أثار التوغل الإسرائيلي حول جبل الشيخ انزعاجًا سوريًا شديدًا، حيث اتهمت دمشق إسرائيل بإرسال نحو 60 جنديًا للسيطرة على منطقة داخل الحدود السورية قرب بيت جن، وهي منطقة استراتيجية تطل على تلة حاكمة، رغم استمرار المحادثات الجارية بوساطة أمريكية بشأن جنوب سوريا.
وأفادت وزارة الخارجية السورية بأن هذا التحرك يمثل انتهاكًا للسيادة السورية وتهديدًا مباشرًا للسلم والأمن الإقليميين، مع تقارير عن اعتقال إسرائيل لستة سوريين في المنطقة، بينما نفت إسرائيل الاعتقالات وأكدت احتجاز شخص واحد فقط للاستجواب بعد الاشتباه في اقتراب مجموعة من الأشخاص بشكل يهدد القوات، وفقًا لقناة فرانس 24.
ويأتي هذا الحدث في سياق تصعيد إسرائيلي أوسع في المنطقة، حيث استغلت إسرائيل انسحاب قوات حزب الله والإيرانيين من سوريا بعد سقوط نظام بشار الأسد في ديسمبر 2024، لتوسيع نفوذها، محتلة مناطق استراتيجية تشمل جبل الشيخ بالكامل، ومناطق القنيطرة السويداء ودرعا، مما يمنحها سيطرة على مناطق عميقة في سوريا ولبنان.
ويُنظر إلى هذا التوغل كانتهاك للسيادة السورية، مما يعقد الجهود الدبلوماسية ويزيد من التوترات الإقليمية وفقا لصحيفة آراب ويكلي.
ورغم المحادثات الجارية، أعربت سوريا عن قلقها البالغ من هذه التحركات، معتبرة إياها "توغلًا" يهدد الاستقرار في المنطقة، خاصة مع انتشار تقارير عن تعزيزات إسرائيلية تشمل إرسال تعزيزات عسكرية وإقامة ثكنات في الجانب السوري من الجبل.
وقد أثارت هذه التطورات ردود فعل دولية وإقليمية، حيث يرى مراقبون أن إسرائيل تسعى لفرض واقع جديد على الأرض، مستفيدة من الفراغ الأمني في سوريا بعد التغييرات السياسية الداخلية التي أدت إلى تولي أحمد الشرع منصب الرئيس الانتقالي في سوريا ما بعد الأسد.
وفي اليوم نفسه، ناقش الرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع التطورات في سوريا والمنطقة مع المبعوث الأمريكي الخاص لسوريا توماس باراك في دمشق، بعد يوم من زيارة باراك إلى إسرائيل ولقائه برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لمناقشة قضايا سوريا ولبنان. مما يجعل دمشق غير قادرة على المواجهة المباشرة، بينما يبرر الجانب الإسرائيلي هذه الخطوات بحماية أمنه من التهديدات المحتملة، بما في ذلك حماية أقلية الدروز في جنوب سوريا، حيث تدخلت إسرائيل بغارات جوية الشهر الماضي لمنع ما وصفته بـ"مجازر" ضد الدروز في اشتباكات مع قبائل بدوية سنية وقوات حكومية في محافظة السويداء، مما أسفر عن مقتل مئات الأشخاص.
ومنذ يناير، أعلن وزير الدفاع الإسرائيلي إسرائيل كاتس أن القوات الإسرائيلية ستبقى على قمة جبل الهرمون إلى أجل غير مسمى، وقد أقامت يسرائيل منطقة أمنية فعلية تشمل دوريات منتظمة ونقاط تفتيش ومداهمات في القرى.
يُعد جبل الشيخ موقعًا استراتيجيًا حاسمًا، حيث يسيطر على مصادر مياه رئيسية ويوفر ميزة عسكرية عالية، وقد أصبح رمزًا للصراع الإقليمي بعد احتلال إسرائيل لأجزاء منه سابقًا، مع اقتراب قواتها الآن من مسافة 30 كيلومترًا فقط من دمشق، مما يضع العاصمة السورية ضمن نطاق المدفعية الإسرائيلية.
وفي ظل هذه التطورات، يتوقع مراقبون أن تستمر التوترات، مع دعوات لتدخل دولي لوقف التصعيد، بينما تظل المحادثات معلقة دون تقدم ملموس، مما يعكس تعقيدات الوضع الجيوسياسي في الشرق الأوسط، حيث تسعى دمشق إلى اتفاق أمني يمهد لمحادثات سياسية أوسع.