في خطوة جريئة تعكس رؤية طويلة الأمد لإعادة هيكلة إمبراطوريته التجارية، أعلن الملياردير ناصف ساويرس، أغنى رجل في مصر، عن خطة طموحة لضخ استثمارات تصل إلى 50 مليار دولار في مشاريع البنية التحتية بالولايات المتحدة خلال العقد المقبل.
يأتي هذا الإعلان في سياق دمج شركاته القابضة الرئيسية تحت مظلة واحدة مدرجة في سوق أبوظبي للأوراق المالية، مما يمثل تحولاً جذرياً من قطاعات الكيماويات والأسمدة نحو الاستثمار في الإنشاءات والتطوير.
ووفقاً لمقابلة حصرية مع صحيفة "فاينانشال تايمز"، يهدف ساويرس إلى استغلال الفرص الناتجة عن الإنفاق الحكومي الأمريكي المتزايد على البنية التحتية، مستفيداً من خبرة عائلته العريقة في مجال المقاولات.
وفي هذا التقرير، من بانكير، نستعرض تفاصيل خطة ساويرس لإستثمار 50 مليار دولار في الولايات المتحدة.
من إرث عائلي إلى إمبراطورية عالمية
وناصف ساويرس، البالغ من العمر 64 عاماً، هو الابن الأصغر لأنسي ساويرس، مؤسس مجموعة أوراسكوم في خمسينيات القرن الماضي، وبدأ ناصف مسيرته في أعمال العائلة منذ أكثر من أربعة عقود، حيث قاد تحولاً كبيراً نحو قطاعات مثل الأسمنت والنيتروجين والميثانول، واليوم يقدر صافي ثروته بنحو 9.7 مليار دولار وفقاً لمؤشر بلومبرج للمليارديرات، مما يجعله ثاني أغنى عربي بعد شقيقه نجيب ساويرس.
وتشمل استثمارات ساويرس حالياً حصصاً في شركات عالمية مثل أديداس (حوالي 6% من أسهمها) وشركة ماديسون سكوير جاردن سبورتس، إلى جانب ملكية نادي أستون فيلا الإنجليزي لكرة القدم، الذي اشتراه في 2018 مقابل 30 مليون جنيه إسترليني.
كما يحمل جنسيات مصرية وبلجيكية وإماراتية، وقد غادر المملكة المتحدة مؤخراً بسبب التغييرات الضريبية، مفضلاً الإقامة في أبوظبي وإيطاليا.
وفي السنوات الأخيرة، حققت شركاته عوائد استثنائية، فقد سجلت أوراسكوم وOCI معاً عائداً داخلياً مركباً يتجاوز 39% منذ إدراج أوراسكوم في 1999 حتى نهاية 2024، مع توزيع أرباح تزيد عن 22 مليار دولار، وفقاً لمراجعة KPMG.
ومع ذلك، يأتي التحول الحالي كرد فعل على بيع أصول OCI Global بقيمة تزيد عن 11.6 مليار دولار خلال العامين الماضيين، بما في ذلك صفقة بيع أعمال الميثانول الدولية إلى Methanex مقابل 2 مليار دولار في 2024، مما حول الشركة من خسائر قدرها 86.5 مليون دولار في 2023 إلى أرباح 5.2 مليار دولار في 2024.
تفاصيل عملية الدمج وإعادة الهيكلة لتعزيز القيمة
وأعلنت OCI Global وأوراسكوم كونستراكشن اليوم عن بدء مناقشات لاندماج استراتيجي، سيؤدي إلى إنشاء كيان موحد يركز على الاستثمار في البنية التحتية العالمية، مع إدراج في سوق أبوظبي، وسيتم الإعلان الرسمي عن تفاصيل الصفقة اليوم، وفقاً لـ"فاينانشال تايمز".
يأتي هذا الدمج كخطوة لتوحيد الشركات القابضة المدرجة حالياً في أسواق مختلفة، بما في ذلك بورصة أمستردام لهولندا (OCI) والبورصة المصرية وناسداك دبي لأوراسكوم، والشركة الناتجة ستحمل أكثر من مليار دولار نقداً وعوائد من التخارجات الأخيرة، مما يوفر السيولة اللازمة للاستثمارات الجديدة.
ووفقاً لساويرس، "نريد أن نركز المرحلة المقبلة من أعمالنا على القطاع الذي نرى فيه أكبر فرصة، وهو البنية التحتية"، وهذا الدمج ليس مجرد عملية إدارية، بل استراتيجية لتعزيز القيمة السوقية، حيث أصبحت أبوظبي وجهة مفضلة للمليارديرات بفضل بيئتها الاستثمارية الداعمة.
التركيز على الاستثمار في البنية التحتية الأمريكية
وتركز الخطة على ضخ 50 مليار دولار عبر مزيج من الاستثمارات الملكية والائتمانية، بما في ذلك رأس المال الخاص وأموال الشركاء من صناديق استثمارية، وستستهدف المشاريع قطاعات مثل مراكز البيانات، المطارات، والإسكان الجامعي، مستفيدة من الإنفاق الحكومي الأمريكي المتسارع بفضل قوانين مثل "قانون البنية التحتية لعام 2021" و"قانون CHIPS لعام 2022"، الذي يخصص مئات المليارات للتطوير.
وتمتلك أوراسكوم قاعدة قوية في الولايات المتحدة منذ 2012، عبر شركتها الفرعية Weitz، التي نفذت مشاريع متنوعة تشمل مراكز بيانات ومباني مطارات، وأكد ساويرس أن الخبرة التنفيذية هي المفتاح، مقارناً أوراسكوم بشركات مثل فينسي الفرنسية وفيروفيال الإسبانية، قائلاً: "هذه الشركات ستظل أكثر نجاحاً من مجموعة مصرفيين يعتمدون على التحليل النظري فقط".
يأتي هذا الرهان وسط إقبال متزايد من صناديق رأس المال الخاص مثل GIP التابعة لبلاك روك وبروكفيلد، التي سيطرت على قطاع البنية التحتية في السنوات الأخيرة.
ومع ذلك، يراهن ساويرس على ميزة التنفيذ الميداني لتحقيق عوائد طويلة الأمد، خاصة مع الطلب المتفجر على البنية التحتية الرقمية مدفوعاً بالذكاء الاصطناعي والطاقة النظيفة.
التأثيرات الاقتصادية
ويمثل هذا الاستثمار ضخاً هائلاً للاقتصاد الأمريكي، حيث يتوقع أن يخلق آلاف الوظائف ويعزز الشراكات بين الشركات الأمريكية والمصرية، وعلى المستوى الإقليمي، يعزز الدمج مكانة أبوظبي كمركز مالي عالمي، مما قد يجذب المزيد من المليارديرات العرب إلى الإمارات.
ومع ذلك، تواجه الخطة مخاطر مثل التقلبات الجيوسياسية، ارتفاع أسعار الفائدة، والمنافسة الشديدة، كما أن الاعتماد على الشراكات الخارجية يتطلب توازناً دقيقاً للحفاظ على السيطرة.
ورغم ذلك، يظهر تاريخ ساويرس في صفقات ناجحة مثل بيع أوراسكوم للأسمنت إلى لافارج مقابل 10 مليار يورو في 2007، قدرته على التنقل في الأسواق العالمية.
وتعد خطة ناصف ساويرس للاستثمار 50 مليار دولار بعد دمج شركاته خطوة تحولية تعيد تعريف إرث عائلة ساويرس في القرن الـ21، ومن خلال التركيز على البنية التحتية الأمريكية، يراهن ساويرس على نمو مستدام يفوق الاستثمارات التقليدية، مما يعزز من مكانته كأحد أبرز اللاعبين العالميين.
إخلاء مسؤولية إن موقع عاجل الإخباري يعمل بطريقة آلية دون تدخل بشري،ولذلك فإن جميع المقالات والاخبار والتعليقات المنشوره في الموقع مسؤولية أصحابها وإداره الموقع لا تتحمل أي مسؤولية أدبية او قانونية عن محتوى الموقع.
