إلى جانب كونه واحدًا من أكبر حقول النفط الروسية، يعدّ حقل ساموتلور أحد أكبر الاكتشافات في العالم، لذلك تعتمد عليه موسكو في دعم عدد من القطاعات الصناعية والتجارية، كما يؤدي دورًا مهمًا في دعم الصادرات.
وبحسب بيانات حقول النفط والغاز العالمية لدى منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، فإن الحقل النفطي العملاق يقدّم إسهامات ضخمة لقطاع الطاقة الروسي، خاصة أنه يقع في منطقة تشتهر بمواردها الهائلة من النفط والغاز، بجانب موارد طبيعية أخرى.
ويمثّل حقل ساموتلور أحد المحاور الإستراتيجية الرئيسة في صناعة الطاقة لدى روسيا، خاصة أنه -منذ اكتشافه- أدى دورًا مهمًا في دعم اقتصاد البلاد، ما جعله منذ سنوات طويلة جزءًا لا يتجزأ من خطط التنمية الوطنية المرتبطة بقطاع الطاقة.
وتسعى روسيا، من خلال استغلال إمكانات حقل ساموتلور، إلى تعزيز إنتاجها من النفط الخام، بالإضافة إلى دعم صادراتها، على الرغم من التزامها بتخفيضات طوعية مهمة ضمن اتفاق مجموعة الدول الـ8 الأعضاء في تحالف أوبك+.
وللاطّلاع على الملف الخاص بحقول النفط والغاز العالمية والعربية لدى منصة الطاقة المتخصصة، يمكنكم المتابعة عبر الضغط (هنا)، إذ يتضمن معلومات وبيانات حصرية تغطي قطاعات الاستكشاف والإنتاج والاحتياطيات.
معلومات عن حقل ساموتلور
تشير أبرز المعلومات عن حقل ساموتلور إلى أنه اكتُشِف -للمرة الأولى- في عام 1965، وذلك بعد دراسات جيولوجية مكثفة أجريت في منطقة سيبيريا الغربية، كانت تستهدف التنقيب عن موارد النفط والغاز العملاقة هناك.
وتمكنت حكومة الاتحاد السوفييتي السابقة، في ستينيات القرن الماضي، من الوصول إلى هذا الاكتشاف الضخم، بعد دراسات كبيرة وجهود ضخمة استهدفت استكشاف مكامن النفط بالتكوينات الجيولوجية العميقة في المنطقة.
وبدأ الإنتاج الفعلي في حقل ساموتلور عام 1969، إذ كان إنتاجه نقطة تحول كبيرة بالنسبة إلى صناعة النفط الروسية، لا سيما أن الحقل أدى دورًا حيويًا خلال مدة حكم الاتحاد السوفيتي، وأسهم بشكل كبير في دعم الصادرات النفطية.

ويقع حقل ساموتلور في منطقة خانتي-مانسيسك ذاتية الحكم، الواقعة في سيبيريا الغربية، إذ تمتد المنطقة عبر تربة مستنقعية واسعة تُعرَف ببيئتها الصعبة وبرودتها الشديدة، وفق البيانات الجغرافية التي اطّلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة.
وعلى الرغم من هذه الطبيعة القاسية والصعبة، يتميز موقع الحقل النفطي العملاق بقربه من شبكة من الأنهار الكبيرة، وهو ما يسهّل عمليات نقل النفط عبر أنابيب خاصة، كما أن موقعه الإستراتيجي جعله صالحًا ليكون نقطة إنتاج وتصدير حيوية للنفط الروسي.
ويسهم حقل ساموتلور في الاقتصاد الروسي بقوة، إذ يعدّ إحدى الركائز الرئيسة لإيرادات الدولة على مدى العقود الماضية، وقد تمكنت موسكو -من خلال تصدير إنتاجه- من تحقيق عائدات ضخمة أسهمت في دعم قوّتها الاقتصادية والعسكرية.
وكانت هذه العائدات عاملًا رئيسًا في تمويل مشروعات البنية التحتية وبرامج التنمية الوطنية، بالإضافة إلى أن الحقل أسهم في توفير آلاف من فرص العمل المباشرة وغير المباشرة في منطقة خانتي-مانسيسك والمناطق المحيطة بها.
احتياطيات حقل ساموتلور
تشير التقديرات الرسمية إلى أن احتياطيات حقل ساموتلور الأصلية القابلة للاستخراج تُقدَّر بنحو 28 مليار برميل من النفط الخام عالي الجودة، التي تعتمد عليها كثير من مصافي دول آسيا وأوروبا، وفق بيانات الاحتياطيات والإنتاج العالمية لدى منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن).
وعلى الرغم من أن الحقل النفطي العملاق قد استُنزِف جزء كبير من احتياطياته على مرّ السنوات الـ60 الماضية، فإن الحكومة الروسية، ممثلةً في شركة روسنفط، تمكّنت من استخراج كميات إضافية من النفط الخام من المكامن المتبقية فيها.

واعتمدت الشركة الروسية العملاقة على إمكانات تكنولوجية متقدمة لزيادة القدرة على استغلال احتياطيات ومكامن النفط في حقل ساموتلور، الذي ما يزال يحتفظ بمخزونات إستراتيجية كبيرة، يمكنها أن تدعم الإنتاج خلال العقود المقبلة.
وكان الحقل النفطي العملاق قد بلغ ذروة إنتاجه خلال سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي، إذ أنتج ما يزيد على مليوني برميل يوميًا، ولكن مع مرور الزمن انخفض الإنتاج بعد استخراج النفط من المكامن الأولية في الحقل.
وبعد ذلك، تمكنت روسيا من استعادة مستويات الإنتاج المرتفعة، معتمدةً على التقنيات الحديثة، على غرار الحفر الأفقي وتقنيات الاستخلاص المحسّن للإنتاج، ليصل حجم إنتاج حقل ساموتلور في الوقت الحالي إلى نحو 400 ألف برميل يوميًا.
تطوير حقل ساموتلور
مرَّ تطوير حقل ساموتلور النفطي العملاق في سوريا بمراحل عديدة منذ اكتشافه، إذ تركزت المرحلة الأولى في ستينيات القرن الماضي على بدء الإنتاج التقليدي من المكامن السطحية، بعد حفر الآبار الأولى فيه.
وفي مرحلة السبعينيات، بدأت الشركات تستعمل تقنيات متطورة مثل الحفر الأفقي وحقن المياه لزيادة معدلات الاستخلاص، وهو ما جعل الحقل يصل إلى ذروة إنتاجه بمقدار مليوني برميل يوميًا لأكثر من 15 عامًا.
وبعد استنزاف جزء كبير من الاحتياطيات الموجودة في مكامن حقل ساموتلور، عملت شركة روسنفط الروسية خلال العقدين الأخيرين على إدخال تقنيات متقدمة لتحسين كفاءة الإنتاج وتقليل الأثر البيئي، ما أسهم في إطالة عمره الإنتاجي.
يشار إلى أن شركة روسنفط الروسية تتولى إدارة الحقل النفطي، وسبق أن عقدت شراكات مع شركات أخرى متخصصة في خدمات النفط والغاز، لتطبيق تقنيات حديثة في عمليات الاستخراج والإنتاج، ومن بينها "شل" و"شلمبرجيه"، ولكن هذه الشركات انسحبت بعد الغزو الروسي لأوكرانيا في 24 فبراير/شباط 2022.
وعلى الرغم من انسحاب هذه الشركات العالمية من جهود تطوير حقل ساموتلور، فإن الحقل النفطي يظل رمزًا لثروة روسيا الطبيعية، وعمودًا فقريًا في صناعة الطاقة لديها، إذ من المتوقع أن يواصل الحقل أداء دور حيوي في مستقبل البلاد الطاقي والاقتصادي.
نرشح لكم..
المصادر..