تصدر اسم الفنان الراحل محمد شرف مواقع التواصل الاجتماعي مؤخراً، ليس بعد رحيل زميله الفنان لطفي لبيب، فخلال تحضيرات فيلم "عسل أسود" (2010)، كان الدور الرئيسي لشخصية "راضي" - السائق الشعبي - مخصصاً لمحمد شرف، إلا أن وضعه الصحي الخطير (تعافياً من عملية جراحية في المخ) منعه من المشاركة، وعند عرض الدور على لطفي لبيب، اشترط الأخير شرطاً واحداً: "أن يتقاضى محمد شرف أجر الدور كاملاً رغم غيابه"، ووافق فريق العمل على الفور، وقال لطفي لبيب بتواضع "لو محمد شرف عمل الدور كان هيعمله أحسن مني بالتأكيد".
علاقة بأحمد حلمي
شكل أحمد حلمي ومحمد شرف ثنائياً كوميدياً عبر خمسة أفلام: بدءاً بـ"زكي شان" (2005) حيث جسد شرف دور اللص الذي يتعاون مع حسن حسني لسرقة فيلا، مروراً بـ"جعلتني مجرماً" بشخصية تاجر المخدرات "المعلم مشمش"، و"ظرف طارق" من خلال مشهده الشهير: "سامع عليكو.. التلاجة فيها ميه؟"، وصولاً إلى "آسف على الإزعاج" حيث أبكى الجمهور بمشهد درامي جسد فيه أباً فقيراً، وختاماً بـ"إكس لارج" (2015) في دور بواب العمارة، أما أشهر إفيهاته فكان "أنا مش تبع حد.. أنا رئيس جمهورية نفسي.
بسيط حتى في الألم
وُلد شرف في الإسكندرية (1963)، وتخرج في المعهد الفني التجاري (1984)، وبدأ فناناً على مسارح عروس البحر المتوسط قبل أن يكتشفه المخرج جمال عبد الحميد ويُشركه في مسلسل "أرابيسك" (أول أعماله التلفزيونية).
ومحمد شرف معروف مع من حوله بأنه "الرجل الجدع" ، لكن سنواته الأخيرة شهدت معاناة قاسية مع مرض القلب، خاصة بعد أن أنفق كل مدخراته على العلاج - بما في ذلك عمليات جراحية معقدة بتنسيق من الدكتور مجدي يعقوب - ووصل لمرحلة "الإفلاس"، ولكن نقابة الممثلين لم تتركه وحيدا، كما سانده في المحنة الكثير من زملائه وفي مقدمتهم أحمد حلمي ومحمد هنيدي وأحمد آدم.
مشواره الفني
قدم شرف أكثر من 50 عملاً بين السينما والتلفزيون والمسرح، متحدياً فكرة أن "البطل" هو فقط صاحب الأثر. في السينما، بدأ بأدوار صغيرة في أفلام مثل "الواد محروس بتاع الوزير" (1999)، وترك بصمته في "عسكر في المعسكر" (2003) و"كرسي في الكلوب" (2001)، وبلغ ذروته في "آسف على الإزعاج" (2008) حيث مزج الكوميديا بالدراما بإتقان.
وفي الدراما شارك في "ريا وسكينة" و"الدالي" و"العصيان"، لكن شخصية "سامبو" في "أرابيسك" ظلت الأكثر ارتباطاً به، وعلى خشبة المسرح، برع في "طرائيعو" و"القشاش"، وكانت محطته الفارقة عندما حل مكان الفنان حسين الشربيني بشكل مفاجئ في إحدى المسرحيات بعد رحيله أثناء العرض، فلفت الأنظار بأدائه الاستثنائي.
رحيل مبكر
رحل شرف فجر 27 يوليو 2018 إثر نوبة قلبية في الإسكندرية، بعد صراع طويل بدأ بضعف في عضلة القلب (تعمل بنسبة 26% فقط) تطلّب تركيب جهاز منظم للنبض، وتسبب في تورم قدميه واحتقان رئته، وترك غيابه حزناً عميقاً في الوسط الفني، وصفه فيه زملاؤه بأنه "أنقى نسمة فنية" و"صاحب طيبة مفرطة".