تواجه خطة قطر لإعادة إعمار قطاع الكهرباء في سوريا العديد من التحديات، في مقدّمتها شبكة خطوط النقل المتهالكة والتعديات عليها بالسرقة والتخريب.
وتعهدت قطر بالمساعدة في إعادة إعمار سوريا التي مزقتها الحرب، إلّا أن خطط إنشاء محطات جديدة لتوليد الكهرباء لن تعني الكثير ما لم تسرع حكومة دمشق المتعثرة ماليًا في منع العصابات المسلحة من نهب الكابلات وإصلاح الشبكة.
وتتضمن الصفقة استثمارات بنحو 7 مليارات دولار أعلنها تحالف دولي بقيادة شركة أورباكون القابضة القطرية الأسبوع الماضي -وفق متابعات منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)- بخطط لتوسيع قدرة إنتاج الكهرباء في سوريا.
وأعلنت الحكومة السورية، الخميس 29 مايو/أيار، توقيع اتفاق ومذكرة تفاهم في مجال الطاقة مع ائتلاف من 4 شركات دولية بقيمة 7 مليارات دولار، تستهدف إنشاء محطات جديدة بقدرة 5 آلاف ميغاواط.
أكبر استثمار أجنبي في سوريا
تمثّل الصفقة أكبر استثمار أجنبي في سوريا يُكشَف، منذ أن أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترمب على نحو مفاجئ الشهر الماضي رفع العقوبات الأميركية عن دمشق.
وبالنسبة للحكومة الجديدة، فإن هذه خطوة أساسية باتجاه تشييد البنية التحتية بقطاع الكهرباء في سوريا، في حين تسعى إلى إنعاش الاقتصاد وبث روح الأمل في البلاد التي أنهكتها الصراعات طيلة 14 عامًا.

ويتعين على الحكومة أولًا إصلاح شبكة نقل الكهرباء، حتى يشعر المواطنون بتحسُّن، بعد أن أدت سنوات الإهمال لأضرار هائلة بشبكة مترامية الأطراف من محطات المحولات والأبراج، في حين يواصل اللصوص سرقة الكابلات وغيرها من المكونات.
ويعاني ثلثا شبكة الكهرباء في سوريا، إمّا من التدمير بالكامل، أو من الحاجة إلى إصلاحات كبيرة، إذ قدّرت وزارة الطاقة فاتورة الإصلاح بما يصل إلى 5.5 مليار دولار، وهي أموال لا تملكها الدولة، مما يعني أن هناك حاجة إلى البحث عن استثمار خاص أو مانحين آخرين.
مشروعات قطر
قال وزير الطاقة السوري محمد البشير، إن المشروعات التي تقودها قطر هي 4 محطات غازية بقدرة 4000 ميغاواط ومحطة طاقة شمسية بقدرة ألف ميغاواط، موضحًا أن مدة تنفيذ محطة الطاقة الشمسية تُقدَّر بنحو سنة و8 أشهر، أمّا بالنسبة للمحطات الغازية، فالمدة المتوقعة والمتفق عليها 3 سنوات ونصف.
تشمل الاتفاقيات تطوير 4 محطات توليد كهرباء بتوربينات غازية تعمل بالدورة المركبة في مناطق دير الزور، ومحردة، وزيزون بريف حماة، وتريفاوي بريف حمص، بسعة توليد إجمالية تُقدَّر بنحو 4000 ميغاواط، إلى جانب محطة طاقة شمسية بسعة 1000 ميغاواط في وديان الربيع جنوب سوريا.
وأضاف البشير أن الحكومة ربما تستكمل إعادة تأهيل شبكة الكهرباء في سوريا خلال تلك المدة.

وقبل عام 2011، كانت الشبكة تغطي 99% من جميع أنحاء سوريا، أمّا اليوم، فهي تولّد 20% فقط من إنتاج ما قبل الحرب، ويتعرض معظمها للسرقة، وبالإضافة إلى سرقة الكابلات والمكونات الأخرى، ويسرق أفراد التيار أيضًا.
وبذلك يحصل السوريون على الكهرباء من الشبكة لساعات قليلة فقط يوميًا، حتى في دمشق التي يمتلئ هواؤها برائحة العوادم الناتجة عن مولدات الكهرباء.
وتعدّ هذه المشكلة واحدة من أبرز المشكلات التي تؤرّق الرئيس الانتقالي أحمد الشرع في سعيه لإنعاش الاقتصاد، إذ تواجه الحكومة -التي ظلّت تقوّضها العقوبات حتى الشهر الماضي- صعوبة في إحكام قبضتها على الأوضاع، مع انتشار الجماعات المسلحة في أنحاء البلاد.
خطوط الكهرباء في سوريا
خلال الأيام التي أعقبت سقوط نظام بشار الأسد، أسقط لصوص أبراجًا لنقل الكهرباء في أنحاء البلاد، وسرقوا الكابلات من أجل بيع النحاس والألومنيوم في السوق السوداء.
وبالقرب من محطة دير علي الواقعة جنوبي دمشق، التي تُعدّ أكبر محطة لتوليد الكهرباء في سوريا، تتدلى الكابلات المقطوعة من أبراج نقل التيار التي أصبحت مفصولة حاليًا.
وقال مدير المؤسسة العامة لنقل وتوزيع الكهرباء خالد أبو دي: "بدأنا بصيانة 9 أبراج مدمرة بشكل كامل لحين الانتهاء من نصب الأبراج، تفاجأنا بحصول سرقة على بعد مسافة 20 كيلومترًا، أو 30 كيلومترًا من مكان العطل الأول، والتعدي على خط النقل".
وأضاف: "واصلنا عملية صيانة الخط.. وبمشارفتنا على الانتهاء تعرّض الخط لسرقة من مكان يبعد بمسافة 40 أو 45 كيلومترًا تقريبًا.. وحتى تاريخ اليوم لم نتمكن من وضعه بالخدمة".

وأشار إلى أن خطوطًا تمتد لأكثر من 80 كيلومترًا في جنوب سوريا تعرضت للنهب منذ سقوط الأسد، موضحًا أن أعمال النهب في شرق سوريا أحبطت جهودًا لاستعادة خط نقل رئيس.
وأوضح أن قوات الأمن تساعد حاليًا في تأمين الخط، "لكننا نتحدث عن 280 كيلومترًا من الخطوط، ومن ثم لا يمكن توفير تأمين لكل هذه الخطوط الممتدة".
وكشف خالد أبودي في حوار سابق مع منصة الطاقة المتخصصة أن إعادة تأهيل قطاع الكهرباء في سوريا تحتاج إلى 40 مليار دولار، مؤكدًا أن حجم الضرر الذي لحق بالبنية التحتية خلال السنوات الماضية يعدّ هائلًا، إذ دُمِّرَ عدد کبير من محطات التحويل بالکامل، بالإضافة إلى خروج عدد من خطوط التوتر العالي عن الخدمة.
وأشار إلى أن العديد من المحطات تعرض لعمليات نهب وسرقة من قبل مليشیات تابعة للنظام البائد، وأن إعادة تأهيل المنظومة الکهربائية تتطلب استثمارات ضخمة وخططًا طویلة الأمد لتحسین البنیة التحتیة وضمان استدامة الشبکة الکهربائیة.


موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..
المصادر..