أخبار عاجلة
قرارات الكثيري تثير غضب تنظيم نقابي -
جامعة "برينستون" تُلغي رسومًا دراسية -
أخوماش يعود بعد 10 أشهر من الغياب -
الحرارة تهدّد أمن الطاقة النووية بأوروبا -

ليلى.. شمعة انطفأ نورها

ليلى.. شمعة انطفأ نورها
ليلى.. شمعة انطفأ نورها

إلى صديقتي ليلى التي وجدت في مراسلاتنا اليومية عزاءً يجعل ذكرياتها المظلمة، أقل سوادا وألما..

إلى التي حملت في عمقها براءة طفولية وحزنا خفيا..

ليلى التي لم تجد حضنا دافئا يحتويها وسط بيئة قمعية، خانقة، وسلطوية….

أُجبرت ليلى على الزواج في سن صغيرة طاعةً للعادات، دون أية إمكانية لممارسة الحق في الاختيار، وهو زواج نتجت عنه معاملات قاسية، لا إنسانية ومهينة. ما كان عليها سوى الرضوخ لسلطة الزوج القاهرة، انتهى زواجهما إلى طلاق محتوم، كأنه بذرة لم تُروَ كفاية. لم تعتبر ليلى الطلاق هزيمة، بل إنصافا لكرامتها التي سُحقت تحت وطأة العرف والعادات، زوج تجرّد من آدميته، كان يتصرف معها بطريقة لا إنسانية، اغتصب طفولتها، بذور أحلام لم تلامس التربة بعد.

زواج وفق تقاليد متوارثة، لفتاة قروية، لم تكتمل ملامح أنوثتها، وجدت نفسها محاطة بنساء القرية يضعن الحناء على كفيها، وينتظرن ظهور دم العذرية على ملابسها البيضاء، أعراف باتت تُقيّد كل فتاة في عمر الزهور، كأنها أغلال وُضعت في المعصم، تخنق الأحلام قبل أن تولد.

نشب صراع داخلي لم يكن علنيا، بين ما تُؤمن به ليلى شخصيا، وما تفرضه عليها بيئتها الاجتماعية، حياة رتيبة تسير وفق قواعد محددة، نتيجة الإهانات اللّفظية والتقليل من الذات، كانت كل محاولة للتعبير والمواجهة تُقابل بالقمع، مع غياب آليات الشكوى أو الإنصاف القانوني في قرية تعتبر الفتاة عبئا وعارا يجب ستره.

في عالم التقاليد الصارمة، متاهة الموروثات الفكرية والأعراف التي تكرس كل أشكال التخلف والتمييز (فرض الزواج المبكر، منع الفتيات من إكمال التعليم، وصم المطلقة وكأنها وصمة عار.. إسكات النقد بحجة “ما وجدنا عليه أسلافنا”، تفضيل الذكر على الأنثى…) كل ما يوجد حول فتاة وهي تغوص في عالم الأحلام الجامحة، يجعل الحياة تبدو جافة رغم كل ما فيها.

ليلى مثل كل فتاة أرادت أن تعيش حياة هادئة في بيئة أكثر مرونة، خالية من كل قسوة وعنف، مثل كل فتاة تشرق عيونها بأحلام كبيرة، تبحث عن مكان في هذا العالم الواسع، فتحاصر بالواقع المتشظي، عالم الديستوبيا المتناقضة.

في سجن غير مرئي، تحكمه قواعد لا تقبل الجدل، قوانين تُقيّد كل الخيارات. لا يحق لفتاة حالمة، تغوص في عالم الأفكار والطموحات أن تعيش حياة مختلفة تتعارض مع ما تفرضه عليها بيئتها الاجتماعية.

لا مجال للخروج عن المألوف في بيئة ترزح تحت ثقل التقاليد المتوارثة منذ أجيال، أُسر لا ترى في تعليم الفتاة أولوية، لا تزال منقادة إلى كل الموروثات. نمط حياة تقليدي يعتمد على قيم مجتمعية، عائلية، ودينية، تسيء للكرامة الإنسانية.

“ليلى.. شمعة كانت تضيء بالأحلام والطموحات.. اليوم انطفأ نورها..”.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق غرفة العمليات الرئيسية بسوهاج تتابع سير انتخابات مجلس الشيوخ
التالى نقابة الصحفيين المصريين تجدد إدانتها للجرائم الوحشية للعدوان الصهيوني في غزة