خلفت واقعة مصرع أستاذ ينتمي إلى المديرية الإقيليمية للتربية والتعليم الأولي والرياضة بمولاي رشيد في الدار البيضاء، بعدما أقدم على الانتحار، استياء في صفوف الشغيلة التعليمية، التي حملت المسؤولية لغياب التأطير والتكوين لفائدة الأساتذة الشباب الوافدين على القطاع.
وعبر في هذا الصدد سعيد السماهلي، الكاتب الجهوي للجامعة الوطنية للتعليم بجهة الدار البيضاء سطات، عن أسفه لهذه الواقعة، موردا أن “الواقعة صادمة ومؤلمة، فهذا الأستاذ الشاب الذي مازال في بداية مشواره المهني هو ضحية عدم المواكبة”.
وأكد الكاتب الجهوي ذاته، ضمن تصريحه لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن “الأساتذة الجدد، وخصوصا في التعليم الابتدائي، يحتاجون إلى تأطير حقيقي ومواكبة نفسية وبيداغوجية”، وزاد: “كما أن جهاز التفتيش مطالب بلعب دور فاعل في هذا السياق، لا الاكتفاء بالمهام الإدارية أو الرقابية”.
وتابع السماهلي موضحا: “ما وصلنا إليه اليوم هو نتاج تعيين الأساتذة الشباب دون تمكينهم من استقرار مهني أو تأطير فعلي، ما يجعلهم عرضة للضغط النفسي والمهني”، مشيرا إلى أن “الهالك كان ينقّل من مؤسسة إلى أخرى بشكل متكرر، وهو ما قد يكون أحد العوامل التي أثرت على حالته النفسية”.
وأوضح المتحدث ذاته أن “الجامعة الوطنية للتعليم لا تلوم المؤسسة التعليمية أو الإدارة التي يشتغل تحت إشرافها، وإنما تدق ناقوس الخطر بشأن غياب منظومة مواكبة قادرة على احتضان الأساتذة الجدد وتأطيرهم في ظروف إنسانية ومهنية سليمة”.
وختم النقابي ذاته تصريحه قائلا: “نحن في الجامعة الوطنية للتعليم حزينون بشدة لهذه الواقعة الأليمة، فقد خطفت منا زهرة في ريعان الشباب… كان يحمل طموحات وآمالاً لبناء مستقبل مهني مشرق، لولا غياب التأطير والدعم اللازم لمثل هذا الشاب”.
حميد بوغلالة، عضو المكتب الجهوي للجامعة الوطنية للتعليم (التوجه الديمقراطي)، حمل المسؤولية في هذه الواقعة إلى “القرار الصادر عن المديرية الإقليمية للتربية والتعليم الأولي والرياضة بمولاي رشيد، إلى جانب غياب التأطير لمثل هذا الشاب الذي يلج الميدان لأول مرة”.
وأفاد بوغلالة، ضمن تصريحه لجريدة هسبريس الإلكترونية، بأن “المديرية الإقليمية للتربية، بالإضافة إلى جهات أخرى ضغطت عليها لاتخاذ القرار، هي التي تتحمل المسؤولية في هذه الواقعة المؤلمة، لأن التوقيف في هذا الوقت ليس له معنى، خصوصا مع نهاية الموسم الدراسي”.
وتابع المسؤول النقابي ذاته بأن “الشاب كان يعاني من اضطرابات نفسية إثر وفاة والده بداية الموسم، ناهيك عن أن هذا الموسم يعتبر أول تجربة له في العمل كأستاذ، لينضاف إلى ذلك غياب التأطير لمواجهة الصعاب، وهو ما أوصل إلى هذه الواقعة المحزنة التي كان يمكن تفاديها بحلول أخرى”.
وأوضح المتحدث نفسه أنه “لم يكن من داع للوصول إلى توقيف الأستاذ، بل كان يفترض البحث عن حلول أخرى بدل المقاربة الزجرية في حقه”.
وعبر الفاعل النقابي عن استغرابه التعامل مع الواقعة، “خصوصا أن قرار التوقيف تم دون الاستماع إلى المعني من طرف اللجنة الإقليمية، ولم يتم احترام حقه في الضمانات القانونية”.
تجدر الإشارة إلى أن المعطيات المتداولة تشير إلى كون الأستاذ المعني أقدم على خطوة الانتحار عقب دخوله في أزمة نفسية حادة بسبب توقيفه بشكل مفاجئ، قبل أن يطلب منه التوقيع على محضر الخروج الإداري.
هذا وراسلت النائبة البرلمانية باسم حزب الأصالة والمعاصرة نجوى كوكوس وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة في سؤال كتابي، مطالبة بفتح تحقيق شفاف لتحديد المسؤوليات وترتيب الجزاءات القانونية اللازمة، جراء هذا الحادث يعكس “الضغط النفسي الذي يعيشه عدد من الأساتذة، في ظل غياب آليات الحماية والدعم، وكثرة الشكايات الكيدية”.