تواجه الدول العربية تحديات كبيرة نتيجة للرسوم الجمركية التي فرضتها إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، في إطار سياسة "أميركا أولاً".
وهذه الرسوم، التي أُعلنت في أبريل 2025، تستهدف سلعًا متنوعة، مما يهدد صادرات غير نفطية بقيمة 22 مليار دولار إلى السوق الأمريكية، وفقًا للجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا (الإسكوا) .
تراجع الصادرات العربية إلى الولايات المتحدة
وشهدت العلاقات التجارية بين المنطقة العربية والولايات المتحدة تحولات كبيرة، حيث انخفضت الصادرات العربية من 91 مليار دولار في عام 2013 (ما يعادل 6% من إجمالي صادرات المنطقة) إلى 48 مليار دولار فقط في عام 2024 (نحو 3.5%)، ويُعزى ذلك في الأساس إلى تراجع واردات الولايات المتحدة من النفط الخام والمنتجات البترولية.
في المقابل، ارتفعت الصادرات غير النفطية من الدول العربية إلى الولايات المتحدة من 14 مليار دولار إلى 22 مليار دولار خلال نفس الفترة، ما يعكس تنوعًا اقتصاديًا متناميًا
الدول العربية الأكثر تأثرًا
من المتوقع أن تتأثر ست دول عربية بشكل كبير من هذه الرسوم، وهي: البحرين، مصر، الأردن، لبنان، المغرب، وتونس،و يُعد الأردن الأكثر تضررًا، حيث تُشكل صادراته إلى الولايات المتحدة نحو 25% من إجمالي صادراته العالمية .
أما الإمارات العربية المتحدة، فتواجه تحديات في سوق إعادة التصدير إلى الولايات المتحدة، التي تُقدّر قيمتها بنحو 10 مليارات دولار، نظرًا لارتفاع الرسوم الجمركية على السلع منها.
التأثيرات غير المباشرة على الاقتصادات العربية
على الرغم من أن التأثير المباشر للرسوم الجمركية قد يكون محدودًا، إلا أن الاقتصادات العربية قد تواجه تأثيرات سلبية غير مباشرة بسبب ضعف الطلب العالمي، خصوصًا من الصين والاتحاد الأوروبي، وهما من كبار المشترين للسلع العربية.
على سبيل المثال، يستورد الاتحاد الأوروبي نحو 72% من صادرات تونس و68% من صادرات المغرب، بينما تمثل الصين 22% من واردات دول مجلس التعاون الخليجي من النفط والكيماويات.
تأثير الرسوم على المستثمرين والمواطنين
من المتوقع أن تؤدي زيادة الرسوم الجمركية إلى آثار سلبية غير مباشرة على الاستقرار المالي العالمي وثقة المستثمرين، ما يؤدي إلى ارتفاع ملحوظ في عوائد السندات السيادية. هذا الارتفاع قد يرفع تكلفة التمويل من الأسواق، ويؤثر بشكل خاص على الدول متوسطة الدخل التي تتحمل أعباء كبيرة في خدمة الديون. في الفترة بين 2 و9 أبريل 2025، ارتفعت عوائد السندات لأجل 10 سنوات بمقدار 32 نقطة أساس في دول مجلس التعاون الخليجي، و36 نقطة أساس في الدول العربية متوسطة الدخل .
استراتيجيات المواجهة والتكيف
قدمت الإسكوا توصيات للدول العربية لمواجهة تأثير الرسوم الجمركية، تشمل:
الاستعداد لتأثيرات متباينة: بعض الدول قد تستفيد من تحسن تنافسيتها السعرية، بينما قد تواجه دول أخرى خسائر مباشرة في الصادرات أو ضغوطًا مالية نتيجة انخفاض أسعار الطاقة المرتبط بتراجع الطلب في الصين والهند.
تعميق التكامل الإقليمي: من خلال أطر مثل منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى والاتحاد الجمركي الخليجي واتفاقية أغادير، لتعزيز القدرة التفاوضية الجماعية وزيادة التجارة البينية كوسيلة لامتصاص الصدمات الخارجية.
تنويع الشراكات التجارية والاستثمارية: إعادة تقييم الاستراتيجية التجارية وتنويع الأسواق والتفاوض الجماعي لحماية المصالح الاقتصادية الإقليمية وتعزيز مرونتها أمام صدمات الرسوم الأحادية وتحولات الطلب العالمي.
الانخراط النشط في مفاوضات استراتيجية مع الولايات المتحدة: السعي إلى حوار بنّاء مع الولايات المتحدة، بالتوازي مع أطراف عالمية أخرى تسعى لإعادة التفاوض بشأن الرسوم الجمركية، مع التركيز على الحفاظ على فرص الوصول إلى الأسواق وضمان المعاملة التفضيلية كلما أمكن ذلك.
الاستفادة من الاستثناءات القانونية والتفضيلية: بدلاً من الرد بالمثل، ينبغي للدول العربية أن تسعى بشكل استراتيجي للحصول على استثناءات بموجب اتفاقيات التجارة الحرة القائمة أو أطر خاصة مثل المناطق الصناعية المؤهلة.