قالت مصادر قيادية متطابقة داخل حزب الحركة الشعبية إن ما جرى الكشف عنه بخصوص الحزب الجديد الذي سمته الصحافة بـ”الانشقاق” “أحدث حقًّا بلبلة داخل الحزب التاريخي”، مؤكدة أن “القيادة لا تعارض حزبا جديدا وإنما تتحفّظ بشأن السطو على تسمية الحزب واختيار تسمية ‘الحركة الديمقراطية الشعبية’ للإطار المزعوم”.
وأكد أحد المصادر من داخل المكتب السياسي لـ”السنبلة” أن الحزب سيُقابل التسمية بـ”التعرض”، معتبرًا أن “التجاذبات مسألة عادية، لكن التمرد تحركٌ مدان”، وزاد: “الأساسي هو تماسك الصف والحفاظ على وحدته في سياق اقتراب المحطة الانتخابية التي ستكون بمثابة امتحان صعب لكافة التيارات والألوان السياسية الموجودة في المشهد المغربي”.
“صراع أجيال”
محمد أوزين، الأمين العام لحزب الحركة الشعبية، قال إن “هذه المبادرة تعكس نوعًا من العبث وليس شيئًا آخر”، معتبرًا أنه “حتى على مستوى التسمية ليس هناك إبداع، بل محاولة لاختلاس تسمية لديها امتداد تاريخي وسياسي لا غبار عليه”، وتابع: “لم يبدِ أي عضو من فريقي البرلمان ولا من قيادات الحزب الاهتمام بهذه الخطوة، نشعر أننا غير معنيين بها”.
وقدمت هسبريس لـ أوزين بعض مضامين التصريحات التي أدلى بها الفاضيلي في الموضوع، فرد: “هذه محاولة للابتزاز وليّ الذراع فقط”، مشددا على أن “هذا المنطق التقليدي انتهى، لأن من يتزعمون هذا الطرح جماعة من الفاشلين، ولو كانت لديهم مقومات النجاح الكافية لفعلوا ذلك داخل هياكل الحزب التي ينتمون إليها”، وتابع: “لا يمكننا الاشتغال مع أشخاص تعوزهم الكفاءة والكاريزما ونرفعهم إلى درجة المكتب السياسي”.
ولفت المتحدث إلى أن “الفاضيلي الذي أدلى بتصريحات ينتمي إلى هيئة حكماء الحزب، ويمكنه سلك المساطر لتنبيه الأمين العام إلى ما يعتبرها تجاوزات”، موردا: “بما أن هذا لم يحدث فالموضوع فارغ من الناحية العملية، لأن القيادات التاريخية من أدوارها الحرص على تماسك الحزب”، وواصل: “بالتالي، أنا شخصيًا أستبعد أن يكون الفاضيلي طرفًا في الموضوع”.
وأوضح الأمين العام لحزب الحركة الشعبية أن “مشكلة الفاضيلي هي مشكلة جيل”، مردفا: “هذا الجيل حبيس ثقافة الخيمة ويظنّ أنه الشيخ والمُسيطر، وبالتالي لا يقبل بالتدبير المؤسساتي الذي اتخذه التنظيم”، خالصا إلى أن “الجيل الحالي ينتصر للمؤسسات، ولذلك حتى المعارضة التي تقوم بها الحركة الشعبية بنّاءة ولا يمكن تفسيرها كسبب تتخذه الدولة للنيل من أي قيادي”.
“ندوة الحسم”
بعدما نقلت عنه منابر إعلامية أنه “ضمن متزعمي التجربة الحزبية الجديدة” قدم الفاضيلي، الخميس، تصريحات مغايرة لهسبريس يقول فيها إنه قدم توجيهاته فقط بعد استشارته ولا يعدّ طرفًا مساهمًا في هذه التجربة الحزبية الطارئة، وأبرز أنه يساند الفكرة “بما أنها نابعة من أصدقاء داخل التنظيم السياسي، ولكون تأسيس الأحزاب يعدّ حقًّا”، وهو ما علّق عليه مصدر حزبي بأنه “فهم لصعوبة المرحلة أدى إلى ما يشبه التراجع”.
وأشار الفاضيلي إلى أن “سياسة الأمين العام محمد والزين لم تكن سليمة، لكونه تجاوز هياكل الحزب وهيئات اتخاذ القرار فيه”، مشددًا على أن “الكثير من القيادات نبهت إلى ضرورة التفكير في معارضة بنّاءة وحقيقية تقترح الحلول ولا تكتفي بالنقد المجاني ثمّ المغادرة”، وتابع: “أنا أكبر منه في السن والحزب والسياسة، وقد آزرته حين ترشح كأمين عام وصوتنا عليه بالإجماع”.
وانتقد القيادي الحركي “السياسات الداخلية التي اتبعها الأمين العام، التي عمّقت من حدّة الخلافات داخليًا وأدّت إلى ظهور الرغبة في خلق إطار حزبي بأنفاس مغايرة”، واسترسل: “لا يمكن لأوزين نسيان تاريخي في الحزب أو اعتبار الأمر صراع أجيال، فهو ليس مفتيًا، وليس بوسعه أن يقول لي ماذا كان يتعين القيام به أو الموقف الذي يجب أن أتموقع فيه”.
وأشار المتحدث إلى أنه سيدخل الرباط قريبًا وسيحاول الاجتماع مع الأمين العام، وزاد: “إذا تبيّن أنه يستعد للحوار فمرحبًا، وغير ذلك فسأضطرّ لعقد ندوة صحافية أتطرق فيها إلى الموضوع انطلاقًا من الواقع السياسي للأحزاب المغربية بشكل عام”، خاتما: “لا ينبغي لنائب رئيس مجلس النواب أن يتحمس كثيرًا، وإن أراد المواجهة فأنا أستطيع الاضطلاع بها”.