مدينة أندلسية القلب مغربية الروح؛ إنها مدينة تطوان أو “الحمامة البيضاء”، القريبة من نهر مرتيل. مدينة واقفة في الناحية الشمالية للمملكة. تعرف المدينة بنقاء مبانيها وقوة تجربتها التي يستطيع السائح أن يخوضها سواء من الجانب التّرفيهي أو الثّقافي. تطوان، بهذا المعنى، ليست مجرّد وجهة سياحية، إنها “فكرة” تتبلور لدى الزائر أهميتها من النظرة الأولى.
ما إن تطأ قدماك المدينة، تفتح لك المنطقة العتيقة، المصنّفة ضمن التراث العالمي لليونسكو، أبوابها لتقدم لك قصصا كثيرة. أزقتها الضيّقة، نوافذها وأبوابها الخشبية المنحوتة تنقل السائح إلى أزمنة أخرى. أسواق تقليدية تعجّ بالحركة. حرفيون يعرضون الزرابي المصنوعة يدويًا، والخزف والنحاس.
أهمية المدينة لا تقتصر على طابعها التاريخي؛ فهي أيضًا مدينة تنبض بالحياة في حضن البحر. على بعد دقائق، تمتد شواطئ تغري بالسباحة والاسترخاء. في مرتيل، توجد فضاءات مناسبة للعائلات. أما “كابونيغرو”، فيقدّم منتجعات ونوادي غولف، بينما يجمع شاطئ المضيق بين الأجواء الليلية والمطاعم البحرية.
نجحت هذه المدينة وضواحيها في صون وحماية توقيعها التراثي، وتمكّنت من الحفاظ على مؤهلاتها القديمة التي تخاطب بها الزوار اليوم، من المغاربة والأجانب. من بين هذه العناصر المحلية القوية، نظام المياه الجارية والصنعة التقليدية. تتضافر هذه العناصر في مدينة تجمع بين الروح الموريسكية والنفَس الأندلسي.
وفي الحاضرة المغربية حيث تتشابك الأزقة الضيقة تحت ظلال الأسوار، يبرز حي “الملاح”، وهو أحد أقدم الأحياء اليهودية في المغرب، بوصفه شاهدا على التعايش بين المسلمين واليهود، كما يحضر كذلك التأثير الأوروبي، من خلال المباني المزينة بالشرفات والنوافذ الواسعة.
تجارب كثيرة
تزخر المدينة العتيقة لتطوان بفضاءات تتيح للناظر فرصة التوغّل أكثر. بين أسوارها القديمة، يمكن اكتشاف معالم متنوعة تُجسّد روح المدينة، مثل الجامع الكبير، ومدرسة جامع لوكش، وقصبة سيدي المنظري، وجامع القصبة، إضافة إلى سقاية باب العقلة وحصن الاسقالة. ولا يكتمل هذا المسار دون التوقف عند ضريح سيدي عبد القادر التابين، أو التنقّل على طول سور المدينة.
وبالقرب من ضفاف البحر الأبيض المتوسط، تمنح تطوان زوارها تجربة بحرية غنية ومتنوعة. فبفضل مرافق خليج تمودة الحديثة، يمتدّ الشريط الساحلي للمدينة على مسافة بعدة كيلومترات، يتيحُ لعشاق الرياضات المائية ممارسة أنشطة “الجت سكي”، وركوب الأمواج بالشراع، والكاياك. كما توفر فضاءات للعلاج بمياه البحر.
ومن البحر إلى الجبل، تعدّ المنطقة ملاذًا آخر لعشاق الطبيعة والمغامرة. الغابات القريبة، مثل غابة بني سعيد، تدعو الزوار لاكتشاف مسارات هادئة، بينما يُعدّ وادي لاو وشفشاون القريبة محطتين لا بد من التوقف عندهما، حيث تلتقي المياه الجبلية الصافية مع جاذبيّة الأزرق الشفشاوني.
ولأن المدينة تنبض بالثقافة، فلا يمكن تجاهل بعدها الروحي والفني. متاحفها، على غرار مركز تطوان للفن الحديث أو المتحف الأثري، بالإضافة إلى المتحف الإثنوغرافي وموقع تمودة الأثري وساحة المشور السعيد التي يمكن للزوار اكتشافها والتقاط صور تذكارية فيها، أو مواكبة عملية بيع الملابس في سوق “الغرزة الكبير”.
مدينة غنية
الإقامة في تطوان تجربة في حد ذاتها. سواء اخترت أحد فنادقها الفخمة، أو الرياض التقليدية في قلب المدينة العتيقة، أو شقة مفروشة للكراء اليومي، ستعثر على دفء المدينة، لأن الإقامة ولو لأيام قليلة في “الحمامة البيضاء” تعدّ فرصة سانحة للتعرف على مدينة تحتضن تراثا موريسكيّا قويا. لهذا، تتلاءم العروض السياحية مع خصوصية كافة مراحل السنة، من اكتظاظ الصيف، إلى باقات شهر العسل، إلى عروض نهاية الأسبوع.
كل مؤهلات المدينة، سواء مراكز التسوق أو خزانها العمراني والثقافي والحضاري، تسمح للمصورين بالتقاط عشرات الصور ضمن جولة تصوير متواصلة تمسك كافة المشاهد واللحظات لتخليد تجربة زيارة استثنائية إلى مدينة محبوبة لدى كثيرين، خصوصا بفضل طيبة أهلها وبساطتهم وترحيبهم المتواصل بالزائر.
بالإضافة إلى كل ذلك، يعدّ الوصول إلى تطوان سهلاً وميسّرا، سواء عبر الطرق المعبدة بفضل قربها من مدينة طنجة، أو جوا عبر مطار طنجة الدولي أو مطار سانية الرمل المحلي، أو على متن سيارات الأجرة الكبيرة التي تربطك بالمدينة ضمن شبكة طرق حديثة.
وفي النهاية.. لماذا يجب أن تزور تطوان؟
هسبريس تقترح عليك تطوان لأنها تجربة متكاملة تلامس الزائر من أول لحظة. بين جبال الريف التي تحيط بها، وشواطئ البحر الأبيض المتوسط التي تلتقي معها، وبين أزقتها القديمة التي تحكي حكاياتها وأسواقها التي تعج بالحياة، تنبض المدينة بثقافة وتاريخ عميقين. تطوان تستقبل الناس بكل دفء، لعيش لحظات، ثمّ مغادرتها بحمل كبير من الذكريات.