أخبار عاجلة
الأهلي يضع بند ذكي في عقد وسام أبو علي.. ولعت -

بنكيران وتداعيات صدمة 2016

بنكيران وتداعيات صدمة 2016
بنكيران وتداعيات صدمة 2016

تابعت، كما تابع كثير من الفاعلين السياسيين والمهتمين بالشأن العام في بلادنا، سلسلة خرجات السيد عبد الإله بنكيران، رئيس الحكومة الأسبق والأمين العام الحالي لحزب العدالة والتنمية. وللأمانة، وبعد أن كتمت طويلا شعور الاشمئزاز والانزعاج، لا يسعني اليوم إلا أن أعبّر عن أسفي العميق لما آل إليه مستوى الخطاب السياسي الذي يصرّ هذا الرجل على تقديمه للرأي العام.

للأسف، لم يعد الأمر مجرد تعبير عن رأي سياسي، بل أصبح حالة مؤسفة تسيء إلى السياسة، وتلطخ صورة حزب كان في وقت ما في واجهة المشهد السياسي، فبينما اختار رجال دولة كبار ، من طينة أحمد عصمان والمرحوم عبد الرحمان اليوسفي وعباس الفاسي وسعد الدين العثماني، أن ينهوا مسارهم السياسي بكرامة وتحفّظ، اختار بنكيران أن يحوّل خرجاته إلى فصول من التهجم والسخرية والانحدار الأخلاقي.

الحقيقة أن الرجل يعاني – في تقديري – من حالة نفسية حقيقية، يعرفها علم النفس باسم “التثبيت” (Fixation)، أي التوقف عند لحظة نفسية مؤلمة يصعب تجاوزها. وهذه اللحظة، في حالة بنكيران، هي سنة 2016، وتحديدا لحظة إعفائه من تشكيل الحكومة بسبب فشله الذريع آنذاك. صدمة لم يستوعبها إلى اليوم، وتحوّلت إلى عقدة مزمنة، خاصة بعد أن رأى حزبه ينهار أمام عينيه، لا بسبب “تماسيح وعفاريت” كما صوّر، بل بسبب انكشاف وهم كبير.

نعم، حزب العدالة والتنمية كان أكبر وهم سياسي في تاريخ المغرب الحديث، حزب ظن نفسه صاحب “مرجعية” وشعبية، بينما هو في الحقيقة كان مجرد بالون تم نفخه باستغلال الدين كأصل تجاري (fonds de commerce)، واستثمر في الأخلاق والخطاب الشعبوي، إلى أن جاء وقت المسؤولية، والمسؤولية ”كْتْحَنْتْ”، كما يقول المغاربة.

انكشف زيف الإدعاءات، وغرِق الحزب في التخبط التدبيري والفضائح الأخلاقية، وتورّط في قرارات لا شعبية أضرّت بشرائح واسعة من المواطنين، من موظفين ومتقاعدين ونقابيين، وانتهى به المطاف إلى هزيمة مدوية سنة 2021.

بنكيران لم يستوعب هذا الدرس، ولم يتقبل الحقيقة، فصار يتخبط في خطاب انتقامي، يهاجم فيه كل من يراه مسؤولاً عن ما وقع: الأحزاب، الدولة، المؤسسات، وحتى المواطن. فقد وصف المغاربة تارة بأنهم مرتشون في الانتخابات، وتارة بأنهم “محشّيين”، وتارة بأنهم مغرر بهم. ولم يسلم منه حتى الموظفون، حين اعتبر الزيادة في الأجور مجرد “رشوة لشراء الذمم”.

بل وصل به الأمر إلى التطاول على مؤسسات دستورية ورموز وطنية. وهذا ليس فقط سقوطاً سياسياً، بل الإبلاغ وسقوط إنساني وأخلاقي مؤلم.

إنني أجد نفسي اليوم مضطرة لأقول: بئس هذا الخطاب الذي يهين السياسة ويضر بصورة الوطن. وإخواننا في حزب العدالة والتنمية يتحملون جزءا من المسؤولية، لأنهم تركوا هذا “الكهل السياسي” يواصل هذا الانحدار، بدل أن يساعدوه على أن ينهي مساره بما تبقّى من كرامة.

وختاماً، لا نملك إلا أن نسأل الله له الشفاء، وأن يرزقه من يذكره بالرفق والعقل والتوازن. لأن هذا الرجل اليوم، لم يعد في حاجة إلى المنصات والميكروفونات، بل هو في حاجة إلى الرعاية النفسية والطبية والدعاء.

نسأل الله له الهداية، ولبلادنا مزيداً من الرقي في الخطاب، والنضج في الفعل السياسي.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق بعد اجتماع مع الوزير:.. رئيس النواب: إدخال تعديلات على مشروع قانون التعليم
التالى الاتحاد يطلب ضم موهبة الأهلي ضمن صفقة مروان عطية