يعزّز المغرب حضوره الإقليمي في مجال أسواق الكربون، ضمن توجهه الإستراتيجي نحو اقتصاد منخفض الانبعاثات وتحقيق أهداف الاستدامة؛ بما يتماشى مع التزاماته الدولية لمواجهة تغير المناخ.
ووفقًا لبيانات طالعتها منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، شاركت وزيرة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة ليلى بنعلي، في مؤتمر "مستقبل أسواق الكربون الأفريقية"، الذي عُقد بالدار البيضاء مؤخرًا بمشاركة مؤسسات مالية وتنموية إفريقية وأوروبية، لمناقشة تطوير الأسواق الطوعية والإلزامية للكربون.
وقالت الوزيرة، في كلمتها الافتتاحية، إن المملكة اختارت عن وعي تطوير سوق وطنية للكربون؛ بهدف دعم السيادة المناخية وجذب الاستثمارات منخفضة الكربون.
وأضافت أن المملكة لا تتعامل مع أسواق الكربون بصفتها أدوات تقنية فقط، بل بوصفها رافعة اقتصادية وإستراتيجية تعزّز التنمية المستدامة.
إستراتيجية الطاقة في المغرب
أشارت بنعلي، في مقابلة تلفزيونية مع قناة "سي إن بي سي" (CNBC)، تابعتها منصة الطاقة المتخصصة، إلى أن الإستراتيجية الوطنية للطاقة، التي أُطلقت عام 2009، تستند إلى 3 ركائز رئيسة، هي:
- الطاقة المتجددة: إذ تجاوزت المملكة 45% من القدرة المركبة من مصادر نظيفة، وتهدف إلى الوصول إلى 52% قبل عام 2030.
- النجاعة الطاقية، التي ترتبط بتقنيات الذكاء الاصطناعي لرفع الكفاءة وخلق فرص عمل جديدة.
- الترابط، الذي يعزز صمود المنظومة الطاقية في مواجهة الاضطرابات.
وأشارت إلى أن هذا النموذج أثبت فاعليته خلال أزمات متعددة؛ من بينها قطع إمدادات الغاز الجزائري في 2021؛ وهو ما دفع المملكة إلى اتخاذ إجراءات لتعزيز البنية التحتية لأنابيب الغاز، ووضع خطط لاستعمال الهيدروجين الأخضر.
التخلي عن الفحم وتعزيز الغاز
تطرقت الوزيرة ليلى بنعلي إلى السياسات التي تنتهجها البلاد في مجال الكهرباء؛ بما يشمل التخلي التدريجي عن الفحم، وإلغاء مشروعات كانت مبرمجة في الناظور وجرادة.
كما يستمر العمل على تحويل التوربينات العاملة بالوقود إلى الغاز الطبيعي، وتطوير محطة "الناظور غرب المتوسط" لاستقبال الغاز الطبيعي المسال.
وأشارت إلى إطلاق شهادة "الإلكترون الأخضر"، وتطبيق أدوات متقدمة لقياس الانبعاثات، بما يعزز الشفافية ويجذب تمويلات خضراء، داعية إلى توحيد المعايير على المستوى الإفريقي لتسهيل التمويل المناخي.
وأكدت الوزيرة أن شهادة الكربون أصبحت ضرورية للصناعات المصدّرة، ولا سيما مع دخول آلية تعديل حدود الكربون الأوروبية حيز التنفيذ، موضحة أن هذه الشهادات تعزّز القدرة التنافسية وتحافظ على الحصص السوقية وتدعم جهود تقليص الانبعاثات.
وقالت إن المملكة أطلقت مشروع "توازن الكربون" بالتعاون مع مؤسسات محلية، مثل مؤسسة محمد السادس لحماية البيئة، ووزارة الصناعة، والمعهد المغربي للتقييس.
تحول الطاقة في المغرب
ضمن جهود تسريع تحول الطاقة في المغرب، تعمل المملكة على تحرير سوق الجهد المتوسط، وتطوير منظومة لإصدار شهادات "الإلكترونات الخضراء"، بالإضافة إلى إبرام شراكات مع رواد أعمال ومؤسسات دولية لتمويل مشروعات خضراء.
ووصفت الوزيرة بلادها بأنها "ممر إستراتيجي للمعادن الانتقالية بين أفريقيا وأوروبا"، داعية إلى اعتماد نهج مرن يوازن بين المبادرات الخاصة والمصلحة العامة، مع التركيز على تعبئة رؤوس الأموال الخاصة لتمويل الحلول منخفضة الانبعاثات.
التزامات مناخية طموحة
قالت بنعلي إن المملكة حدّثت مساهماتها المحددة وطنيًا، وتهدف إلى تقليص الانبعاثات بنسبة 53% بحلول عام 2035، عبر 96 مشروعًا في قطاعات الكهرباء والصناعة.
وأضافت أن بلادها تعمل على تطوير آلية وطنية لإصدار شهادات اعتماد للموارد المستخرجة، بما ينسجم مع معايير الحوكمة البيئية والاجتماعية.
كما أشارت إلى توقيع اتفاقيات بموجب المادة 6.2 من اتفاق باريس، مع دول من بينها سويسرا وكوريا الجنوبية والنرويج وسنغافورة، لتنفيذ مشروعات منخفضة الكربون.
وعبر هذه الخطوات المتسارعة، يرسّخ المغرب مكانته بصفته محورًا إقليميًا ناشئًا في الاقتصاد الأخضر، ويواصل بلورة نموذج يُحتذى به في الجمع بين الطموح المناخي، والتخطيط المؤسسي، والشراكات الدولية الفاعلة.
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..
المصادر:
- تقرير بعنوان "المغرب يرسم طريقه نحو مستقبل منخفض الكربون من خلال أسواق الكربون الإستراتيجية" من منصة "موروكو وورلدنيوز"
- مقابلة تلفزيونية للوزيرة المغربية د. ليلى بنعلي مع قناة "سي إن بي سي".
