في نبرة تشاؤمية غير مسبوقة، أعلن نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي ريابكوف أن موسكو لم تعد ترى أي فرصة واقعية لإنقاذ الاتفاق النووي الأخير القائم مع الولايات المتحدة، المعروف باسم "نيو ستارت"، والمقرر أن ينتهي في فبراير 2026، وسط تصاعد التوترات بين البلدين.
وصف ريابكوف العلاقات مع واشنطن بأنها مدمرة، مؤكداً أن مشروع القبة الذهبية الدفاعي الذي يقترحه الرئيس الأميركي دونالد ترامب يمثل تهديداً زعزع الاستقرار ويقوّض أي جهود مستقبلية للسيطرة على الأسلحة.
ما هي معاهدة "نيو ستارت"؟
تعد "نيو ستارت" (New START) آخر اتفاقية ثنائية سارية بين موسكو وواشنطن للحد من الأسلحة النووية الاستراتيجية. تم توقيعها في 2010 ودخلت حيز التنفيذ في 2011، وتهدف إلى تقليص الرؤوس النووية المنتشرة إلى 1550 لكل طرف، وتسمح بآليات للتحقق المتبادل تشمل التفتيشات المنتظمة وتبادل البيانات.
لكن في فبراير 2023، علّق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مشاركة موسكو في المعاهدة، معتبراً أن الدعم الأميركي لأوكرانيا هو العقبة الأساسية لاستمرار التعاون في هذا المجال.
ورغم ذلك، التزمت موسكو شكلياً بحدود الأسلحة المنصوص عليها في الاتفاق، مع وقف جميع إجراءات التحقق المتبادلة.
غياب البدائل يهدد الاستقرار العالمي
المقلق أكثر هو غياب أي محادثات أو مقترحات جديدة لاستبدال المعاهدة، حيث أكدت موسكو، بحسب وكالة "تاس"، أن لا شيء مطروحاً حالياً على الطاولة، ما يزيد من احتمالية انتهاء الاتفاق دون بديل في عام 2026.
ويرى محللون أن غياب إطار قانوني يضبط الترسانات النووية لأكبر قوتين نوويتين في العالم سيؤدي إلى سباق تسلح جديد، خاصة مع تنامي قدرات قوى نووية أخرى مثل الصين، والتوسع في تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي والأسلحة الفضائية.
رسالة موجهة لواشنطن؟
يرى مراقبون أن إعلان ريابكوف ليس فقط مؤشراً على فشل دبلوماسي، بل أيضاً رسالة ضغط لواشنطن في وقت تتزايد فيه الخلافات حول أوكرانيا، والتوازنات العسكرية في أوروبا، ونوايا إدارة ترمب بتوسيع نظام الدفاع الصاروخي الأميركي بشكل أحادي.
في ظل هذا المناخ المتوتر، يبدو أن عصر ضبط النفس النووي يقترب من نهايته، ما يعيد إلى الأذهان أجواء الحرب الباردة، ولكن في عالم أكثر خطورة وتعقيداً تكنولوجياً.