أطلقت المجتمعات المقيمة بالقرب من عمليات التعدين في جنوب أفريقيا صرخات استغاثة من آثار تحول الطاقة غير العادلة، معربةً عن مخاوفها من أن تسارع وتيرة العملية قد يؤدي إلى استمرار استغلالها وتهميشها وإهمالها تحت شعار "التحول الأخضر".
وأظهرت نتائج تقرير حديث، حصلت منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن) على نسخةٍ منه، أنه مع إغلاق مناجم الفحم حاليًا، وتزايد الطلب العالمي على المعادن المُستعمَلة في التحول الأخضر؛ تواجه المجتمعات المتضررة من أنشطة التعدين موجةً أخرى من عدم اليقين واحتمال الإقصاء.
وعلى مدى عقود طويلة، تحمّلت المجتمعات المتضررة من التعدين لدى جنوب أفريقيا في مناطق مثل برغرسفورت ضمن مجمع بوشفيلد الغني بالمعادن، العبء الأكبر من اقتصاد التعدين والطاقة المعدنية في جنوب أفريقيا.
وواجهت تلك المجتمعات نزع ملكية الأراضي، والتدهور البيئي، والتلوث، والتهميش الاجتماعي والاقتصادي على نطاق واسع دون أن تستفيد بصورة أو بأخرى من الثروة المستخرَجة من المناطق المحيطة.
ومن هذا المنطلق أطلقت منظمة مجتمعات سيخوخوني المتضررة من التعدين (the Sekhukhune Combined Mining-Affected Communities)، واختصارها "إس سي إم إيه سي" (SCMAC) في جنوب أفريقيا؛ دعوةً للعمل ومخططًا للتغيير، يرتكز على تحدي نماذج الطاقة والصناعات الاستخراجية، ويُبرز دور الملكية الاجتماعية في ضمان مستقبل طاقة عادل وشامل.
و"سيخوخوني" هي مجموعة من المواطنين العاديين الذين قرروا تعزيز الطاقة المتجددة المملوكة اجتماعيًا في المجتمعات المتضررة من التعدين عبر الاستفادة من الطاقة الشمسية.
تحديات وفرص
تواجه مجتمعات التعدين تحديات وفرصًا صعبة في سياق تحول الطاقة العادل والطاقة المتجددة المملوكة اجتماعيًا، بحسب التقرير الذي أعدته "إس سي إم إيه سي" بالتعاون مع مركز الدراسات التطبيقية "سي إيه إل إس"، وحركة "350 أفريكا"، وشركة أهيناسا (Ahinasa)، وفق ما طالعته منصة الطاقة المتخصصة.
وأوضح التقرير أن الطلب على ملكية الطاقة المتجددة، بما في ذلك ملكية المجتمعات، جاء مدفوعًا بتحركات العمال والمجتمعات والمجتمع المدني في إطار التأكيد أن تحول الطاقة الذي يواجه آثار تغير المناخ لا يتجاهل العمال والمجتمعات.
وقال التقرير إنه على الرغم من أن البحوث التي أُجريت بشأن الملكية الاجتماعية بين العمال والمجتمعات تتزايد، لا سيما البحوث التي تقيّم الدروس المستفادة من مبادرات الملكية الاجتماعية، يبقى هناك قطاع مجتمعي رئيس غير مستكشَف بَعْد؛ وهو المجتمعات القريبة من عمليات التعدين.
وأوضح التقرير أن "مجتمعات التعدين المتضررة تلك لديها القدرة على تحقيق تقدم في الملكية الاجتماعية نتيجة الالتزامات القانونية الواقعة على شركات التعدين لدعم تطوير المجتمعات عبر الخطط الاجتماعية والعمالية".
وفشلت الخطط الاجتماعية والعمالية عمليًا في تحقيق تلك الأهداف التطويرية، وتشتمل التحديات المتضمنة في تنفيذ الخطط المذكورة على الحد الأدنى من الارتباط المجتمعي والامتثال المتواضع للوائح وتباطؤ تنفيذ المشروعات.
وأشار التقرير إلى أن الخبرات التي تتمتع بها المنظمات المجتمعية والمجتمع المدني بشأن أًطر الخطط الاجتماعية والعمالية، تعني أن مشروعات الطاقة المتجددة المملوكة اجتماعيًا من الممكن أن تكتسب زخمًا قويًا، لا سيما إذا كانت ترتبط ارتباطًا إستراتيجيًا بمسؤوليات تطوير قطاع التعدين في جنوب أفريقيا.

تحول الطاقة العادل
يسلّط التقرير الضوء على أهمية تحول الطاقة العادل الذي يمنح أولويةً إلى الأغلبية من الطبقة العاملة، لا سيما تلك التي تواجه الظلم الممنهج، موضحًا أن التحول الأخضر يتعيّن أن يركز على التحول إلى اقتصاد طاقة متجددة يخدم مصالح الأكثرية، وليس الأقلية.
وواصل التقرير: "وبخلاف ذلك ستظهر هناك مخاطر تكمن في استمرار هيمنة الأغلبية القوية الثرية، ومبادلة الطاقة المتجددة بالوقود الأحفوري دون تحويل النظام الرأسمالي الرئيس الذي يخدم تلك الفئة".
وأردف: "الطلب على الملكية الاجتماعية للطاقة المتجددة، بما في ذلك الملكية العامة والملكية المجتمعية وملكية العمال المحليين، تغذّيه قطاعات العمال والمجتمعات والمجتمع المدني، في إطار تحول الطاقة العادل".
وأتم: "الطاقة المتجددة المملوكة اجتماعيًا تدخل الآن مرحلة المناقشة العامة"، وفق ما تابعته منصة الطاقة المتخصصة.
وفي السياق ذاته أشار التقرير إلى أن هناك بحوثًا مهمة قد أُجريت لتحديد الملكية الاجتماعية للطاقة المتجددة، والتحقق من دراسات الحالة، بما في ذلك ملكية المجتمع والعمال لمصادر الطاقة النظيفة.

المجتمعات أساس التطوير
قال التقرير إن الآثار المحددة للمجتمعات المتضررة من التعدين لم تُستكشَف بعد بصورة كاملة، موضحًا: "تلك المجتمعات تواجه تحدياتٍ وفرصًا في سياق تحول عادل وطاقة متجددة مملوكة اجتماعيًا"، وفق ما تابعته منصة الطاقة المتخصصة.
وسرد التقرير، في النهاية عددًا من التوصيات التي جاءت على النحو الآتي:
- التمويل العام ووضع التشريعات لدعم مشروعات الطاقة المتجددة المملوكة اجتماعيًا في المجتمعات المتضررة جراء أنشطة التعدين.
- الاستثمارات الإلزامية بوساطة شركات التعدين في مشروعات تحول الطاقة التي تقودها المجتمعات، في إطار التزاماتها بالتطوير الاجتماعي بموجب قانون تنمية الموارد المعدنية والنفطية إم بي آر دي إيه (MPRDA).
- الأطر التنظيمية القوية وآليات النقل لدعم العدالة الإجرائية.
- بناء السعة والتدريب ودراسات الجدوى لضمان الملكية الاجتماعية والاستدامة على المدى الطويل.
- الاعتراف بحلول الطاقة المحددة بوساطة المجتمع في أُطر تحول الطاقة الوطني وسياسة المناخ.
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..
المصدر:
1.مجتمعات التعدين وتحول الطاقة العادل من تقرير منشور على موقع حركة "350 أفريكا".