان، فلا يوجد هناك قانون يخول لك سلطة استدعائي إلى مكتبك في مقر وزارة الداخلية.

كيفما كان الداعي، لا شيء يبرر قانونياً استدعائي إلى إدارة لا علاقة لي بها، أي وزارة الداخلية. يمكنك أن ترد علي بأنك مسؤول أيضاً عن الإعلام. في هذه الحالة، أقل ما يمكن فعله هو أن ينعقد الاجتماع في وزارة الإعلام. إن اختيار المكان له دلالته ورمزيته. طبعاً، لم يتم إبلاغي أبداً بسبب الاستدعاء. أبلغني الكاتب العام لوزارة الإعلام في مكالمة هاتفية بضرورة الحضور إلى وزارة الداخلية، 120 دقيقة فقط قبل الموعد المحدد للاجتماع. لا شك أنك تتفق معي على أنها أساليب أقل ما يمكن قوله إنها عجرفة تفترض مسبقاً أنني، بصفتي مواطناً، لا أستطيع التصرف في وقتي بحرية، ويجب أن أكون متاحاً في جميع الأوقات لتلبية الاستدعاء من أي وزير”.

وفي المقال “تطهير ذاتي” أيضا: “أعترفُ أنني ارتكبت خطأً فادحاً لأن لا شيء يلزمني قانونياً أن أرضخ وأمتثل. هل فعلت ذلك بدافع الخوف؟ أم من باب المجاملة؟ أم تضامناً مع مديري؟ ربما تكمن الإجابة في الربط بين هذه الدوافع الثلاثة. وقد يكون أيضاً لأن هذه الممارسة أصبحت شائعة، وتحولت، على مر السنين، إلى واحد من تلك القوانين غير المكتوبة التي انتهى بها الأمر إلى الدخول في لائحة الأعراف التي لا تزال تعيق بناء دولة الحق والقانون”.

ووصل خالد الجامعي إلى أقوى لحظات المقال: “هنا أيضًا، أعترف أننا، كمواطنين وصحافيين، نتحمل قدراً كبيراً من المسؤولية في هذا الوضع. ذلك لأننا قبلنا قواعد لا يفرضها علينا أي قانون، ولأننا حنيْنا ظهورنا، ونسينا أن لدينا عمودا فقريا وظيفته الأساسية هي الوقوف بشكل مستقيم ورفع الرأس، وصرنا نجهل أن بلدنا يتوفر على مجموعة من القوانين التي تدافع عنه. هذا الجهل أريد له أن يكون، وتم تشجيعه من طرف المستفيدين منه”.

ليخلص إلى أن “التنازلات الصغيرة تتحول مع مرور الوقت إلى تنازلات كبرى، كما أن الخوف والمخاوف الصغيرة تتحول مع مرور الوقت إلى خنوع واستسلام”؛ فـ”ما يتغذى عليه الشطط في استخدام السلطة هو خوفنا وخنوعنا اليومي”.

وسجّل الجامعي: “في مقالي الذي جرّمتموه، أصررت مرتين على دور الملكية في بلادنا، وأوضحت أن معركتنا تكمن في تقوية ملكيتنا في إطار ملكية دستورية ديمقراطية. وهذه قناعة راسخة وضرورة أملاها ماضي ومستقبل بلادنا. إن تنديدنا بالتزوير، والخروقات التي طبعت الانتخابات في بلادنا منذ سنوات طويلة، وممارسات الحزب السري، ذلك الحزب الإداري الذي حول نفسه إلى حزب وحيد، له هدف وحيد هو بناء دولة حق وقانون حقيقية، وضمان استمرارية ملكيتنا الدستورية”.

بالتالي: “السعي في هذا الاتجاه يمثل تحدي “رب السجن أحب إلي مما يدعونني إليه”، وأقصد بذلك الصمت وعدم التنديد بما يضر بهذا الهدف الذي حددته معارضتنا لنفسها بشكل قانوني. إنني في المعارضة منذ أكثر من 24 سنة، ولا أملك سيارة، ولا منزلاً، ولا حساباً بنكياً. لكنني لم أتغير، وبقيت مبادئي ثابتة على الدوام، تلك التي تعلمتها من الفقيه الغازي، وبوشتى الجامعي، وبوشعيب اليزيدي، والمختار السوسي، والحاج عمر بن عبد الجليل، والهاشمي الفيلالي، وعلال الفاسي، مغاربة تعلمت منهم، في بيت والدي في درب السبنيول زنقة 12، رقم الدار 9، في درب السلطان بالدار البيضاء، المعنى العميق لهذه المقولة التي قالها الخليفة عمر بن عبد العزيز منذ قرون: “السلطة قدوة وليست قوة””.

ليختم الجامعي مقاله قائلا: “هل أجبتك على سؤالك المتكرر “شكون نتا”؟ لقد تحدثت إليكم من مواطن إلى مواطن، لأن الوزير، وإن كان وزير دولة، يجب أن يكون مواطناً أولاً، وإلا فكيف يفهم مواطنيه؟”، ويمهره بتوقيع: “مع خالص التقدير وبدون ضغينة. خالد الجامعي”.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق فوز سيراميكا والبنك على الإسماعيلي وإنبي بذهاب نصف نهائي كأس عاصمة مصر
التالى حضرت احتفالية.. محامي نوال الدجوي يرد على تحدي الخصوم: "الدجوي في كامل قواها العقلية