تمكنت دولة أوروبية من العثور على أول دليل على اكتشاف هيدروجين طبيعي، فيما وُصف بأنه إنجاز علمي جديد.
وعثرت رومانيا على خزان جوفي مضغوط غني بالهيدروجين داخل صخور الأفيوليت، وينبع هذا الاكتشاف من بئر حُفرت في سبعينيات القرن الماضي، جنوب غرب البلاد.
وكانت البئر مخصصة في الأصل لاستكشاف تعدين المعادن، ثم عُثِر بشكل غير متوقع على خزان من الغاز المضغوط على عمق نحو 800 متر، حسب التفاصيل لدى منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن).
ويُمثّل اللقاء العرضي مع خزان غني بالهيدروجين في صخور الأفيوليت الرومانية علامة فارقة في السعي نحو الطاقة المستدامة، مُوفرًا نموذجًا علميًا وهدفًا عمليًا للاستكشافات المستقبلية.
اكتشاف هيدروجين طبيعي
كشفت عينة الغاز، التي حُللت آنذاك، تركيبة مميزة: نحو 29% هيدروجين و69% ميثان، إلى جانب آثار من الهيدروكربونات الثقيلة والنيتروجين، وفقًا لدراسة نشرها البروفيسور كالين باسيو وزميل معهد المهندسين الكيميائيين جوزيبي إتيوبي في المجلة الدولية لطاقة الهيدروجين.
وذكرت الروايات المحلية انفجارًا غازيًا عنيفًا وحريقًا استمر لعدّة أيام، ما يدلّ على ضغط وحجم الخزان، بحسب ما نقلته منصة "فيول سلز ووركس" (FuelCellsWorks).
وعلى الرغم من عدم تسجيل البيانات التقنية، مثل الضغط ومعدل التدفق الدقيقين، فإن الحدث أتاح فرصة نادرة للعلماء لدراسة تراكم الهيدروجين الطبيعي بشكل مباشر.
ووفق المعلومان التي اطّلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة، صخور الأفيوليت هي شرائح من القشرة المحيطية وصخور الوشاح العلوي، اندفعت إلى القشرة القارية، وهي غنية بالبريدوتيت، الذي يمكن أن يُنتج كميات كبيرة من الهيدروجين عند تغيُّره بفعل الماء من خلال عملية تُسمى السربنتينية.
وبينما رُصدت تسربات سطحية للهيدروجين في مناطق الأفيوليت في تركيا وألبانيا، فإن هذا الموقع الروماني هو الأول الذي يُعثَر فيه مباشرةً على خزان هيدروجين مضغوط تحت السطح، ويُوثّق وجوده.
تكوين خزان الهيدروجين الطبيعي
أعاد الباحثون بناء البيئة الجيولوجية المحيطة في البئر؛ إذ يُعتقَد أن الخزان يقع ضمن منطقة صخور تفتتت بفعل الحركات التكتونية، بالقرب من نقطة التقاء طبقات البريدوتيت المختلفة.
وفوق هذه المنطقة، عملت صخور أقل تشوهًا وأكثر سربنتينية، وصخور غير منفَّذة، بوصفها حاجزًا طبيعيًا، حابسةً الغاز تحت الضغط.
ويعكس هذا النموذج الآليات المعروفة في حقول النفط والغاز التقليدية، حيث تعمل الصخور المتصدعة بوصفها خزانات، في حين تعمل الصخور الأقل نفاذية فوقها بوصفها صخور غطاء.

ويشير وجود الميثان والهيدروكربونات الثقيلة مع الهيدروجين إلى تراكم طويل الأمد وعمليات كيميائية معقّدة حدثت في باطن الأرض.
حتى بعد عقود من الحفر الأولي، ما يزال الهيدروجين يتسرب من رأس البئر القديمة، بتركيزات تتجاوز 100 جزء في المليون في الهواء وكميات قابلة للقياس في عينات المياه.
ويُؤكد هذا الانبعاث المستمر أهمية الخزان والحاجة إلى مزيد من الدراسة والاستغلال المُحتمل.
الهيدروجين الطبيعي
حسب تعريفه في دليل "مفاهيم الطاقة" بمنصة الطاقة المتخصصة، فإن الهيدروجين الطبيعي يُطلق على الغاز الموجود بصورة حرة في طبقات الأرض الجوفية، وعادةً ما يُستخرج عبر عمليات الحفر، مثل التكسير المائي وحقن مزيج من المياه والرمال والمواد الكيميائية، في ضغط مرتفع؛ بهدف إطلاق الغاز من الصخور.
كما يُطلق عليه "الهيدروجين الأبيض"؛ تمييزًا له عن الهيدروجين الأخضر المستخلص من الماء، والهيدروجين الأزرق المستخلص عبر حرق الوقود الأحفوري، مع استعمال تقنية احتجاز الكربون وتخزينه، وغيره من الأنواع.
وقد برز الهيدروجين الطبيعي بوصفه مورد طاقة واعدًا وخاليًا من الكربون؛ فقد كان معظم الهيدروجين المستعمل في الصناعة -حتى الآن- يُنتج صناعيًا، وغالبًا ما يكون ذلك مصحوبًا بانبعاثات كربونية كبيرة.
ويشير الاكتشاف المباشر لخزان هيدروجين طبيعي قابل للاستخراج في رومانيا إلى أن هذه الموارد قد تكون أكثر انتشارًا وسهولة في الوصول مما كان يُعتقد سابقًا، وخاصةً في المناطق الغنية بالأفيوليت.
وتُقدّم الحالة الرومانية نموذج مفاهيم للاستكشاف المستقبلي: الصخور المتشققة والمتشعبة بوصفها خزانات، مُغلقة بصخور أقل تشوهًا أو تدخّلًا.
ويُمكن أن يُرشد هذا البحث عن الهيدروجين الطبيعي في أماكن أخرى، ما قد يُسرّع الانتقال إلى مصادر طاقة أنظف.
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..
المصدر:
- اكتشاف هيدروجين طبيعي في رومانيا من منصة "فيول سلز ووركس"
- الدراسة عن العثور على خزان غني بالهيدروجين في رومانيا من المجلة الدولية لطاقة الهيدروجين