في سبتمبر 2025، دخل الذكاء الاصطناعي مرحلة مهمة من التحول، تتجلى في اختراقات تقنية وتنظيمات قانونية متسارعة، ما يضع الصناعة والمجتمعات أمام تحدٍّ جوهري في كيفية الموازنة بين الابتكار والسلامة. هذا التقرير يستعرض أبرز المستجدات ويحلِّل تداعياتها المحتملة.
اختراق تقني تاريخي: Gemini 2.5 والبرمجة الواقعية
أعلنت شركة Google DeepMind عن إنجاز يُعتبر تاريخيًا لنموذجها Gemini 2.5، حيث فاز بالميدالية الذهبية في مسابقة البرمجة الدولية الجامعية بعد أن حل تحديًا واقعيًا يتعلق بتوزيع السوائل داخل شبكة من القنوات والخزانات. التحدي كان معقدًا للغاية، إذ يتضمّن عددًا غير محدود من الحلول الممكنة.
تمكّن Gemini 2.5 من التفوق على فرق بشرية متخصصة من جامعات مرموقة، وهو ما يشير إلى أن النماذج الذكية باتت قادرة على التفكير المجرد والابتكار في مجالات لطالما عُدت حكرًا على البشر. ورغم أن النموذج فشل في مهمتين من أصل اثنتي عشرة، إلا أن الإنجاز يُعد تقدمًا بارزًا يقرّب البشرية خطوة إضافية نحو الذكاء الاصطناعي العام.
تشريعات وتنظيمات جديدة: من إيطاليا إلى الولايات المتحدة
إيطاليا: قانون لحماية الخصوصية والأطفال
في منتصف سبتمبر، أقرّت إيطاليا قانونًا خاصًا بالذكاء الاصطناعي يتضمّن بنودًا قوية بشأن الخصوصية، والرقابة على النماذج، إضافة إلى حماية الأطفال من التعرض لمخاطر الاستخدام غير المنضبط. يُعتبر هذا القانون من أوائل التشريعات الوطنية التي تُفعِّل الأحكام الواردة في قانون الاتحاد الأوروبي للذكاء الاصطناعي، وهو يعكس حرصًا متزايدًا على تنظيم التقنية ووضع حدود واضحة للمساءلة.
الولايات المتحدة: مقترح “Sandbox” وتجربة التنظيم المرن
في المقابل، طرح أحد أعضاء مجلس الشيوخ الأمريكي مقترحًا باسم SANDBOX Act يمنح شركات الذكاء الاصطناعي إعفاءً مؤقتًا من بعض القوانين الفيدرالية إذا قدّمت خططًا عملية للتقليل من المخاطر. الإعفاء قد يمتد لعامين قابلة للتجديد، ما يمنح الشركات فرصة للاختبار والتطوير دون قيود مُرهقة.
لكن المقترح أثار جدلًا واسعًا: المؤيدون يرون فيه دعمًا للابتكار السريع، فيما يخشى المعارضون من أن يؤدي إلى تقليل الحماية للمستهلكين ويمنح الشركات حرية مبالغًا فيها.
أدوات جديدة للعلم: SCIGEN وآفاق المواد الخارقة
شهد سبتمبر أيضًا إعلان معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا عن تطوير أداة جديدة تسمى SCIGEN، تمكّن النماذج الذكية المولِّدة من الالتزام بقواعد تصميم محددة عند ابتكار مواد جديدة. هذه الأداة تساعد في توجيه الذكاء الاصطناعي نحو إنتاج مركبات ذات خصائص فيزيائية وكمومية متقدمة، مثل الموصلية الفائقة أو الحالات المغناطيسية الفريدة.
المثير أن الأداة قادت بالفعل إلى اكتشاف مادتين فعليتين من بين ملايين الترشيحات النظرية، ما يعكس قدرة الذكاء الاصطناعي على الانتقال من التنبؤات النظرية إلى نتائج ملموسة يمكن أن تغيّر مفاهيم الحوسبة والتقنيات المتقدمة.
أثر التحديثات على الصناعة والمجتمع
تثير هذه التطورات مجموعة من التحديات:
الابتكار مقابل الحماية
القوانين الجديدة تهدف لحماية الأفراد والخصوصية، إلا أن البعض يرى أنها قد تُبطئ وتيرة الابتكار وتزيد العبء على الشركات الناشئة.
الشفافية والمساءلة
الإنجازات التقنية الكبيرة مثل Gemini 2.5 تسلط الضوء على حاجة ملحة لمزيد من الشفافية في طرق التدريب والبيانات المستخدمة والقدرات الحاسوبية المطلوبة.
تطبيقات في القطاعات الحيوية
أدوات مثل SCIGEN تُظهر أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يصبح شريكًا فعالًا في البحث العلمي والصناعات المتقدمة، لكن ذلك يتطلب استثمارات ضخمة في البنية التحتية والحوكمة.
التنافس العالمي
بينما تتجه أوروبا إلى تشديد الرقابة من خلال قانون الذكاء الاصطناعي، تسعى الولايات المتحدة إلى تنظيم مرن يحفّز الابتكار. هذا التباين قد يؤدي إلى فجوة تنظيمية بين الأسواق، ما يشكّل تحديًا للشركات العالمية.
استشراف المستقبل: إلى أين نمضي؟
من المتوقع أن تشهد الأشهر المقبلة:
- صدور المزيد من التشريعات التنفيذية في أوروبا لتوضيح آليات الرقابة والعقوبات.
- ظهور شراكات جديدة بين الحكومات والشركات لتجريب التقنيات تحت أطر تنظيمية محكمة.
- زيادة الضغط نحو تطوير ذكاء اصطناعي أخلاقي ومستدام، مع التركيز على تفسير النماذج وضمان العدالة في البيانات وحماية الفئات الأكثر عرضة للمخاطر.
إخلاء مسؤولية إن موقع عاجل الإخباري يعمل بطريقة آلية دون تدخل بشري،ولذلك فإن جميع المقالات والاخبار والتعليقات المنشوره في الموقع مسؤولية أصحابها وإداره الموقع لا تتحمل أي مسؤولية أدبية او قانونية عن محتوى الموقع.
