إيران تعتبر تنفيذ مشروع "ممر زنكزور" مخططا جيوسياسيا لحصارها برعاية أمريكية إسرائيلية

أعربت إيران عن قلقها البالغ إزاء مشروع "ممر زنكزور"، معتبرةً إياه مخططًا جيوسياسيًا برعاية "الولايات المتحدة" و"إسرائيل" يهدف إلى تقويض أمنها القومي وعزلها عن منطقة القوقاز، بالإضافة إلى فرض حصار بري على إيران وروسيا. وفقًا لتقرير نشرته "ذا كرادل"، حذر علي أكبر ولايتي، مستشار المرشد الأعلى الإيراني، من أن الممر ليس مجرد مشروع اقتصادي، بل خطة "انفصالية" تهدف إلى تفتيت العمق الاستراتيجي لإيران. يأتي هذا الموقف في سياق نقاشات حول الممر الذي يسعى لربط أذربيجان بنخجوان عبر أرمينيا، مما أثار ردود فعل متباينة بين الدول المعنيةـ وفقًا لمجلة "ذا كرادل" المتخصصة  في الشؤون السياسية والجيوسياسية بالشرق الأوسط.

تحذيرات إيران: مخطط جيوسياسي أمريكي-إسرائيلي

في كلمة ألقاها في طهران، قال ولايتي إن "ممر زنكزور" يُعد جزءًا من مخطط أوسع تقوده "الولايات المتحدة" و"إسرائيل" و"حلف الناتو"، بالإضافة إلى حركات عموم تركية، بهدف إضعاف محور المقاومة وقطع صلة إيران بالقوقاز. وأشار إلى أن الهدف الأساسي للمشروع هو فرض حصار بري على إيران وروسيا في جنوب المنطقة، معتبرًا أن هذا المخطط يندرج ضمن استراتيجية أمريكية لنقل الضغط من أوكرانيا إلى القوقاز.

 وأكد ولايتي أن الأمن القومي الإيراني يمثل "خطًا أحمر"، مشيرًا إلى أن إيران نشرت قوات على حدودها واعتمدت سياسة "المنع النشط" بدلًا من ردود الفعل السلبية لمواجهة هذه التهديدات. كما اتهم واضعي المخطط بمحاولة تقويض الوحدة الثقافية والتاريخية لإيران.

نشأت فكرة "ممر زنكزور" بعد حرب ناجورنو-كاراباخ في 2020، كجزء من اتفاق وقف إطلاق النار الذي توسطت فيه روسيا. نص الاتفاق على إنشاء ممر نقل عبر الأراضي الأرمينية على الحدود مع إيران لربط أذربيجان بمنطقة نخجوان المتمتعة بالحكم الذاتي. 

وتفسر باكو الاتفاق على أنه يمنحها حق إنشاء ممر آمن ومستمر تحت سيطرتها، بينما تصر يريفان على بقاء جميع الطرق تحت سيادتها الكاملة. وأشارت المجلة إلى أن إعلان شوشا بين تركيا وأذربيجان في 2021 وضع استراتيجيات طويلة الأمد للبنية التحتية، بما في ذلك الممر، مما يعزز طموحات باكو وأنقرة الاقتصادية والجيوسياسية.

المقترح الأمريكي: سيطرة عسكرية خاصة

كشف تقرير لصحيفة "بيريوديستا ديجيتال" الإسبانية عن وثيقة سرية بعنوان "مذكرة تفاهم بشأن إنشاء ممر النقل 'جسر ترامب'"، والتي تشير إلى اتفاق بين أرمينيا وأذربيجان و"الولايات المتحدة" لإدارة الممر بواسطة شركة أمريكية خاصة للخدمات الأمنية لمدة 99 عامًا.

وتنص الوثيقة على أن الشركة، التي ستنشر حوالي 1000 فرد، ستكون مخولة باستخدام القوة لحماية الممر، مما يعني فعليًا إخراجه من السيطرة الأرمينية. يهدف هذا الترتيب إلى تسهيل وصول أذربيجان إلى نخجوان وتركيا، مع تعزيز الوجود الأمريكي على الحدود الإيرانية. أثار هذا الاتفاق غضبًا في أوساط الأرمن، حيث اعتبر البعض موافقة رئيس الوزراء الأرميني نيكول باشينيان عليه "خيانة وطنية".

العلاقات الأذرية-الإسرائيلية: تعاون استراتيجي

وسلطت المجلة الضوء على العلاقة الوثيقة بين أذربيجان و"إسرائيل"، التي تُعد أحد حلفاء إسرائيل الرئيسيين في المنطقة. خلال الحرب غير المبررة التي شنتها إسرائيل ضد إيران في يونيو، أفادت تقارير بأن إسرائيل أطلقت طائرات بدون طيار من المجال الجوي الأذري، على الأرجح بموافقة باكو. كما تُعتبر أذربيجان مركزًا لعمليات "الموساد" الإسرائيلي، وتزود إسرائيل بالنفط عبر تركيا، مما يدعم العمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة. وأشار مركز "بيغن-السادات للدراسات الدولية" إلى أن أذربيجان تُعد أحد "أعمدة" الأمن الإقليمي لإسرائيل، حيث استضافت في 2012 العديد من عملاء الموساد، وفقًا لتقرير نشرته "تايمز أوف لندن".

توازن القوى المعقد

ويواجه مشروع "ممر زنكزور" تحديات سياسية ولوجستية كبيرة، بما في ذلك الحاجة إلى اتفاقيات معقدة بين أذربيجان وأرمينيا، اللتين لديهما تاريخ من الصراع. كما أن الوجود العسكري الأمريكي المقترح يثير مخاوف إيران وروسيا، اللتين تريان في المشروع محاولة لتغيير توازن القوى في جنوب القوقاز. يؤكد المقال أن إيران تعتبر الممر تهديدًا مباشرًا لأمنها القومي، خاصة مع وجود قوات أمريكية على حدودها. في الوقت نفسه، يعزز المشروع طموحات تركيا وأذربيجان لتوسيع نفوذهما الاقتصادي والاستراتيجي، مما يزيد من تعقيد الديناميكيات الإقليمية.