
تضمنّت ورقة بحثية صادرة حديثا تأكيدات على أن “مسارات الهجرة الدولية لمهاجري دول جنوب الصحراء نحو جنوب المملكة المغربية تتميز بتعقيدات جغرافية واجتماعية عميقة، وتعكس دينامية متجددة لظاهرة الهجرة في المنطقة”.
وأشارت الوثيقة التي أعدها الباحثان في قضايا الهجرة واللجوء عبد الحميد جمور ومبارك أوراغ، من كلية الآداب والعلوم الإنسانية بأكادير، إلى أن “المغرب يُعتبر مجالاً خصباً لتوافد المهاجرين من دول العمق الإفريقي، وذلك لاعتبارات عدة، منها تلك المتعلقة بالجغرافيا السياسية للمملكة من حيث قربها من الضفة الأوروبية، إلى جانب العلاقات الدبلوماسية المتينة التي تجمع الرباط مع عدة دول إفريقية في مجال جنوب الصحراء”.
كما جاء ضمن الورقة أن “الهجرة نحو المغرب تأخذ طابعاً شبابياً بامتياز، أي إن أغلب المهاجرين الأفارقة نحو المملكة هم من فئة الشباب”، مسجلة أن “التحولات النوعية التي حدثت على خريطة الهجرة نحو المملكة أفرزت واقعاً جديداً حول البلد من بلد عبور فقط إلى فضاء للاستقرار”.
وكشفت الوثيقة في السياق نفسه أن “نسبة كبيرة من المهاجرين من دول جنوب الصحراء تدخل المغرب عبر المنافذ الشرقية بطريقة غير نظامية، خاصة من دول مثل الكاميرون، سيراليون، نيجيريا، وغينيا بيساو، في حين أن مواطني بعض الدول الأخرى التي تربطها علاقات إستراتيجية مع المغرب، مثل السينغال وكوت ديفوار والنيجر، يدخلون التراب الوطني بشكل قانوني دون الحاجة إلى تأشيرة دخول”.
وأشار العمل البحثي، المنشور في عدد يوليوز الجاري لمجلة “المجال الجغرافي والمجتمع المغربي”، إلى أن “المغرب يتعامل مع ملف الهجرة من خلال سياسات موجهة لتنظيم تدفقات المهاجرين الأفارقة، مع اعتراف واضح بالتنوع في الأوضاع القانونية والاجتماعية للمهاجرين، وهو ما ينعكس على تعقيدات الدخول وطرق التنقل عبر التراب الوطني”؛ وهو الوضع الذي يستدعي، حسب الوثيقة، “إنجاز مزيد من الدراسات لفهم المسارات الحقيقية وتداعياتها الاجتماعية والاقتصادية”.
وتطرّق المصدر ذاته كذلك لدور السياقات الجغرافية والدبلوماسية في تشكيل توجهات الهجرة، معتبراً أن “العلاقات التاريخية والمصالح السياسية تلعب دوراً أساسياً في تحديد نوعية الدخول وإمكانيات الإقامة أو العبور عبر تراب المملكة المغربية إلى وجهات أخرى”؛ ولم يغفل أيضا الإشارة إلى أن “غياب إحصاءات دقيقة حول المهاجرين غير النظاميين في المغرب يشكل عائقاً أمام التخطيط الفعال والنوعي بشأن قضية الهجرة إلى أو عبر المغرب”.
وأوصى البحث في المجمل بـ”تطوير آليات الدخول القانونية عبر الحدود، خاصة المنافذ الشرقية، للحد من تدفقات الهجرة غير النظامية، وتعزيز التعاون الإقليمي والدولي لتبادل المعلومات وتنظيم حركة المهاجرين، إلى جانب دعم برامج الإدماج الاجتماعي والاقتصادي للمهاجرين داخل المغرب لتقوية الاستقرار والاندماج المجتمعي من جهة، وحفظ كرامة المهاجر داخل المجتمع المضيف”.