مريم , تحوّلت عطلة صيفية لعائلة تونسية مقيمة بالخارج إلى مأساة أليمة، بعد أن فقدت الطفلة ذات الثلاث سنوات حياتها غرقًا في البحر، قبالة سواحل مدينة قليبية، يوم الجمعة، في حادثة مروعة أثارت تعاطفًا واسعًا في الشارع التونسي. كانت العائلة قد قدمت من إحدى الدول الأوروبية لقضاء عطلة قصيرة، واختارت منزلًا قريبًا من الشاطئ. لم تكن على دراية بخطورة البحر في ذلك اليوم، حيث بلغت سرعة الرياح 50 كلم في الساعة، وصاحبها اضطراب شديد في البحر بفعل العاصفة.
الطفلة الصغيرة كانت تلهو على عوامة مطاطية، بينما كانت العائلة تراقبها عن قرب. وفي لحظة خاطفة، سحبها تيار بحري قوي. حاولت والدتها اللحاق بها، لكن قوة التيار وسرعته كانت أكبر من قدرتها. أما والدها، فغاص خلفها حتى مسافة 300 متر من الشاطئ وهو يردد: “مريم لا تخافي”، لترد الصغيرة بصوت خافت: “أنا لا أخاف، لكن حاول اللحاق بي”. ولولا تدخل عمّ الطفلة في اللحظة الأخيرة، لكان الأب أيضًا من ضحايا هذا البحر الغاضب.
. سباق مع الزمن لإنقاذ مريم الغواصون في مهمة إنقاذ مستحيلة
فور اختفاء الطفلة ، أبلغت العائلة فرق الحماية المدنية والحرس الوطني، التي لبّت النداء بسرعة. شاركت مروحية وغواصون محترفون في عمليات البحث، أبرزهم الغواص ختام ناصر، عضو المنتخب الوطني للغوص، الذي تحدّث لاحقًا عن تفاصيل دقيقة لتلك المهمة التي استمرت 72 ساعة بلا توقف.
في البداية، عُثر على العوامة التي كانت على متنها على بعد 14 كيلومترًا من موقع الحادث، دون أي أثر لها. ومن خلال المعطيات العلمية، توقعت فرق الإنقاذ أن الجثمان قد لا يظهر على سطح الماء إلا بعد مرور 3 أيام، وهو ما زاد من صعوبة المهمة. رغم ذلك، استمر البحث تحت الماء وعلى السطح، وتوسعت دائرته تدريجيًا. تغيّر اتجاه الرياح والتيارات البحرية بعد اليوم الثاني ساعد نوعًا ما، لكن الغموض ظلّ مخيّمًا حتى اللحظات الأخيرة.
النهاية الحزينة: العثور على جثمان مريم وإغلاق الملف
في اليوم الثالث، وبعد جهود جبّارة من فرق الإنقاذ والمتطوعين، عثرت سفينة صيد على جثمان الطفلة، على بُعد 40 كيلومترًا من مكان الغرق و2 كيلومتر من الشاطئ. كان الجثمان في حالة شبه سليمة، ولم يتحلل بشكل كبير، فقط منتفخًا قليلًا في الأمعاء والرئتين، كما أكد الغواص ختام ناصر.
رغم الألم، عبّر والدها عن امتنانه لفريق الإنقاذ، ودعا الغواص ناصر إلى منزله لتقديم الشكر، مؤكدًا أنّ العثور على جثمان ابنته ولو بعد فوات الأوان، أراحه بعض الشيء من عذاب الفقد الغامض.
هذه الحادثة المؤلمة تذكّرنا بخطورة البحر وعدم التهاون مع ظروفه الجوية، خاصة بالنسبة للأطفال، مهما بدت الأمور آمنة في الظاهر.
