سجلت أسعار الديزل زيادة عالمية ضمن تداعيات الحرب الإسرائيلية الإيرانية على أسواق الطاقة، خاصةً أن صادرات الشرق الأوسط تُعدّ مصدرًا رئيسًا للإمدادات.
وانعكست هذه المستجدات على السوق الأوروبية تحديدًا، إذ وقعت في معضلة كبرى بين اعتمادها المفرط على واردات الشرق الأوسط الملتهبة، ورغبتها في اتخاذ موقف أكثر صرامة تجاه الديزل المنتَج من النفط الروسي.
وحسب قاعدة بيانات أسواق النفط العالمية لدى منصة الطاقة المتخصصة (الصادرة من واشنطن)، صعدت أسعار النفط الخام بنسبة تتراوح بين 8 و10% عقب الهجوم الذي شنّته إسرائيل على إيران فجر الجمعة الماضية (13 يونيو/حزيران 2025).
ويبدو أن مكاسب الديزل فاقت الزيادة التي حققها خام برنت القياسي على مدار الأيام الماضية، ما يُنذر بتقلبات وشيكة في سوق الوقود العالمية أيضًا.
أسعار الديزل وواردت الشرق الأوسط
يشكّل حجم صادرات الشرق الأوسط عنصرًا رئيسًا في زيادة أسعار الديزل مؤخرًا، وقُدِّرَ الارتفاع خلال الأسبوع الأخير بنسبة 15% للديزل الأحمر منخفض الكبريت.
وزادت التصريحات المتقلبة الصادرة عن البيت الأبيض والرئيس الأميركي دونالد ترمب -حول الانضمام للحرب الإسرائيلية ضد إيران- من حدّة الموقف، بالنظر إلى أن منطقة الشرق الأوسط باتت ملتهبة.
ويوضح الرسم التالي -الذي أعدّته منصة الطاقة المتخصصة- أكبر مصدري الديزل في الشرق الأوسط، العام الماضي:
وتُشير التقديرات إلى أن صادرات دول الشرق الأوسط من الديزل خلال العام الماضي 2024 بلغت 831 ألف برميل يوميًا.
ويعادل ذلك 17% من الواردات العالمية المنقولة بحرًا، وفق معلومات نقلتها رويترز عن مزود البيانات كبلر.
وتستحوذ (السعودية، والكويت، والإمارات) على الحصة الكبرى من الصادرات، بعدما طورت هذه الدول مرافق التكرير الخاصة بها مؤخرًا.
وزاد الطلب العالمي على الديزل خلال الأشهر الأخيرة، بالتزامن مع تراجع مستويات التخزين الأميركية والأوروبية؛ ما يفسّر ارتفاع الأسعار وحساسية الوقود للمتغيرات الجيوسياسية.
السوق الأوروبية
أظهرت التغيرات السعرية في أعقاب اشتعال الحرب الإسرائيلية الإيرانية ارتباكًا في السوق الأوروبية المفرطة باعتمادها على الديزل.
ويتخوف المستهلكون من انقطاع إمدادات الشرق الأوسط، وتأثُّر حركة الملاحة في مضيق هرمز الذي ينقل كميات كبيرة من الخام والمشتقات النفطية.
وسجّلت الأسعار الأوروبية ارتفاعًا بنسبة مماثلة للزيادة العالمية، نظرًا لتنوع استعمالاته في مجالات النقل والصناعات.
وبلغ الطلب الأوروبي الإجمالي على النفط العام الماضي 13.5 مليون برميل يوميًا، شكّل الديزل 44% منه.
وتعتمد أوروبا على واردات الوقود المكرر بقوة، إذ استوردت 1.2 مليون برميل يوميًا العام الماضي، ما يعادل "خُمس" استهلاكها من الديزل، حسب بيانات وكالة الطاقة الدولية.
وتزداد المخاوف من تأثُّر القارة العجوز بانقطاع محتمل في إمدادات الشرق الأوسط، خاصة بعد تقدير حجم اعتمادها على الواردات.

سيناريو الإمدادات الروسية
رغم مخاوف انقطاع الإمدادات، تسببت زيادة أسعار الديزل في إنعاش هوامش التكرير الأوروبية بنسبة تزيد على 30% خلال الأسبوع الأخير، مسجلةً أعلى مستوياتها في غضون 14 شهرًا، طبقًا لبيانات بورصة لندن.
ويبدو أن مصافي التكرير استفادت من مكاسب الوقود بمعدل أعلى من مكاسب النفط الخام.
ولا تعني مكاسب المصافي أن سوق الديزل الأوروبية مستقرة، إذ تستعد -فيما يبدو- لاضطرابات طويلة المدى؛ نتيجة عوامل عدّة، من بينها:
- اضطرابات الشرق الأوسط.
- الموقف من الإمدادات الروسية.
تجدر الإشارة إلى أنّ واردات أوروبا من الديزل الروسي تراجعت بشدة، مسجلة 1% فقط العام الماضي، هبوطًا من 40% عام 2022.
وجاء ذلك بعدما أقرّت أوروبا حظرًا على ديزل موسكو بعد اندلاع الحرب الأوكرانية، وباتت إمدادات "الشرق الأوسط وتركيا والهند" بديلًا.
وخلال هذه الآونة أدّت الهند دور الوسيط، إذ كثّفت وارداتها من الخام الروسي الرخيص لتعيد بيعه إلى أوروبا بعد تكريره محليًا، مستفيدة من فارق المكاسب.
وكان الاتحاد الأوروبي يتبنى مساعي لحظر المشتقات النفطية المعتمدة على الخام الروسي، لكن الحرب الإسرائيلية الإيرانية جاءت لتثير التساؤلات حول إمكان تنفيذ ذلك في ظل مخاوف انقطاع الإمدادات، خاصة أنه يصعب تحديد نوع الخام من بين المزيج الذي تعتمد عليه المصافي.
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..
المصادر: