أخبار عاجلة

النيوترينو.. الجسيم الشبحي الذي قد يغيّر فهمنا للكون

النيوترينو.. الجسيم الشبحي الذي قد يغيّر فهمنا للكون
النيوترينو.. الجسيم الشبحي الذي قد يغيّر فهمنا للكون

النيوترينو.. الجسيم الشبحي الذي قد يغيّر فهمنا للكون داخل أعماق البحر المتوسط وتحت جليد القطب الجنوبي، ينصت العلماء إلى رسائل خفية تصل من أقصى حدود الكون. رسائل لا تأتي على شكل موجات ضوء أو إشعاعات مرئية، بل عبر جسيمات شبحية تُدعى النيوترينوات، قادرة على عبور الأرض والإنسان دون أن تترك أثرًا. هذا الكائن العجيب، الذي وُصف يومًا بأنه "لا يُفترض أن يوجد"، بات اليوم في قلب أكثر الألغاز الفيزيائية إثارة. وبينما تسابق المراصد العالمية لرصد ومطاردة هذه الجسيمات فائقة الطاقة، تتكشف حقائق مدهشة قد تقودنا إلى إعادة كتابة ما نعرفه عن نشأة المادة، مصير النجوم، وأسرار الانفجار العظيم نفسه.

داخل أعماق البحر المتوسط وتحت جليد القطب الجنوبي
داخل أعماق البحر المتوسط وتحت جليد القطب الجنوبي

مقدمة غامضة عن النيوترينوات

تُعد النيوترينوات واحدة من أكثر الجسيمات الأولية إثارة وغموضًا في عالم الفيزياء الحديثة. فهي جسيمات شبه عديمة الكتلة، لا تحمل شحنة كهربائية، ولا تتفاعل إلا بشكل نادر للغاية مع المادة، حتى أن مليارات منها تعبر أجسادنا كل ثانية دون أن نشعر بوجودها. هذا الطابع الشبحي جعلها بمثابة "رسائل كونية صامتة" يمكن أن تكشف لنا أسرارًا عميقة عن الكون لا تستطيع أي أداة أخرى الوصول إليها.

ورغم مرور عقود على اكتشافها، ما تزال النيوترينوات تحمل في طياتها ألغازًا كبيرة مرتبطة بنشأة النجوم، وآليات الانفجارات الكونية الهائلة، بل وحتى طبيعة المادة والمادة المضادة. لذلك ينظر إليها العلماء كـ "مفاتيح سرية" لفهم ما لا يُرى، وما يحدث في قلب النجوم والثقوب السوداء والمجرات النشطة على مسافات بعيدة تفوق حدود الرؤية البشرية.

مشروع "كي إم 3 نت" في البحر المتوسط

أمام صعوبة رصد النيوترينوات في المختبرات التقليدية، لجأ العلماء إلى الطبيعة نفسها كأداة رصد عملاقة. ومن هنا جاء مشروع "كي إم 3 نت" (KM3NeT)، وهو مرصد ضخم أُقيم في أعماق البحر الأبيض المتوسط، حيث تُستَخدم المياه المظلمة الصافية كوسط مثالي لاكتشاف ومتابعة إشارات النيوترينوات. الفكرة تقوم على نشر كواشف ضوئية حساسة في قاع البحر، بحيث تلتقط ومضات الضوء الخافتة التي تنتج عندما يتفاعل نيوترينو نادر مع جسيمات الماء.

وخلال عام 2023، تمكن المرصد من تسجيل حدث غير مسبوق: رصد نيوترينو استثنائي بطاقة هائلة فاقت كل التوقعات السابقة. هذا الكشف لم يكن مجرد إنجاز تقني، بل فتح بابًا واسعًا أمام أسئلة علمية جديدة تتعلق بمصادر النيوترينوات فائقة الطاقة، وأعاد إشعال الحماس في المجتمع العلمي حول إمكانية استخدام هذه الجسيمات الشبحية كـ"مرسال كوني" يربطنا مباشرة بأكثر الأحداث عنفًا وغموضًا في الكون.

قدرات النيوترينو الفائقة
قدرات النيوترينو الفائقة

قدرات النيوترينو الفائقة

ما جعل النيوترينو الذي سجله مرصد "كي إم 3 نت" حدثًا استثنائيًا هو الطاقة الهائلة التي حملها. فقد كانت طاقته أعلى بـ 35 مرة من أي نيوترينو تم رصده سابقًا في تاريخ الفيزياء. مثل هذه الطاقة الفائقة تضعه في مرتبة مختلفة تمامًا عن الجسيمات المعتادة، بل تجعل منه شاهدًا مباشرًا على أحداث كونية بالغة العنف لا يمكن حتى لأقوى التلسكوبات الضوئية أو الراديوية أن تكشف تفاصيلها.

هذا الاكتشاف جعل العلماء يتساءلون: كيف يمكن لجسيم شبه عديم التفاعل أن يكتسب مثل هذه الطاقة الهائلة؟ وهل هناك مسرّعات طبيعية في الكون — مثل الثقوب السوداء أو انفجارات السوبرنوفا — قادرة على دفع النيوترينوات إلى سرعات تقارب حدود الطاقة القصوى المعروفة؟ الأسئلة ما تزال مفتوحة، لكن ما هو مؤكد أن النيوترينو بات يشكل أداة فريدة لفتح نافذة جديدة على "الفيزياء الكونية عالية الطاقة".

أصل النيوترينوات

تعود فكرة النيوترينو إلى عام 1930 عندما اقترح الفيزيائي الألماني فولفغانغ باولي وجود جسيم غير مرئي لتفسير لغز "فقدان الطاقة" في بعض أنواع التحلل الإشعاعي. فقد لاحظ العلماء أن الطاقة لا تُحفظ كما يجب أثناء هذه العمليات، فافترض باولي أن هناك جسيمًا خفيفًا للغاية، عديم الشحنة، يهرب من التفاعل حاملاً معه تلك الطاقة المفقودة. كانت هذه الفرضية في البداية نظرية جريئة بلا دليل تجريبي.

لكن بعد ربع قرن، وتحديدًا عام 1956، تمكن العالمان كلايد كوان وفريدريك رينز من إثبات وجود النيوترينوات تجريبيًا عبر مفاعل نووي، ليُصبح بذلك الجسيم الشبح حقيقة علمية مؤكدة. ومنذ ذلك الحين، تحوّل النيوترينو من مجرد حل مؤقت لمعضلة فيزيائية إلى محور رئيسي في الأبحاث الكونية، وركيزة أساسية لفهم التفاعلات النووية داخل النجوم وفي أعماق الكون.

خصائص فريدة للنيوترينوات

يمتاز النيوترينو بخصائص تجعله واحدًا من أكثر الجسيمات غموضًا في الكون. فهو شبه عديم الكتلة، لا يحمل أي شحنة كهربائية، ويتفاعل فقط عبر ما يُسمى بـ"القوة الضعيفة" وهي أضعف بكثير من القوى الكهرومغناطيسية أو النووية. هذه الطبيعة الشبحية تسمح له بالمرور عبر المادة العادية بسهولة مذهلة، حتى إنه يستطيع أن يخترق كيلومترًا كاملًا من الرصاص الصلب دون أن يتوقف أو يتأثر.

وتكمن المفارقة في أن النيوترينوات رغم هذه الخفاء والضعف، تُنتَج بكميات هائلة في الكون. فكل ثانية، تعبر تريليونات النيوترينوات أجسادنا دون أن نشعر، معظمها صادر من الشمس. لكنها تمر مرور الكرام، تاركة وراءها بصمة خفية بالكاد يمكن التقاطها. هذه الخاصية تجعل رصدها تحديًا علميًا هائلًا، وفي الوقت نفسه تمنحها دورًا فريدًا كرسائل نقية من أعمق ظواهر الكون وأكثرها عنفًا.

<strong>النموذج القياسي وتعدد
النموذج القياسي وتعدد "نكهات" النيوترينوات

النموذج القياسي وتعدد "نكهات" النيوترينوات

وفقًا للنموذج القياسي لفيزياء الجسيمات، وُجدت النيوترينوات في البداية على أنها ثلاثة أنواع أو ما يُسمى "نكهات": نيوترينو الإلكترون، نيوترينو الميون، ونيوترينو التاو. كان الاعتقاد السائد أنها جميعًا عديمة الكتلة تمامًا، وأنها تنتقل عبر الفضاء من دون أن تتغير. هذا التصور استمر لعقود طويلة، حيث صُنّفت النيوترينوات كجسيمات ثانوية لا تحمل الكثير من الأهمية مقارنة بجسيمات أخرى كالإلكترونات أو الكواركات.

لكن الاكتشافات الحديثة قلبت هذه الفكرة رأسًا على عقب. فقد أثبتت التجارب أن النيوترينوات يمكنها أن تتذبذب بين "نكهاتها" المختلفة أثناء حركتها في الفضاء، وهو ما يعني ضمنًا أنها لا بد أن تمتلك كتلة – وإن كانت صغيرة للغاية. هذا التذبذب العجيب أثار حيرة الفيزيائيين، لأنه لا يتماشى بدقة مع النموذج القياسي المعروف، ويفتح الباب أمام احتمالات وجود فيزياء جديدة تتجاوز ما نعرفه حاليًا.

تجارب قياس كتلة النيوترينو ومحاولات كشف أسراره

رغم صعوبة رصد النيوترينوات، بذل العلماء جهودًا مضنية لمعرفة كتلتها الحقيقية. ففي أبريل 2023، أكدت تجربة "كاترين" في ألمانيا أن هذه الجسيمات لا يمكن أن تكون عديمة الكتلة كما كان يُعتقد سابقًا. وُضِعت تقديرات بأن كتلتها لا بد أن تكون في حدود جزء من مليون من كتلة الإلكترون، وهي قيمة صغيرة للغاية ولكنها كافية لتغيير مسار فهمنا للمادة والكون.

غير أن السؤال الأعمق يظل مفتوحًا: كيف تكتسب النيوترينوات كتلتها أصلًا؟ فبينما تعتمد معظم الجسيمات على آلية "حقل هيغز" لتوليد الكتلة، يبدو أن النيوترينوات قد تمتلك آلية مختلفة وأكثر غموضًا. هذه الاحتمالية تجعلها مفتاحًا لفهم فيزياء جديدة قد تتجاوز "النموذج القياسي"، وربما تساعدنا على تفسير ألغاز كبرى مثل سر اختفاء المادة المضادة في بدايات الكون.

التجارب العالمية الضخمة لرصد النيوترينوات

نظرًا لغموض النيوترينوات وصعوبة رصدها، دشّن العلماء حول العالم تجارب هائلة خصيصًا لدراستها. من أبرز هذه المشاريع تجربة النيوترينو العميقة تحت الأرض في الولايات المتحدة، وتجربة هايبر-كاميوكاندي في اليابان، ومرصد جيانغمن في الصين. تقوم هذه المراصد على إطلاق حزم صناعية من النيوترينوات باتجاه كواشف ضخمة مدفونة تحت الأرض أو تحت الماء، لرصد كيفية تذبذبها وتحولها من "نكهة" إلى أخرى عبر مسافات شاسعة.

تُعد هذه التجارب بمثابة مختبرات كونية عملاقة، إذ تتيح للعلماء مراقبة سلوك النيوترينوات بدقة غير مسبوقة. من خلال تحليل نتائجها، يأمل الباحثون في كشف طبيعة كتلة النيوترينو بدقة أكبر، وربما الوصول إلى فيزياء جديدة تتجاوز حدود النموذج القياسي. كما أن هذه المشاريع تمثل تعاونًا دوليًا ضخمًا، ما يعكس الأهمية المتزايدة لفهم هذا "الجسيم الشبحي" ودوره في رسم صورة أوضح للكون.

النيوترينوات الكونية ومصادرها العنيفة

النيوترينوات الكونية تنتمي إلى عالم مختلف تمامًا عن تلك التي نولدها في المختبرات. فهي جسيمات فائقة الطاقة يُعتقد أنها تنشأ من أكثر الظواهر الكونية عنفًا، مثل المستعرات العظمى (السوبرنوفا) أو بالقرب من الثقوب السوداء الهائلة في مراكز المجرات. هذه الأحداث تمثل مسارح كونية فريدة، حيث تتحرر طاقات هائلة تفوق قدرة أي جهاز بشري على إنتاجها، وتتحول إلى سيل من الجسيمات الغامضة التي تجوب أرجاء الكون.

لكن رصد هذه النيوترينوات يُعد تحديًا كبيرًا، إذ إن ارتفاع طاقتها يقابله ندرة شديدة في ظهورها. هذا ما يجعل العلماء بحاجة إلى بناء كواشف جبارة، بحجم يفوق الموارد البشرية التقليدية، من أجل التقاط أثر واحد فقط منها. ومع ذلك، فإن دراسة هذه النيوترينوات تمنح العلماء نافذة مباشرة على أقوى "المسرعات الطبيعية" في الكون، مما يساعد على فهم كيف تتشكل هذه الأحداث الكونية الفائقة وتؤثر في تطور المجرات والنجوم.

مرصد آيس كيوب في القطب الجنوبي

يُعد مرصد آيس كيوب أحد أضخم المشاريع العلمية التي أُنشئت خصيصًا لرصد النيوترينوات فائقة الطاقة. بدأ تشغيله عام 2010 في القطب الجنوبي، حيث استغل العلماء الجليد العميق الممتد في تلك المنطقة ليكون بمثابة كاشف طبيعي. وُزّعت آلاف الكرات الكاشفة بحجم كرة السلة داخل مكعب جليدي ضخم يمتد لكيلومتر كامل تحت السطح، لتلتقط الوميض الأزرق الذي يصدر عندما تصطدم النيوترينوات بذرات الجليد وتنتج جسيمات ثانوية تُعرف بالـ "ميونات". هذا الوميض، المعروف باسم إشعاع تشيرينكوف، يوفر بصمة فريدة تكشف عن وجود النيوترينو ومصدره.

على مدار سنوات عمله، سجّل مرصد آيس كيوب آلاف النيوترينوات، معظمها ناتج عن اصطدام الأشعة الكونية بالغلاف الجوي للأرض، إلا أن أهميته تكمن في اكتشافه الفريد للنيوترينوات الكونية النادرة. ففي عام 2011، رصد المرصد لأول مرة جسيمات جاءت من خارج المجموعة الشمسية، ثم في 2018 حقق إنجازًا تاريخيًا بتعقّب نيوترينو إلى مصدره الأول: ثقب أسود هائل في قلب مجرة بعيدة يُطلق نفاثات نارية باتجاه الأرض. هذا الاكتشاف فتح الباب أمام عصر جديد من "فلك النيوترينوات"، حيث تحولت هذه الجسيمات إلى رسل كونية تحمل معلومات مباشرة عن أعمق الظواهر في الكون.

مفاجأة مرصد كي إم 3 نت ورصد نيوترينو قياسي

رغم أن مشروع كي إم 3 نت في البحر الأبيض المتوسط لم يكتمل بعد، إذ لم يُشغَّل منه سوى عُشر طاقته حتى عام 2023، فقد حقق إنجازًا غير مسبوق. ففي فبراير من ذلك العام، سجّل الكاشف نيوترينو بطاقة هائلة بلغت حوالي 220 بيتا-إلكترون فولت، أي أعلى بـ 35 مرة من الرقم القياسي السابق المسجل في مرصد آيس كيوب. هذا الحدث فاجأ العلماء، إذ لم يكن من المتوقع أن يتمكن كاشف صغير حديث التشغيل من التقاط جسيم بهذه الطاقة النادرة، الأمر الذي أثار دهشة وحيرة واسعة في المجتمع العلمي.

لكن مع هذا الإنجاز المدهش، لم تخلُ النتائج من الجدل. فقد تساءل بعض الباحثين إن كانت الإشارة مجرد خطأ تقني أو إشارة زائفة ناتجة عن خلل في الأجهزة. ورغم إعادة التحقق من البيانات عدة مرات، ظلّ الشك قائمًا، بينما أكد آخرون أن الأمر قد يكشف عن عالم جديد من النيوترينوات فائقة الطاقة لم نكن نعرفه من قبل. فإذا ثبتت صحة هذا الرصد، فإن الكون قد أزاح الستار عن واحد من أعمق ألغاز الفيزياء الحديثة، واضعًا أمام العلماء سؤالًا محوريًا: من أين جاءت هذه الجسيمات الشبحيّة بهذه الطاقة الهائلة؟

تداعيات الاكتشافات وآفاق المستقبل في فلك النيوترينوات

يحمل رصد النيوترينوات فائقة الطاقة تداعيات عميقة على العلم، إذ يفتح آفاقًا جديدة لفهم طبيعة الكون العنيف وظواهره القصوى. هذه الجسيمات، بقدرتها على عبور المجرات دون أن تتأثر بالحقول المغناطيسية أو الغبار الكوني، تمنح العلماء وسيلة استثنائية لتتبّع مصادرها بدقة، وهو ما يجعلها بمثابة "رسائل كونية" تصلنا مباشرة من قلب الأحداث الكونية الكبرى مثل المستعرات العظمى والبلازارات والثقوب السوداء الهائلة. ومن خلال هذه الاكتشافات، يمكننا رسم صورة أوضح لأصل الأشعة الكونية وآليات تسارع الجسيمات في الكون.

إلى جانب ذلك، تمثل النيوترينوات مفتاحًا لفهم ألغاز فيزيائية أعمق مثل أصل كتلتها وعلاقتها بالنموذج القياسي لفيزياء الجسيمات، بل وقد تكون دليلًا على وجود فيزياء جديدة تتجاوز ما نعرفه اليوم. ومع تزايد عدد المشاريع العالمية مثل آيس كيوب في القطب الجنوبي وكي إم 3 نت في البحر المتوسط وتجارب أخرى في اليابان والصين وكندا، يتشكل أمامنا مشهد علمي غير مسبوق. وهكذا، يقف العلم على أعتاب "فجر جديد لفلك النيوترينوات"، حيث يتحول الكون نفسه إلى مختبر مفتوح يكشف لنا أسراره شيئًا فشيئًا.

إخلاء مسؤولية إن موقع عاجل الإخباري يعمل بطريقة آلية دون تدخل بشري،ولذلك فإن جميع المقالات والاخبار والتعليقات المنشوره في الموقع مسؤولية أصحابها وإداره الموقع لا تتحمل أي مسؤولية أدبية او قانونية عن محتوى الموقع.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق أسد البحار الذي صنع تاريخ الملاحة البحرية في ذاك الزمان.. من هو أحمد بن ماجد؟
التالى هربس الشفاه.. ما هو وكيف نتعامل معه؟