مرافق نقل الهيدروجين في أوروبا "متخلفة عن الركب" (تقرير)

يحمل قطاع نقل الهيدروجين في أوروبا أهمية كبرى؛ إذ يربط مراكز الإنتاج بالطلب لتحقيق أهداف إزالة الكربون من الصناعات صعبة الكهربة من بين استعمالات أخرى عديدة.

وبحسب تحديثات قطاع الهيدروجين لدى منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، فقد شهد شهر أبريل/نيسان الماضي (2025) إحراز تقدم؛ لكنه ما زال يواجه تحديات، ولم يرقَ بعد إلى مستوى التوقعات.

واحتفلت ألمانيا بتشغيل خط أنابيب ضمن شبكة نقل الهيدروجين، في حين شهدت بلجيكا تعليق أعمال بناء خط آخر رئيس ضمن المرحلة الأولى للشبكة الوطنية.

وتحقيقًا لهدف الاتحاد الأوروبي باستيراد 10 ملايين طن من الهيدروجين الأخضر بحلول عام 2030، وقّعت سلطنة عمان وألمانيا وهولندا اتفاقية لإنشاء أول ممر تجاري لتصدير الهيدروجين المسال في العالم.

نقل الهيدروجين في أوروبا

في أحدث تقاريرها الشهرية، تقول شركة الاستشارات "ويستوود غلوبال إنرجي" إن مرافق البنى الأساسية لنقل الهيدروجين في أوروبا "عامل تمكين حاسم" لإطلاق العنان لإمكانات الوقود النظيف.

وقالت الشركة إن ثمة حاجة كبيرة إلى بناء شبكة خطوط أنابيب ومرافق لتخزين الهيدروجين؛ لإحراز تقدم في إزالة الكربون على نطاق واسع.

وعلى صعيد السياسات، رصدت منصة الطاقة المتخصصة إطلاق الوكالة التنفيذية للمناخ والبنية الأساسية والبيئة التابعة للاتحاد الأوروبي دعوة إلى صندوق تمويل مرافق البنية الأساسية للطاقة (CEF) لتقديم تمويلات بقيمة 600 مليون يورو (655 مليون دولار).

وتستهدف التمويلات دعم المشروعات الرئيسة عبر الحدود في مجال نقل الهيدروجين والكهرباء واحتجاز الكربون وتخزينه فيما بين دول الاتحاد الـ27 وغيرها.

ويمكن لمشروعات البنية الأساسية للهيدروجين -التي تحمل صفة المصلحة المشتركة أو المتبادلة- المنافسة على حصة من التمويل بموعد أقصاه 16 سبتمبر/أيلول المقبل (2025).

ويستهدف المشروع دعم دراسات المشروعات وأعمال البناء، وستعلن قائمة الفائزين في مطلع العام المقبل (2026).

تكلفة نقل الهيدروجين

أشاد تقرير شركة ويستوود غلوبال إنرجي بالتقدم الذي شهدته شبكات خطوط الأنابيب لنقل الهيدروجين في أوروبا.

إلا أنها قالت إن الشبكات ما زالت "غير متكافئة ومتخلفة عن الركب بصورة كبيرة"، وفق ما اطلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة في تقرير الشركة لشهر مايو/أيار.

وفي تصريحات تابعتها منصة الطاقة المتخصصة، أوضح خبير الصناعات الغازية في منظمة الأقطار العربية المصدرة للبترول "أوابك" المهندس وائل حامد عبدالمعطي أن نقل الهيدروجين عملية مكلفة ومستهلكة للطاقة رغم كونها عاملًا "مؤثرًا" في الاعتماد على الوقود النظيف بديلًا للوقود الأحفوري.

وأوضح أن تكلفة نقل كيلوغرام واحد من الهيدروجين تصل إلى 11 دولارًا، لكنها مرشحة للانخفاض بناء على عدد من الشروط. كما تستهلك 10 ميغاغول تقريبًا، وهو ما يعادل نحو 7% من طاقة الهيدروجين المنقول.

وبحسب عبد المعطي، ثمة 3 مسارات لنقل الهيدروجين:

1- نقل الهيدروجين عبر خطوط الأنابيب بعد ضغطه (الهيدروجين المضغوط).

2- إسالته إلى هيدروجين مسال عند -253 درجة مئوية ثم يُنقل عبر الناقلات المخصصة.

3- تحويل الهيدروجين إلى أمونيا سائلة أو مواد عضوية سائلة مثل الميثيل سيكلوهكسان ونقله بالناقلات.

نكسة نقل الهيدروجين في بلجيكا

شهد قطاع نقل الهيدروجين "نكسة" في بلجيكا، بعد أن قررت محكمة إدارية تعليق تصريح بيئي لبناء قطاع بطول 35 كيلومترًا من شبكة خطوط أنابيب الهيدروجين الوطنية.

ويستهدف الخط الذي يطوره مشغل شبكة نقل الغاز البلجيكية "فلوكسيس" (Fluxys) الربط بين ميناءي غنت وأنتويرب، وكان من المقرر الانتهاء منه في العام المقبل (2026).

وبعد إعلان بدء أعمال البناء قبل أسابيع معدودة، تقرر تأجيل أعمال التطوير لمدة عام كامل على الأقل بناء على حُكم المحكمة.

ولم تلغِ المحكمة الرخصة البيئية للمشروع، لكن شركة فلوكسيس تعمل الآن على مراجعة الخطوات المقبلة مع السلطات القانونية والتنظيمية.

وكان سبب تعليق الرخصة البيئية مخاوف مزارعي الفواكه من مخاطر تدمير محاصيلهم وتلوث القنوات المائية بمواد "البيرفلورو ألكيل والبولي فلورو ألكيل" (PFAS) الملوثة وسيئة السمعة؛ وذلك نتيجة لتصريف المياه تحت سطح الأرض.

وتوصلت المحكمة إلى أن الرخصة لم تشمل تقييم مخاطر الأثر البيئي لتلك المواد على نحو ملائم، خاصة أن بعض القنوات المائية تتجاوز المستويات المسموح بها بالفعل.

يأتي ذلك بعد مرور نحو شهر على خروج حافلات تعمل بالهيدروجين من الخدمة وتفكيك محطة للتزوّد بالوقود النظيف في مدينة أنتويرب البلجيكية في مارس/آذار (2025).

وكانت التقلبات في أسعار الهيدروجين ومدى توافر إمداداته وتفاقم تحديات الصيانة وتقديم خدمات الدعم وإلغاء الدعم الحكومي لتمويل شبكة نقل الهيدروجين في بلجيكا السبب وراء الخطوة الصادمة.

شبكة نقل الهيدروجين في ألمانيا

تقول شركة "ويستوود غلوبال إنرجي" إن ألمانيا كانت في طليعة مطوري مرافق نقل الهيدروجين في أوروبا خلال الشهر الرابع من العام الجاري.

وأعلن مشغل شبكة الغاز "أونتراس" (Ontras) اكتمال القطاع الأول من الشبكة، وهو خط أنابيب معدل بطول 25 كيلومترًا بسعة نقل تصل إلى 2700 طن سنويًا.

ويربط الخط محطة تحليل كهربائي بقدرة 300 ميغاواط قيد الإنشاء بمصفاة تابعة لشركة توتال إنرجي الفرنسية في مدينة لوينا الألمانية.

ومن المتوقع بدء تشغيل المشروع في نهاية العام الجاري على يد تحالف شركات "أونتراس" (Ontras) و"يونيبر" (Uniper) "وفي إن جي" (VNG)، بحسب المعلومات لدى منصة الطاقة المتخصصة.

وفي أكتوبر/تشرين الأول الماضي (2024)، وافقت الحكومة على مخطط شبكة الهيدروجين الأوروبية الذي يمتد بطول 9 آلاف و40 كيلومترًا بحلول عام 2032 لربط مراكز الإنتاج في كل الولايات بمراكز الطلب في المواني والمصانع بتكلفة تصل إلى 19 مليار يورو (20 مليار دولار).

أول ممر لتصدير الهيدروجين المسال في العالم

في سياق قطاع الهيدروجين في أوروبا، أبرمت سلطنة عمان وهولندا وألمانيا اتفاقية لتطوير أول ممر لتصدير الهيدروجين المسال في العالم خلال 15 أبريل/نيسان (2025).

وبحسب موسوعة مفاهيم منصة الطاقة المتخصصة، فالهيدروجين المسال هو الذي جرى تبريده وإسالته حتى 253 درجة مئوية تحت الصفر، ليتقلّص حجمه بما يعادل 1 إلى 800 من حجمه وهو في حالته الغازية.

ويربط الممر ميناء الدقم في سلطنة عُمان وميناء أمستردام في هولندا ثم إلى مراكز لوجستية في ألمانيا وعلى رأسها ميناء دويسبورغ.

وسيعتمد الممر على سفن متقدمة تطورها شركة "إيكولوج"، ولدى وصول الإمدادات إلى أوروبا ستُنشأ محطات تحويل الهيدروجين المسال إلى غاز في أمستردام لتغذّي مراكز الصناعة في هولندا وألمانيا.

ومن المتوقع بدء تصدير أولى شحنات من الهيدروجين المسال العُماني بحلول عام 2030 في خطوة كبيرة للسلطنة التي تسعى إلى إنتاج 1.25 مليون طن سنويًا بحلول نهاية العقد الجاري في عام 2030 من خلال ضخ استثمارات تصل قيمتها إلى 49 مليار دولار.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

المصدر:

1. تقرير شركة ويستوود الشهري عن الهيدروجين في أوروبا