أعاصير , تشهد مياه البحر المتوسط خلال الصيف الحالي تحولات مناخية حادة وغير مسبوقة، تتمثل في ارتفاع ملحوظ في درجات حرارتها، ما يثير قلق العلماء والخبراء حول التغيرات المحتملة في النظام البيئي والمنظومة الاقتصادية المرتبطة بها. هذا ما أكده الدكتور هشام العسكري، أستاذ الاستشعار عن بُعد وعلوم نظم الأرض بجامعة تشابمان الأمريكية، في حديثه لبرنامج «بالورقة والقلم» على قناة تن.

ارتفاع غير طبيعي في حرارة مياه البحر المتوسط وتوقعات بـ أعاصير
أوضح الدكتور هشام العسكري أن البحر المتوسط بدأ يظهر سمات مناخية استوائية، رغم موقعه الجغرافي الخارجي عن نطاق المناطق الاستوائية. وأشار إلى أن درجة حرارة مياه البحر ارتفعت أكثر من المعدلات الطبيعية المعتادة، وهو ارتفاع يعتبر كبيرًا في سياق التغيرات المناخية.
وذكر العسكري أن هذا الارتفاع الكبير في حرارة المياه يؤدي إلى تحولات مناخية حادة قد تتطور إلى ظواهر مناخية شديدة، منها ما وصفها بـ«أشباه الأعاصير» أعاصير التي قد تضرب المنطقة خلال فصل الصيف، ما يشكل تهديدًا مباشرًا للسكان والأنشطة الاقتصادية البحرية.

تأثيرات بيئية واقتصادية خطيرة
شدد الدكتور العسكري على أن هذه التحولات المناخية لا تؤثر فقط على البيئة البحرية، بل تمتد آثارها لتطال الاقتصاد المحلي والإقليمي. وأوضح أن التغيرات في درجات حرارة المياه تؤدي إلى تحرك غير طبيعي للعوالق البحرية، التي تعد بداية السلسلة الغذائية في البحر، مما يؤدي إلى اضطرابات في التوازن البيئي وتأثير سلبي على الثروة السمكية.
وأكد أن النظام البيئي البحري يواجه ضغوطًا متزايدة قد تؤدي إلى تراجع كبير في إنتاجية الأسماك، مما يهدد نشاط الصيد الذي يعتمد عليه كثير من المجتمعات الساحلية في البحر المتوسط. هذا الأمر قد يؤدي إلى فقدان فرص عمل وتراجع في مصادر الغذاء، مع انعكاسات اجتماعية واقتصادية متسلسلة.

توقعات بزيادة حرارة وأمطار وأعاصير في نهاية الصيف
فيما يخص التوقعات المناخية، حذر الدكتور العسكري من أن البحر المتوسط لا يزال في بداية فصل الصيف، ومن المتوقع أن تسجل درجات الحرارة المزيد من الارتفاع خلال شهري أغسطس وسبتمبر. هذا الارتفاع المستمر في الحرارة سيزيد من معدلات التبخر، مما قد يؤدي إلى تكوين سحب كثيفة وزيادة فرص تساقط الأمطار في شهري سبتمبر وأكتوبر.
وأشار إلى أن هذه الظواهر الجوية قد تكون مصحوبة بعواصف وأمطار غزيرة، ما يستدعي استنفار الجهات المختصة لمواجهة مخاطر الفيضانات والسيول في المناطق الساحلية، ولتوعية السكان باتخاذ الإجراءات الوقائية اللازمة.
في الختام، حذر الدكتور هشام العسكري من استمرار هذا الاتجاه في تغير مناخ البحر المتوسط، مؤكدًا على ضرورة اتخاذ إجراءات عاجلة للتكيف مع هذه التحولات، سواء من خلال تحديث السياسات البيئية، أو تعزيز جهود البحث العلمي والمراقبة المناخية، للحفاظ على النظام البيئي وضمان استدامة الموارد البحرية في هذه المنطقة الحيوية.