أصبح استكشاف النفط والغاز غير التقليدي في أميركا اللاتينية محور اهتمام متزايد، مع جهود بارزة لتحويل الإمكانات إلى واقع ملموس.
فقد باتت تحركات الأرجنتين والمكسيك ضرورة لكسر قيود الاعتماد على الواردات وتحقيق قفزة في الصادرات، في وقت تتراجع فيه احتياطيات النفط والغاز التقليدية عالميًا.
وأشار تقرير حديث -اطّلعت عليه وحدة أبحاث الطاقة (مقرّها واشنطن)- إلى أن استغلال مكامن مثل "فاكا مويرتا" في الأرجنتين و"أغوا نويفا" في المكسيك سيعزز قدرة المنطقة على تحقيق أمن الطاقة.
ومع ذلك، سيتطلب نجاح هذه الخطوة بيئة تشريعية جاذبة وتقنيات متقدمة، فضلًا عن تدفقات استثمارية متواصلة.
سباق استكشاف النفط والغاز غير التقليدي في أميركا اللاتينية
بحسب التقرير الصادر عن شركة الأبحاث وود ماكنزي، يمكن أن يغيّر استكشاف النفط والغاز غير التقليدي في أميركا اللاتينية مشهد الطاقة في المنطقة.
ويرجع ذلك إلى دور الأرجنتين الريادي في القطاع، مدفوعة بنجاحاتها المتتالية في حقل فاكا مويرتا، أحد أكبر مشروعات النفط الصخري خارج أميركا الشمالية، إلى جانب بدء المكسيك دراسة استكشاف هذه الإمكانات.
وقطعت الأرجنتين شوطًا كبيرًا في تطوير حقل فاكا مويرتا الصخري، مستهدفةً زيادة صادرات النفط إلى مليون برميل يوميًا بحلول عام 2027، ومن شأن ذلك أن يحفّز تدفُّق الاستثمارات نحو مشروعات البنية التحتية في قطاع النقل والتوزيع.
ويضم الحقل ثاني أكبر احتياطيات غاز صخري في العالم تقارب الـ300 تريليون قدم مكعبة، ورابع أكبر احتياطيات للنفط الصخري على مساحة تصل إلى 30 ألف كيلومتر مربع.
وسبق أن توقعت شركة أبحاث الطاقة "ريستاد إنرجي" أن يصل إنتاج الحقل إلى مليون برميل يوميًا بحلول عام 2030، وفق ما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.
وتُعدّ منطقة "نورث هب" من أبرز المناطق الواعدة ضمن حقل فاكا مويرتا، حيث تُنتج -حاليًا- 27 ألف برميل يوميًا، أي نحو 6% من إجمالي الحقل.
وأظهر تحليل "وود ماكنزي" أن الإنتاج يمكن أن يقفز إلى 280 ألف برميل يوميًا حال تطوير المناطق غير المستغلة وتوسعة شبكة خطوط الأنابيب، لترتفع النسبة إلى نحو الثلث من إجمالي السوائل النفطية.
وقال المحلل الرئيس في وود ماكنزي، أدريان لارا، إن "نورث هب" تمتلك أكبر إمكانات للنمو، لكنها تحتاج إلى تحركات سريعة، أبرزها التوصل لاتفاق حول الأصول المعروضة للبيع من قبل شركتي توتال إنرجي وإكوينور.
استكشاف الموارد غير التقليدية في المكسيك
تحتضن المكسيك ثروة هائلة تُقدَّر بـ113 مليار برميل نفط مكافئ، وتوجد 57% من هذه الموارد في رواسب غير تقليدية، وفقًا لبيانات صادرة عن الهيئة الوطنية للهيدروكربونات (CNH).
فقد وضعت الدولة أهدافًا طموحة تتمثل في إنتاج 1.8 مليون برميل يوميًا من النفط و5 مليارات قدم مكعبة غاز يوميًا بحلول عام 2030، لكن تحقيق ذلك سيكون صعبًا بالاعتماد على أساليب الاستخراج التقليدية فقط.
ووفقًا لتقرير "وود ماكنزي"، يكمُن الحل في استكشاف الموارد غير التقليدية، حيث تمتلك المكسيك تكوينات واعدة مثل أغوا نويفا.
وسلَّط التقرير الضوء على مجموعة من التحديات التي تواجه القطاع، منها:
- تمويل المشروعات.
- تطوير البنية التحتية.
- إنشاء سلاسل توريد متخصصة.
ويأتي الاتجاه نحو استكشاف النفط والغاز غير التقليدي في أميركا اللاتينية من جانب الأرجنتين والمكسيك لتحقيق مجموعة من الأهداف الإستراتيجية، بداية من تعزيز أمن الطاقة إلى تلبية الطلب المحلي وزيادة عائدات التصدير، في ظل توفير بيئة داعمة.
ويوضح الرسم التالي -من إعداد وحدة أبحاث الطاقة- انخفاض احتياطيات الغاز في المكسيك خلال العقدين الماضيين:
تحركات مكسيكية للحدّ من واردات الغاز الأميركية
في السياق ذاته، تدرس المكسيك توسيع عمليات التكسير المائي في أراضيها، في محاولة لتقليص اعتمادها الكبير على واردات الغاز الأميركية.
فخلال العقد الماضي، ارتفعت واردات المكسيك من الغاز الأميركي، مدفوعة بشبكة أنابيب جديدة ربطت بين البلدين، وجعلت الغاز الأميركي المصدر الرئيس للكهرباء في السوق المكسيكية.
غير أنّ تصاعُد التوترات حول الرسوم الجمركية والعلاقات التجارية بين البلدين دفعَ بصانعي القرار في المكسيك إلى إعادة حساباتهم والبحث عن بدائل محلية أكثر أمانًا واستقلالًا.
وخلال العام الماضي، سجلت صادرات الغاز الأميركية إلى المكسيك نحو 6.5 مليار قدم مكعبة يوميًا، كما ارتفع متوسط الصادرات منذ بداية عام 2025 حتى مايو/أيار، بنسبة 5%، ما يعادل 0.3 مليار قدم مكعبة يوميًا، مقارنة بالمدة نفسها من 2024، بحسب ما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..
المصدر..
