أبو مينا , في خطوة تاريخية تُضاف إلى سجل النجاحات المصرية في مجال الحفاظ على التراث، أعلنت لجنة التراث العالمي التابعة لمنظمة اليونسكو خلال اجتماعات دورتها الـ47 المنعقدة في باريس، عن رفع الديرالأثري، الواقع بمدينة برج العرب بالإسكندرية، من قائمة التراث العالمي المعرض للخطر. هذا القرار جاء بعد مراجعة التقرير المشترك الصادر عن مركز التراث العالمي والمجلس الدولي للمعالم والمواقع (ICOMOS) لعام 2025، والذي أبرز التقدم الملحوظ الذي أحرزته مصر في جهود الترميم والصون.
من أهم ما جاء في التقرير، هو نجاح الدولة المصرية في إنشاء نظام متكامل لرصد واستقرار منسوب المياه الجوفية بالموقع، وهو التحدي البيئي الأبرز الذي كان يهدد سلامة الموقع الأثري منذ عقود. وأكدت البعثة أن النظام أثبت فعاليته من خلال القياسات الدورية المنتظمة.
تعاون وطني للحفاظ على دير أبو مينا
هذا الإنجاز يعكس التزام الدولة المصرية، ممثلة في وزارة السياحة والآثار والمجلس الأعلى للآثار، بالحفاظ على تراثها الثقافي وفقًا للمعايير الدولية. وقد أعرب وزير السياحة والآثار عن سعادته بالقرار، مشيدًا بالجهود الكبيرة التي بذلتها فرق العمل خلال السنوات الماضية، بدءًا من خفض منسوب المياه الجوفية، وصولًا إلى ترميم العناصر الأثرية وتطوير الخدمات السياحية بالموقع.
كما وجه الوزير شكره وتقديره لجميع الجهات الوطنية والكنيسة المصرية، مشددًا على أن هذا النجاح لم يكن ليتحقق لولا التعاون المثمر بين جميع الأطراف. وخص الوزير قداسة البابا تواضروس الثاني بتهنئة خاصة لدور الكنيسة المهم في دعم المشروع.
دير أبو مينا: موقع أثري وروحي فريد
يُعد الدير أحد أبرز المعالم الأثرية المسيحية في العالم، وقد أُدرج على قائمة التراث العالمي منذ عام 1979 لما يتميز به من أهمية دينية ومعمارية استثنائية. وكان الدير يشكل المحطة الثانية للحج المسيحي بعد القدس، ويحتوي على معالم معمارية هامة مثل البئر الذي يضم قبر القديس مينا، الكنيسة الكبرى، وساحة الحُجّاج.
لكن الموقع واجه تحديات كبيرة بسبب ارتفاع منسوب المياه الجوفية الناتج عن التوسع الزراعي والري بالغمر، ما أدى إلى إدراجه ضمن قائمة المواقع المهددة بالخطر عام 2001. وفي عام 2019، بدأت مصر تنفيذ مشروع علمي متكامل لخفض منسوب المياه، تلاه التشغيل التجريبي للنظام في 2021، والافتتاح الرسمي له عام 2022.
جهود الترميم لم تقتصر على البنية التحتية فقط، بل شملت أيضاً ترميم العناصر المعمارية المتبقية، مما أسهم بشكل مباشر في تحقيق كافة الشروط المطلوبة لرفع الموقع من القائمة المهددة، وضمان استمرارية الحفاظ على هذا الإرث للأجيال القادمة.
