منذ صغره، كان صوته بوصلته، والمسرح حلمه، والإنشاد بالنسبة له ليس مجرد فن، بل حالة يعيشها ويمنحها للناس.
في هذا الحوار، يأخذنا المنشد الشاب محمد نشأت، "صولوست" دار الأوبرا المصرية، في رحلة من البدايات إلى الوقوف على أرقى المسارح، كاشفًا أسرار صوته، ومراحل نضوجه الفني، وتحديات الطريق، وإلى نص الحوار:
نبدأ من البدايات.. كيف بدأت رحلتك مع عالم الإنشاد؟ ومتى أدركت أن لصوتك طابعًا خاصًا؟
رحلتي مع الإنشاد بدأت من سن صغير جدًا، كنت أتأثر بكبار المنشدين، وأحاول تقليد أصواتهم وإحساسهم. اللحظة الفارقة كانت لما غنيت لأول مرة قدّام جمهور بسيط في المدرسة أو المسجد، وشوفت في عيونهم انبهار حقيقي.. وقتها حسّيت إن في حاجة مختلفة في صوتي، ومع مرور الوقت، وبفضل دعم الناس اللي حواليّ، بدأت أصدق إن صوتي ممكن يلمس القلوب ويوصل رسالة حقيقية.
هل لعبت البيئة المحيطة دورًا في تشكيل ذوقك واختيارك لطريق الإنشاد؟
أكيد، نشأت في بيت بيعشق سماع القرآن، والمديح، والابتهالات، وكنت باسمع لشيوخ كبار زي الشيخ طه الفشني والنقشبندي. كمان المناسبات الدينية اللي حضرتها مع والدي – رحمه الله – كانت مليانة روح ودفء، ده كله رسّخ جوايا معنى مختلف للإنشاد.. حسّيت إنه مش بس فن، لكن رسالة روحية وإنسانية.
من أول من اكتشف موهبتك وشجّعك على الاستمرار؟
الفضل بعد ربنا يرجع لأهلي، خصوصًا والدتي، اللي كانت أول من سمع صوتي وشجعني. كمان كان في أساتذة ومشايخ آمنوا بموهبتي ودفعوني أشتغل على نفسي، وده خلاني أكمّل الطريق بثقة.
أن تكون "صولوست" في دار الأوبرا المصرية.. ليس أمرًا عاديًا، كيف وصلت إلى هذه المكانة؟
الحقيقة، الطريق ماكنش سهل خالص، لكن كان مليان تعب، وتدريب، وحب حقيقي للفن، حلمي من البداية كان إني أوصل برسالة الإنشاد لمكان يليق بيها. اشتغلت على نفسي سنين، كنت باسمع كتير، وأتعلّم، وأحاول أقدم حاجة مختلفة، ولما وقفت على مسرح الأوبرا كصولوست، حسّيت إن كل لحظة تعب اتحولت لثمرة جميلة.. ولسه الطريق قدّامي أطول وأجمل بإذن الله.
ما الفرق بين المنشد التقليدي والمنشد الصولو؟
الفرق في طبيعة الأداء والمسؤولية. المنشد التقليدي بيكون غالبًا جزء من فرقة، لكن الصولوست هو اللي بيكون في المواجهة، لازم يكون عنده سيطرة كاملة على صوته، وعلى المسرح، ويقدر يتواصل مع الجمهور بإحساسه، لازم كمان يتمتع بإمكانيات صوتية خاصة وشخصية فنية مستقلة.
هل تؤمن بتطوير فن الإنشاد؟ وما حدود هذا التطوير؟
طبعًا أؤمن بتطوير الإنشاد، لأن أي فن ما بيتطورش بيموت. لكن في نفس الوقت، لازم نحافظ على روحه، ممكن نطوّر التوزيع الموسيقي، الشكل، الأداء، لكن من غير ما نضحي بجوهر الإنشاد.. لأنه مش مجرد لحن، الإنشاد حالة، لو فقد حالته، فقد نفسه.
ما المحطات التي تعتز بها أكثر في مسيرتك؟
من أهم محطاتي وقوفي كصولوست على مسرح الجمهورية بدار الأوبرا، كان حلم وتحقق، كمان شاركت في فعاليات وطنية ودينية مهمة داخل مصر.
عالميًا، غنيت في مهرجانات دولية زي مهرجان الموسيقى العربية، وشوفت قد إيه الناس بتتأثر بجمال الإنشاد وروحه.. دي لحظات لا تُنسى.
ما أبرز التحديات التي واجهتك في طريقك كمنشد؟
أهم تحدّي كان إن الناس تسمعني وتصدق إن الإنشاد له قيمة فنية. في ظل هيمنة الغناء على الساحة، كان صعب أفرض وجودي، كمان مفيش دعم كافي لفن الإنشاد، سواء إعلاميًا أو إنتاجيًا، فاعتمدت على نفسي، واجتهدت لحد ما بدأ الجمهور يلتفت ويتفاعل.
أخيرًا، ماذا تقول لجمهورك وللأصوات الشابة التي ترغب في دخول عالم الإنشاد؟
خليكوا صادقين مع نفسكم، واشتغلوا على صوتكم، واسمعوا لعمالقة الإنشاد، لكن حافظوا على شخصيتكم. الإنشاد مش بس موهبة، هو أخلاق ورسالة، الطريق مش سهل، بس ممتع، واللي بيغني من قلبه هيوصل دايمًا لقلوب الناس، مهما كانت المسافة.
إخلاء مسؤولية إن موقع عاجل نيوز يعمل بطريقة آلية دون تدخل بشري،ولذلك فإن جميع المقالات والاخبار والتعليقات المنشوره في الموقع مسؤولية أصحابها وإداره الموقع لا تتحمل أي مسؤولية أدبية او قانونية عن محتوى الموقع.