أخبار عاجلة
بالفيديو.. مصرع 11 شخصا في انهيار مبنى بالهند -

النظام العسكري المسيطر على الجزائر يغرق في قذارة "لعبة الرهائن"

النظام العسكري المسيطر على الجزائر يغرق في قذارة "لعبة الرهائن"
النظام العسكري المسيطر على الجزائر يغرق في قذارة "لعبة الرهائن"

لم يعد للنظام العسكري الجزائري ما يخفيه، منذ انقلابه على الثورة الجزائرية في يوليوز 1962 وما تلا ذلك من مسلسل اغتيال الديمقراطية ووأد حلم الشعب الجزائري في وطن آمن ودولة تسهر على تدبير ثرواته الباطنية لتحقيق الرفاه والتنمية والعيش الكريم، وطيلة سنوات سطوته على السلطة، راكم تراجعا ليس في قيمة الدينار المحلي فقط، بل على مستوى الأمل في آليات الدولة الحديثة، ومنها تبني سياسات خارجية تجعل مصلحة المواطن الجزائري حجر الزاوية.

وهذا يتطلب حسب أبسط الأبجديات المعروفة التوفر على قراءة/ تصور إستراتيجي وقراءة استشرافية، سواء للداخل الجزائري أو على مستوى شركائه وجيرانه، كمعالجته ملفات حساسة كالأزواديين/الطوارق على الحدود المالية/الجزائرية بعقلية “المرتزقة” وإغلاق الحدود البرية والجوية واستدعاء السفراء، وهذا ما فعله بالضبط يومي 7 و8 ابريل الجاري مع دول مالي والنيجر وبوركينافاسو التي ردت عليه بالمثل. بهذا يظهر النظام العسكري الجزائري عاريا ومعزولا أمام إفريقيا والعالم، خاصة أن بيانات دول كونفدرالية الساحل أكدت على رعايته الإرهاب.

فكل المعطيات التاريخية تقول إن النظام الجزائري لم يتخلص بعد من بزته العسكرية وحسابات الانقلابات والتسليح والمؤامرات، لذلك فكل خرجات قادته، سواء الرئيس تبون أو شنقريحة، لا تخلو من الحديث عن التخويف والتخوين والتهديد، وهو ما يبررون به “إعلاميا” ارتفاع ميزانية التسليح إلى أرقام قياسية، وكأن النظام على شفا حرب، لكن السلاح ذاته ولغة التسليح ذاتها تم توظيفهما للداخل سواء في العشرية السوداء التي خلفت مئات الآلاف من القتلى ومثلهم من المهاجرين غير القانونيين نحو أوروبا.

وبلغة الحديد والنار نفسها سيقمع النظام ذاته أصوات الحراك الشعبي بالرمي في السجون وتلفيق التهم الجاهزة، وإغلاق مواقع وصحف إعلامية.

النظام العسكري الجزائري لم يتخلص بعد من جيل تخرج من مدرسة الخيانة، وقام بثورة مضادة واغتال رفقاء المقاومة والسلاح، ومحمد بوضياف على سبيل المثال لا الحصر؛ لذلك فهو مستعد لتوقيع شيك بكل مدخرات سونطراك من أجل منع نشر الأرشيف العسكري والسياسي، وأسماء الضحايا والمختفين وأسماء الجلادين وتجار السلاح والبشر، وأرقام حسابات البنوك بالخارج والمضاربين في سوق الانقلابات بإفريقيا وأمريكا اللاتينية.

قادة النظام العسكري “السبعينيون” لم يتخلصوا بعد من كوارث موضة “الميلشيات” والعصابات والرهائن، ولم يصدقوا بعد أن فرنسا / ديغول أعلنت استقلال الجزائر بعد تنظيمها استفتاء “مشروطا” في يوليوز 1962.

الشيء الوحيد الذي يتقنه قادة النظام العسكري هو “سياسة الرهائن”، إذ رهنوا اقتصاد الجزائر وجعلوا من مداخيل البترول والغاز رهينة سياسات الشركات البترولية العالمية، ومن أجل ذلك تم تعديل مدونة الاستثمارات؛ وقبل هذا رهنوا “الديمقراطية” وكل مستلزماتها من التعددية الحزبية والتداول على السلطة وحرية التعبير، إذ لا صوت يعلو على صوت العسكر والأصفاد ومفاتيح الزنازين، ورنين الدينار في جيوب أبواقهم الداخلية وذبابهم الإلكتروني و”ميلشيات إعلامية” بالخارج.

وقد يقول حاقد من “العالم الآخر” مثلا إننا ننسج خيالا، أو نحاول إحداث ثقب في الماء، أو إننا مدفوعون لقول هذا، وهنا نحيل السيد “حاقد جدا” على كتابات روائيين جزائريين تناولوا كوارث النظام العسكري، ككتابات سمير التومي في “الطمس” أو “الإمحاء”، أو كتابات حبيب السوعيدية في “الحرب القذرة”، وغيرهم كثير، فيما طبع سردياتهم توظيف ضمير المتكلم.

سياسة الرهائن كأسلوب يميز النظام العسكري الجزائري بدت مفضوحة في قتل رجال الدين السبعة سنة 1996، وكذا في حادث قتل الجيش الجزائري الرهائن الأجانب سنة 2013، إذ سقط أكثر من سبعة قتلى والعشرات من الجرحى مع اختفاء 4.

أكثر من هذا فإن النظام ذاته يحتجز مغاربة صحراويين في خيام تندوف منذ نصف قرن، وصنع من مأساة رهنهم مادة تسول إعانات وولاءات من أجل تسويق فكرة الانفصال. نعم يحتجز النظام العسكري مغاربة أبرياء كرهان لم يترك لهم فرصة اختيار العودة الطوعية، لأن الوطن غفور رحيم، بل يدفع بشرذمة انفصالية ويمولها بالسلاح والإعلام، ويسكنها قصور الجزائر العاصمة وتسافر في الطائرة الرئاسية.

ولأن النظام ذاته لا يجيد غير لعبة الرهائن فقد اصطاد رهينته الجديدة، الكاتب الجزائري/الفرنسي بوعلام صنصال، من مطار الجزائر في نوفمبر 2024 وحاكمه بتهمة الخيانة وزعزعة استقرار النظام، على خلفية تصريحات تاريخية تتعلق بمغربية الصحراء الشرقية التابعة اليوم للجزائر.

أعتقد أن اعتقال وسجن الكاتب الكبير بوعلام صنصال جاء في سياق صراخ الألم بعد اعتراف الدولة الفرنسية بمغربية الصحراء، وزيارة الدولة من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وتوقيعه مع جلالة الملك محمد السادس جيلا جديدا من الاتفاقيات.

وكالعادة فقد سحب النظام الجزائري سفيره من باريس، مع إطلاق أبواقه للتهديد والتحذير من حجم الخسائر المالية والاقتصادية والطاقية والأمنية، التي لم تمنع فرنسا من إعلان فتح مركز ثقافي بالعيون وتحديد تاريخ إجراء “مناورات الشرق” بالجنوب المغربي؛ فهرول الرئيس تبون يستجدي ماكرون في تصريحات للصحافة المحلية، بعد تصعيد حكومة “فرانسوا بايرو” ونشر لائحة بمئات المهاجرين الجزائريين المطرودين، وإثارة الحديث عن اتفاقية 1968 للهجرة؛ أضف إمكانية إضعاف الموقف التفاوضي للجزائر أمام الاتحاد الأوروبي.

وفي خضم هذه الأجواء سيتم تسريع محاكمة الكاتب صنصال والحكم عليه بخمس سنوات، مع دعوة وزير الخارجية الفرنسي “جون نويل بارو” لحفل إفطار رمضاني للسفراء بالمسجد الكبير لباريس، الذي أدلى بتصريحات دبلوماسية دالة على تراتبية إعادة العلاقات الخارجية أولا؛ ثم جاءت مكالمة الرئيس ماكرون لنظيره الجزائري الذي أدمعت عينيه فرحا بالحديث عن الجماجم والعودة إلى نقطة سنة 2022… ما يعني أن النرفزة ودبلوماسية ردود الفعل كلفت النظام 3 سنوات دون تحقيق أي مكسب سياسي أو اقتصادي، بل سيكون إعلان عفو رئاسي عن صنصال هو الخطوة القادمة لأن أسباب سجنه / رهنه لم تعد قائمة.
لقد وصف أحد الكتاب الجزائريين النظام العسكري بـ”الكانبال” لأنه يأكل أبناءه في الداخل والخارج، وبئس التوصيف!.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق "الجيل" يوافق على مقترح جعل الشهادة الثانوية أو المؤهل الفني شرطاً لعضوية النواب
التالى محافظ الغربية وسط السائقين يتابع تنفيذ تجهيز المصلى ويؤكد: راحة المواطن أولى أولوياتنا