رفعت عدد من الجمعيات والفعاليات الأمازيغية بالمغرب دعوى قضائية أمام المحكمة الإدارية بالرباط ضد الدولة المغربية في شخص رئيس الحكومة، ووزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، بسبب ما اعتبرته تقصيراً في تنفيذ الالتزامات القانونية المتعلقة بتعميم تدريس اللغة الأمازيغية في المستويين الأولي والابتدائي، مستندة في دعواها إلى مقتضيات القانون التنظيمي رقم 26.16 المتعلق بتفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية وكيفيات إدماجها في مجال التعليم وفي مجالات الحياة ذات الأولوية، الذي ينص على إدماج هذه اللغة في مختلف مستويات التعليم بشكل تدريجي، وفي آجال زمنية محددة.
والتمست الجمعيات، التي ينوب عنها المحامي والفاعل الأمازيغي أحمد أرحموش، ومحامون آخرون بهيئات الرباط ومراكش وأكادير ومكناس والحسيمة والناظور، الطعن في شرعية قرارات وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، المتضمنة في كل من المذكرة رقم 028X23 الصادرة بتاريخ 23 من شهر ماي عام 2023، والمذكرة رقم 152X24 المؤرخة في 19 من شهر أبريل العام الماضي، اللتين تقضيان بالتعميم التدريجي لتدريس الأمازيغية بالمؤسسات التعليمية بنسبة 50 في المائة في أفق الموسم الدراسي 2024/2025، وبنسبة كاملة في أفق موسم 2029/2030، والحكم بعدم شرعيتهما.
وسجلت الفعاليات الأمازيغية ذاتها، في المقال الإداري الذي تقدمت به على هذا المستوى، وتوصلت جريدة هسبريس الإلكترونية بنسخة منه، مخالفة هاتين المذكرتين مقتضيات الفقرة الأولى من المادة 31 من القانون التنظيمي المتعلق بالأمازيغية، الذي نص على تدريس اللغة الأمازيغية بكيفية تدريجية في جميع مستويات التعليم الأولي والابتدائي داخل أجل خمس سنوات على الأكثر، ابتداء من تاريخ نشر القانون في الجريدة الرسمية.
واعتبر رافعو الدعوى القضائية أن القانون يُلزم وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة بتعميم تدريس الأمازيغية بالمستويين الأولي والابتدائي داخل أجل أقصاه 26 من شهر شتنبر من سنة 2024، غير أنها مددت هذا الأجل إلى غاية سنة 2030، مشيرين أيضاً إلى مخالفة المذكرتين سالفتي الذكر مبدأ فصل السلط ومقتضيات المرسوم رقم 2.24.328 الصادر بتاريخ الثاني من فبراير عام 2024، والمتعلق بتحديد اختصاصات وتنظيم الوزارة الوصية على قطاع التعليم في المغرب.
في هذا الصدد أعاب المدّعون على “وزارة برادة” ممارستها ما أسموه نوعاً من “الانحراف القانوني” بتدخلها في اختصاصات السلطة التشريعية، إذ “سمحت لنفسها أن تحل محل هذه الأخيرة، التي يرجع لها الاختصاص حصراً في تغيير أو تعديل أو إلغاء مقتضى قانوني ما”، مبرزين أن تمديد التعميم إلى أجل سنة 2030 يضع الوزارة في موضع مساءلة من أجل عدم تقيدها بالأجل المقرر، ومن أجل اقتحامها مجال التشريع، في خروج عن اختصاصاتها المحددة بموجب المرسوم سالف الذكر.
وأكدت فعاليات المجتمع المدني عينها افتقاد مذكرتي وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة المشروعية القانونية والحقوقية، مشيرة في هذا الصدد إلى مقتضيات الدستور التي تؤكد سمو المواثيق والمعاهدات الدولية على التشريعات الوطنية، وإلى التوصيات الختامية للجنة المعنية بحقوق الإنسان في ملاحظاتها الختامية الموجهة إلى المغرب في دجنبر من عام 2016، الداعية إلى تسريع الجهود من أجل النهوض بالأمازيغية وإتاحة استعمالها في المساطر القضائية والإدارية.
كما لفتت الهيئات ذاتها إلى توصيات اللجنة الأممية المكلفة بالقضاء على التمييز العنصري، في ملاحظاتها الختامية بشأن تقرير المغرب، التي أوصت الدولة المغربية بتكثيف جهودها الرامية إلى تنفيذ مقتضيات الدستور ومقتضيات القانون التنظيمي رقم 26.16 المتعلق بتفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية وكيفيات إدماجها في مجال التعليم وفي مجالات الحياة ذات الأولوية، وبالرفع من وتيرة تعميم “لغة إيمازيغن” وزيادة عدد مدرسيها.
إلى ذلك التمس المقال الإداري المرفوع إلى المحكمة الإدارية بالرباط الحكم بعدم شرعية المذكرتين الصادرتين عن الوزارة الوصية على قطاع التعليم (المدعى عليها)، واعتبار قراراتها في هذا الصدد كأن لم تكن، مع ترتيب الآثار القانونية على ذلك، والحكم بالنفاذ المعجل، والصائر على الوزارة ذاتها.
وضمت لائحة المدعين 15 جمعية وتنظيماً مهتماً بالشأن الأمازيغي والحقوقي بالمغرب، على غرار “كونفدرالية الجمعيات الثقافية الأمازيغية بشمال المغرب”، “جمعية ألماس الثقافية بالناظور”، “الفيدرالية الوطنية للجمعيات الأمازيغية”، “الجمعية الوطنية للمحامين بالمغرب”، “الجمعية الجهوية لمدرسات ومدرسي اللغة الأمازيغية فاس-مكناس”، “جمعية أستاذات وأساتذة اللغة الأمازيغية بالحوز”، إلى جانب جمعيات أخرى في طنجة ومكناس والخميسات وأكادير ومراكش.