جاء مشروع هيدروجين كالقشة التي قصمت ظهر شركة أميركية معنية بتصنيع السيارات والشاحنات النظيفة، بعدما فشل في تحقيق أهدافه وأطاح بطموحات التطوير.
وتستعد شركة نيكولا -التي تتخذ من ولاية أريزونا مقرًا لها- لطرح مزاد، يتضمن تصفية وبيع أصول ومعدّات، تعود غالبيتها لمشروع "هايلا Hyla".
وحسب قاعدة بيانات مشروعات الهيدروجين العالمية لدى منصة الطاقة المتخصصة (الصادرة من واشنطن)، يمثّل "هايلا" مشروعًا متكاملًا لشبكة تزود بالوقود، لكنه لم ينجح في مستهدفاته حتى الآن.
وبرهن تعثُّر المشروع على الفجوة بين تطور الشاحنات الهيدروجينية في أميركا ونظيرتها في أوروبا وشرق آسيا.
وفي مارس/آذار الماضي، تعرضت "نيكولا" لانتكاسة جديدة، بعدما اضطرت لاستدعاء 95 شاحنة هيدروجينية، إثر عيب فني يؤدي لتسرّب الوقود، وذلك عقب أسبوعين من تقدُّمها بطلب إفلاس.
انهيار شركة نيكولا
يعدّ المزاد المرتقب ترجمة واقعية لانهيار شركة نيكولا الأميركية بعد فشل مشروعها الرئيس، وتبنّت محكمة ديلاوير تفاصيل تصفية الأصول.
وتضمنت الأصول المطروحة للبيع في المزاد معدّات وأدوات رئيسة لطفرة النقل الهيدروجيني، ومن بينها:
طرح 103 شاحنة أو مقطورة وجرار سحب (الجزء الأمامي من الشاحنات الكبيرة المعروف بـSemitrailer tractors) للبيع.

وتعمل هذه الجرارات الكهربائية بخلايا الوقود (FCEV)، لتوفير كهرباء بقدرة 400 كيلوواط، لنطاق يصل إلى 800 كيلومترًا.
وبالإضافة لذلك، طرحت نيكولا 65 وحدة خلايا وقود متكاملة، وبطاريات، ومحولات للتيار، بالإضافة إلى معدّات التزود بوقود الهيدروجين، ومختبر لخلايا الوقود.
وتجذب هذه المعدّات والأصول المنتجين ومشغّلي الخدمات اللوجستية، أو مطوّري البنية التحتية طويلة الأجل ممن يفضلون الاستحواذ على معدّات بأسعار منخفضة، ولديهم القدرة على تجاوز تحديات التمويل.
وتُشير التوقعات إلى تسجيل المبيعات المطروحة انخفاضًا سعريًا كونه أحد النتائج المباشرة لحالة الإفلاس التي تعانيها الشركة.
وشهد شهر أبريل/نيسان الماضي أولى خطوات بيع أصول شركة نيكولا، بعدما استحوذت شركة "لوسيد موتورز" على مصنع ومقر تابعين للشركة الأميركية في أريزونا، في صفقة بقيمة 30 مليون دولار.
مشروع هيدروجين "هايلا"
استهدفت شركة نيكولا الأميركية -من خلال مشروع هيدروجين "هايلا"- إنشاء شبكة متكاملة تشمل تصنيع الشاحنات وبناء محطات للتزود بالوقود.
وتضمَّن ذلك إنشاء 60 محطة لإعادة التزود بالوقود، ونشرها في أنحاء البلاد، بحلول العام المقبل 2026.
وحتى تاريخ كتابة هذا التقرير، لم تنجز الشركة سوى 3 محطات فقط، وقد يرجع ذلك إلى:
- تحديات التكلفة وقيود رأس المال.
- تباطؤ إصدار تراخيص البنية التحتية.
- ضعف طلب السوق على الهيدروجين.
- ضعف استثمارات الشاحنات الهيدروجينية.
وتكمن صعوبة الأمر في أن مشروع "هايلا" عنصر رئيس لرؤية شركة "نيكولا" حول دور الشاحنات الهيدروجينية بقطاع النقل.
وما تزال الشاحنات العاملة بوقود الديزل أوفر حظًا من نظيرتها الهيدروجينية لاعتبارات التكلفة، ما يكشف تحديات أوسع نطاقًا من مجرد فشل مشروع شركة نيكولا.
وبجانب فشل المشروع والاتجاه للتصفية وبيع الأصول، قُدِّرت خسائر "نيكولا" الفصلية بنحو 200 مليون دولار، إذ تطلبت خطة نشر الشاحنات الهيدروجينية وبُنيتها التحتية توافر سيولة كافية لم تنجح الشركة في تأمينها.

السوق الأميركية والخارجية
يعدّ ما آلت إليه شركة نيكولا انعكاسًا لجانب من إستراتيجية الهيدروجين الأميركية، مقارنة بنظيرتها في أوروبا وآسيا.
وزاد نقص السيولة المالية من تعثُّر مشروع نيكولا (الخاص) وتعرُّضها للانهيار، على عكس مشروعات أخرى تعاونت مع هيئات عامة أو حكومية، مثل مشروعات شركة هيونداي أو تويوتا.
ولم يكن انهيار الشركة ببعيد عن معاناة الشاحنات الهيدروجينية في أميركا، إذ تتراجع جاذبية السوق في ظل ضعف البنية التحتية والخدمات اللوجستية وتأخُّر التصاريح، رغم التطور التقني المبذول.
ولم يكن تطور الشاحنات العاملة بخلايا وقود الهيدروجين في أوروبا وشرق آسيا مماثلًا للحالة الأميركية المتعثرة، خاصة مع دعم المشروعات والممرات بالتمويل العام، وتحول المشروعات إلى التشغيل التجاري بعد نجاح التجريب.
وتثير هذه المفارقة التساؤلات حول جدوى سياسات الهيدروجين الأميركية، خاصةً أن القطاع مقبل على معركة من نوع آخر في ظل محاولات إنهاء العمل بقانون "في 45" الذي أقرّه الرئيس السابق جو بايدن لدعم المشروعات.
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..
المصادر..