اقرأ في هذا المقال
- بي بي تعلن اكتشاف حقل نفط ضخم في المياه العميقة للبرازيل
- الاكتشاف هو الأكبر في تاريخ الشركة البريطانية منذ 25 عامًا
- مخاوف من تكرار تجربة شل في إحدى اكتشافات ناميبيا عام 2022
- توقعات أسعار النفط قد تساعد بي بي في التغلب على تحديات التكلفة
- دخول شريك محلي أو أجنبي يحمي بي بي من مخاطر تجربة شل
استحوذ اكتشاف بي بي في البرازيل -مؤخرًا- على اهتمام إعلامي بالغ مع تصدُّر أخباره عناوين الصحف المحلية والإقليمية بوصفه من أكبر الاكتشافات التاريخية في أميركا الجنوبية.
وقالت شركة النفط البريطانية الكبرى، إن اكتشافها النفطي المُعلَن في البرازيل (4أغسطس/آب 2025) هو أكبر اكتشافاتها خلال 25 عامًا، أي منذ اكتشافها لحقل شاه دنيز (Shah Deniz) في أذربيجان عام 1999.
ويقع اكتشاف بي بي في البرازيل بمربع بوميرانغ (Bumerangue) على عمق 2372 مترًا بالمياه العميقة بحوض سانتوس.
ورغم الضجة الإعلامية المثارة حول هذا الاكتشاف، فإن قدرة الشركة البريطانية على تحويله إلى اكتشاف مجدٍ تجاريًا يدّر عليها أرباحًا كبيرة ما زالت محلّ شك، استنادًا إلى سوابق أخرى مشابهة حدثت مع شركة شل في أحد اكتشافات ناميبيا الكبيرة المعلنة عام 2022، بحسب تحليل حديث اطلعت عليه وحدة أبحاث الطاقة (مقرّها واشنطن).
ولم تُفصح الشركة حتى الآن عن حجم الاحتياطيات المؤكدة التي يضمّها هذا الاكتشاف، حيث تُجري مزيدًا من الاختبارات الفنية للبئر، ومن المتوقع إعلان ذلك خلال أشهر.
تطورات اكتشاف بي بي في البرازيل
جاء اكتشاف بي بي في البرازيل بعد 6 أشهر من إعلان الشركة تعديل إستراتيجيتها باتجاه زيادة استثمارات النفط والغاز، وخفض استثمارات الطاقة المتجددة، وبيع بعض الأصول منخفضة القيمة.
وتعهدت الإدارة بزيادة استثمارات النفط والغاز إلى 10 مليارات دولار سنويًا، بهدف رفع إنتاجها بما يتراوح من 2.3 مليونًا إلى 2.5 مليون برميل نفط مكافئ يوميًا بحلول عام 2030.
ويعكس هذا الموقف تحولًا تاريخيًا عن خطة الشركة السابقة التي كانت تستهدف خفض إنتاجها من النفط بنسبة 25% بحلول عام 2030، مقارنة بمستويات عام 2019.
وتعوّل الشركة البريطانية على اكتشاف البرازيل الأخير لتحقيق هدف زيادة الإنتاج الطموح بحلول عام 2030، ضمن 9 اكتشافات أخرى أعلنتها خلال عام 2025 في ترينيداد وتوباغو، ومصر، وخليج أميركا، وليبيا، وناميبيا، وأنغولا، إضافة إلى اكتشافات أخرى بالبرازيل.
ورغم ذلك، يحذّر التحليل المنشور بموقع معهد اقتصادات الطاقة والتحليل المالي من احتمالات تعرُّض اكتشاف بي بي في البرازيل إلى مصير اكتشاف منافستها شل في ناميبيا المُعلَن عام 2022.

مخاطر تكرار فشل شل في ناميبيا
كانت أخبار اكتشاف شل قبالة سواحل ناميبيا قد تصدرت عناوين الصحف بداية من عام 2022، مع وصفه بأوصاف مُبالَغ فيها، من قبيل أنه سيغير قواعد اللعبة، ويمثّل فجرًا جديدًا لقطاع النفط في البلاد.
ورغم ذلك، فقد أعلنت شل أوائل عام 2025 أن الاكتشاف غير مجدٍ تجاريًا؛ ما تسبَّب في شطب استثمارات بقيمة 400 مليون دولار، بعدما تبيَّن للشركاء -ومن بينهم شركة قطر للطاقة- أن الاستمرار فيه ينطوي على مخاطر اقتصادية أكبر من إعلان فشله.
وأسهمت عوامل مجتمعة في جعل الاكتشاف دون قيمة، أبرزها، الجيولوجيا الصعبة للمياه العميقة، والتقنيات المحفوفة بالمخاطر، وضعف أسواق النفط.
وكان الدرس الرئيس الذي تعلّمته صناعة النفط والشركات الكبرى من هذه الحالة، أن اكتشافات النفط الكبيرة لا تعني بالضرورة أرباحًا هائلة، بحسب التحليل.
وتتزايد المخاوف من تعرُّض اكتشاف بي بي في البرازيل للمصير نفسه، خاصة بعد الضجة الإعلامية المثارة حوله وترويج الشركة لضخامته وكونه الأكبر في سجلاتها منذ ربع قرن.
وعادةً ما يكون الحفر البحري مكلفًا حتى في ظل الظروف المثالية، لكن اكتشاف بي بي ليس مثاليًا؛ إذ يقع على بعد 200 ميل بحري من الساحل، وعلى عمق يقترب من 2400 متر، بينما يبلغ عمق البئر الإجمالي قرابة 5800 متر.
ويبدو هذا العمق أكبر من أعماق معظم آبار بحر الشمال، كما يقترب من الحدّ الأقصى لأعماق التشغيل الطبيعية في خليج أميركا (خليج المكسيك سابقًا)، بحسب خبيرة التكتونيات في جامعة ريو دي جانيرو، ناتاشا ستانتون.
وبالنظر إلى موقع الاكتشاف، تعتقد خبيرة التكوينات الجيولوجية أنها منطقة معقّدة جدًا تقع في أحد أكثر الأحواض المعقّدة التي درستها على مدار مسيرتها المهنية، على حدّ تعبيرها.
كما تشير الاختبارات الأولية إلى أن المنطقة تحتوي على مستويات عالية من ثاني أكسيد الكربون المذاب؛ ما قد يرفع تكاليف المعالجة ويزيد من صعوبة بيع المنتجات في عالم يتجه إلى تشديد قيود الكربون.
إضافة إلى ذلك، تبدو سوق العمل البحري باهظة التكلفة في البرازيل؛ ما يهدد هوامش الربح المتوقعة للمغامرين في المياه العميقة لأكبر دولة منتجة للنفط في أميركا اللاتينية.
توقعات أسعار النفط ستحدد الجدوى التجارية
إذا ظلّت أسعار النفط مرتفعة لمدة كافية، فمن المتوقع أن تتغلب الشركات على تحديات التكلفة، لكن توقعات أسواق العقود الآجلة للنفط لا تبشّر باتجاه تصاعدي خلال السنوات الـ10 المقبلة على الأقل.
ويتطلب هذا الوضع دخول شريك محلي، وإلّا ستخاطر شركة بي بي بتحمُّل جميع المخاطر وحدها، خلافًا لمنافستها شل التي يبدو أنها وجدت شركاء تحمّلوا معها نتيجة الإخفاق في اكتشاف ناميبيا.
ورغم حرص شركة بتروبراس الحكومية على مشاركة الشركات الأجنبية في مشروعات عديدة، فإنها تترقب إجراء مزيد من الاختبارات لاتخاذ قرار بالدخول في المشروع من عدمه.

ويعني هذا أن شركة بي بي البريطانية -رغم شهرتها وثقلها في السوق- ربما ستحتاج إلى وقت أطول لإقناع المستثمرين بأن المشروع سيكون مربحًا وذا جدوى تجارية جيدة.
على الجانب الآخر، ثمة مخاوف أخرى من خارج الأسواق، وسط تحذيرات من أن مسارات تحول الطاقة أصبحت تشكّل خطرًا ماليًا محتملًا على منتجي النفط والغاز، ما يجعل الرهان على التوسع في الاكتشافات الجديدة الكبيرة مسألة محفوفة بالمخاطر أو مليئة بالفرص على حسب نجاح أو إخفاق خطط تحول الطاقة العالمية والإقليمية.
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..
المصدر:
تحليل تحديات اكتشاف بي بي في البرازيل، من معهد اقتصادات الطاقة