يواجه الطلب على الغاز الطبيعي والغاز المسال تحولات مستمرة، نتيجة لتغيرات جيوسياسية واقتصادية تنعكس على الإمدادات والأسعار.
وتتزايد التحديات أمام هذه الأسواق في ظل التقلبات العالمية، التي تعجّ بالحروب والعقوبات والرسوم الجمركية الأميركية، إلى جانب الجهود الموازية للحفاظ على سياسات المناخ.
وأشار تقرير حديث، اطّلعت عليه وحدة أبحاث الطاقة (مقرّها واشنطن)، إلى ضرورة مراقبة تأثير هذه التطورات في ملامح أسواق الغاز الطبيعي والمسال حتى عام 2050.
وسلّط الضوء على منطقة آسيا التي تعدّ محركًا أساسيًا في هذا القطاع، ودورها في توجيه مسارات النمو والاستثمارات.
توقعات الطلب على الغاز الطبيعي والمسال
أظهر التقرير الصادر عن شركة الأبحاث وود ماكنزي أن الطلب على الغاز الطبيعي والمسال عالميًا سيشهد تحولات جذرية خلال الأعوام الـ25 المقبلة، حيث ستتوزع هذه المدة بين مرحلتين مهمتين.
في المرحلة الأولى، سينمو الطلب العالمي على الغاز الطبيعي بنسبة 15% حتى عام 2035، مدفوعًا بزيادة قوية في أسواق آسيا (33%) وأميركا الشمالية (15%)، في حين ستسجل أوروبا تراجعًا بنحو 8%.
وبعد هذه المدة (المرحلة الثانية)، قد يبلغ الطلب ذروته، ثم يبدأ في التراجع نتيجة لتباطؤ النمو في الصين، واستقرار الطلب في أميركا الشمالية، بالإضافة إلى تسارع انخفاض الطلب من أوروبا.
وبحسب التقرير، من المتوقع أن ينمو الطلب العالمي على الغاز المسال بوتيرة تتجاوز نمو الطلب على الغاز الطبيعي خلال العقد المقبل.
وقد يرتفع الطلب بنسبة 56%، أي بمقدار 230 مليون طن سنويًا، بفضل الإمدادات الجديدة التي ستسهم في خفض الأسعار، وفق ما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.
وبعد السنوات الـ10 المقبلة، سيستقر النمو في الصين، بينما سينخفض الطلب في شمال شرق آسيا وأوروبا.
في المقابل، ستظل مناطق جنوب وجنوب شرق آسيا، إلى جانب الطلب على الغاز المسال لتموين السفن، هي المحركات الرئيسة للنمو.
وبين عامي 2035 و2050، من المتوقع أن يرتفع الطلب العالمي على الغاز المسال بمقدار 20 مليون طن سنويًا فقط.
ويرصد الرسم البياني التالي -من وحدة أبحاث الطاقة- الحصة السوقية لصادرات الغاز المسال حسب المنطقة حتى 2050:
مخاطر فائض المعروض من الغاز المسال
من جهة أخرى، أشار التقرير إلى أن الأسواق تستعد لمرحلة جديدة من الاستثمارات في الغاز المسال، حيث تضاف الاستثمارات الجديدة في الولايات المتحدة إلى مشروعات قائمة في الشرق الأوسط وكندا وغيرها من المناطق.
ويأتي ذلك بعدما قررت إدارة ترمب تسريع الموافقة على منح تراخيص لمشروعات جديدة لتصدير الغاز المسال بعد وقف وزارة الطاقة الأميركية التصاريح في يناير/كانون الثاني (2024).
ومن المتوقع اتخاذ قرارات استثمار نهائية بحلول 2027 لتوفير 108 ملايين طن سنويًا من الغاز المسال، ما يضمن استمرار نمو الإمدادات حتى عام 2035، وفق ما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.
وحذّر التقرير من تزايد التوترات الجيوسياسية ومحدودية الإمدادات، وتأثيرهما في تقلبات الأسعار على المدى القريب.
وأظهر أن الإمدادات الجديدة ستؤدي إلى تغيير هيكلي في السوق ابتداءً من عام 2026، حيث من المرجّح أن تشهد أسواق أوروبا وآسيا انخفاضًا في الأسعار بين عامي 2026 و2034.
ومع تباطؤ نمو الطلب بعد عام 2030، يزداد احتمال الحاجة إلى إلغاء الشحنات الأميركية بين عامي 2030 و2032 لتحقيق توازن السوق.
ويوضح الرسم البياني التالي -من إعداد وحدة أبحاث الطاقة- صادرات الغاز المسال الأميركية حتى أبريل/نيسان (2025):
ملامح سوق الغاز الأميركية
كشف التقرير أن تعزيز إمدادات الغاز المسال وإعادة توطين الصناعات وازدهار قطاعَي الذكاء الاصطناعي ومراكز البيانات سيؤدي إلى زيادة الطلب المحلي على الغاز في أميركا بنسبة 26%، بين عامي 2024 و2040، ويمثّل ذلك زيادة قدرها 130 مليار متر مكعب مقارنة بالتوقعات السابقة.
ومع تزايد تركيز الشركات الأميركية في قطاع الغاز غير المصاحب على الانضباط الرأسمالي، من المتوقع أن ترتفع أسعار الغاز في البلاد طوال المدة التي غطاها التقرير.
وتشير التقديرات إلى زيادة في متوسط سعر الغاز بمركز هنري هوب القياسي تُقدَّر بنحو دولار لكل مليون وحدة حرارية بريطانية، مقارنة بالتوقعات السابقة للمدة بين 2035 و2050.
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..
المصدر..
ملامح الطلب على الغاز الطبيعي والغاز المسال من وود ماكنزي