أخبار عاجلة
طلب عاجل من حسام حسن قبل خوض بطولة أمم أفريقيا -

بعد صفقات واردات تركيا من الغاز المسال.. هل ترد روسيا بقطع الإمدادات؟ (مقال)

بعد صفقات واردات تركيا من الغاز المسال.. هل ترد روسيا بقطع الإمدادات؟ (مقال)
بعد صفقات واردات تركيا من الغاز المسال.. هل ترد روسيا بقطع الإمدادات؟ (مقال)

اقرأ في هذا المقال

  • تركيا تستورد حاليًا بين 13 و15 مليار متر مكعب من الغاز المسال سنويًا.
  • يمكن لروسيا أن تُخفّض أو تقطع إمداداتها عبر خطوط الأنابيب إلى تركيا بشكل انتقائي.
  • التوسع السريع لتركيا في عقود الغاز المسال يشير إلى تحول مدروس في إستراتيجيتها للطاقة.
  • تنويع مصادر الطاقة يُقلل من نفوذ روسيا على تركيا ويُعزز العلاقات مع الموردين الغربيين.

تعزز تركيا وارداتها من الغاز المسال من خلال صفقات جديدة مع شركات طاقة كبرى بهدف تقليل اعتماد البلاد على روسيا وإيران.

وقد أبرمت تركيا اتفاقيات متعددة تضمن نحو 15 مليار متر مكعب من الغاز المسال للمدة 2026-2028. وكُشف النقاب عن هذه الاتفاقيات في معرض غازتك 2025 بمدينة ميلانو.

وأبرمت شركة بوتاش (BOTAŞ) المملوكة للدولة صفقات مع 8 شركات طاقة دولية بارزة؛ من بينها: بي بي، إيني، شل، شينيير، سيفي، إكوينور، جيرا، هارتري؛ لتعزيز واردات تركيا من الغاز المسال.

وتمتد معظم هذه الاتفاقيات لـ3 سنوات، وتُسلم نحو 6 مليارات متر مكعب من الغاز المسال سنويًا، وهو ما يمثل ما يقرب من نصف واردات تركيا من الغاز المسال في عام 2024؛ حيث تبدأ الشحنات هذا الشتاء وتستمر حتى عام 2028.

وتُظهر هذه الاتفاقيات مساعي تنويع مصادر واردات تركيا من الغاز المسال، ما يُقلل اعتمادها على غاز الأنابيب القادم من روسيا وأذربيجان وإيران.

ويُعزز هذا النهج أمن الطاقة في تركيا من خلال مواجهة مخاطر انقطاع الإمدادات وتعزيز قدرتها على التعامل مع أوقات الاستهلاك المرتفع في فصل الشتاء.

الدوافع الرئيسة لصفقات الغاز المسال

تشير أحدث صفقات الغاز المسال التي أبرمتها أنقرة إلى سعيها المدروس لتقليل اعتمادها على الغاز الروسي في ظل تصاعد حالة الضبابية الجيوسياسية وخطر انقطاع الإمدادات، وتنويع مصادر واردات تركيا من الغاز المسال.

ومن خلال إبرام اتفاقيات مع موردين من الولايات المتحدة وأوروبا واليابان والنرويج والمملكة المتحدة، توسّعت محفظة واردات تركيا من الغاز المسال بشكل كبير؛ ما خفف من تداعيات الاعتماد المفرط على مورد واحد أو عدد قليل من موردي خطوط الأنابيب.

ولا تقتصر هذه الكميات الإضافية من الغاز المسال على تعزيز موثوقية إمدادات الشتاء للقطاعين الصناعي والكهربائي خلال أوقات ذروة الاستعمال، بل تمنح تركيا قدرة أكبر على التكيف مع تحولات السوق والتطورات الجيوسياسية غير المتوقعة.

واردات تركيا من الغاز المسال

وبالإضافة إلى تلبية احتياجات الإمداد قصيرة الأجل، تُجسّد اتفاقيات تركيا تطلعاتها لتصبح مركزًا للطاقة على المدى الطويل.

وتشمل هذه التطلعات نمو مرافق الغاز المسال مثل المحطات ووحدات التخزين العائمة وإعادة التغويز، بالإضافة إلى مبادرات لتكثيف عمليات تداول الغاز المسال لترسيخ مكانة الدولة مركزًا إقليميًا محوريًا للطاقة.

التداعيات الجيوسياسية

تُمثل مبادرة تأمين واردات تركيا من الغاز المسال بنحو 15 مليار متر مكعب سنويًا، من خلال عقود مع كبرى شركات الطاقة الغربية والآسيوية، جهدًا مهمًا لتقليل الاعتماد على الغاز عبر خطوط الأنابيب الروسية والإيرانية، ومن ثم التخفيف من حدة التأثر بالضغوط الجيوسياسية.

ومن خلال بناء محفظة إمدادات متنوعة، تُعزز تركيا أمن الطاقة، وتكتسب مرونةً لإدارة أي انقطاعات محتملة ناجمة عن العقوبات أو النفوذ السياسي أو التوترات الإقليمية.

وتعكس هذه الإستراتيجية نهجًا استباقيًا لإدارة التوجهات المعقدة والمتطورة لسوق الغاز العالمية.

ونتيجة لتوسع البنية التحتية للغاز المسال وقدرة إعادة التصدير، تُرسّخ تركيا مكانتها بوصفها مركزًا إقليميًا للطاقة، مُعززةً نفوذها في أسواق الغاز المجاورة، ومُهيّئةً فرصًا تجارية جديدة.

من ناحية ثانية، تُشير هذه العقود إلى تشكيل تحالفات جيوسياسية أوسع، تُعمّق التعاون مع شركات الطاقة الغربية، مع استكشاف مشروعات في آسيا الوسطى، ومنطقة بحر قزوين، وأفريقيا، والشرق الأوسط.

وتشكل هذه التدابير مجتمعة موازنة إستراتيجية لروسيا؛ ما يسمح لتركيا بتحوط اعتمادها على الطاقة مع توسيع شبكتها من الشركاء العالميين وتعزيز دورها لاعبًا رئيسًا في الساحة الجيوسياسية للطاقة الإقليمية.

التداعيات الاقتصادية

من المتوقع أن ترتفع واردات تركيا من الغاز المسال بشكل ملحوظ، لتصل إلى نصف إجمالي الطلب على الغاز الطبيعي في البلاد -نحو 50 مليار متر مكعب- ما يُعيد تشكيل مزيج إمداداتها بشكل كبير.

ويُعزز هذا التوسع أمن الطاقة في تركيا من خلال تنويع مصادرها بعيدًا عن الاعتماد على خطوط الأنابيب، خصوصًا من روسيا وإيران، مع ضمان إمدادات أكثر مرونة للقطاعات الصناعية وقطاع الكهرباء والقطاع السكني.

وعلى الرغم من أن تكلفة الغاز المسال أعلى عمومًا من تكلفة غاز الأنابيب؛ فإن عقود تركيا متوسطة وطويلة الأجل مع موردين رئيسين مثل بي بي، وشل، وتوتال إنرجي، وإكسون موبيل تُساعد على تخفيف تقلبات الأسعار وتوفير تسعير قابل للتنبؤ به قائم على السوق.

وتدعم هذه القدرة على التنبؤ تخطيطًا أفضل للطاقة لكل من القطاعين الحكومي والخاص، حتى مع احتمال مواجهة أسعار الطاقة المحلية ضغوطًا تصاعدية.

في المقابل، تنطوي زيادة إمدادات الغاز المسال على آثار صناعية واقتصادية أوسع نطاقًا.

وقد تشهد القطاعات كثيفة استهلاك الطاقة ارتفاعًا في تكاليف الواردات، إلا أن تعزيز أمن وموثوقية الإمدادات يُقلل من مخاطر انقطاع الإنتاج.

إضافة إلى ذلك، تُرسّخ توسعة قدرة تركيا من الغاز المسال مكانتها مركزًا إقليميًا محتملًا لتجارة الطاقة؛ ما يُتيح فرصًا لإيرادات التجارة، والاستثمار في البنية التحتية، وتعزيز النفوذ الجيوسياسي.

ويُعزز النمو المستمر لمحطات الغاز المسال، ووحدات التخزين العائمة، والمؤسسات التجارية، البنية التحتية للطاقة في تركيا، ويرسخ مكانتها السوقية، ويدعم طموحاتها طويلة الأجل لتكون ممرًا إستراتيجيا للطاقة ومركزًا إقليميًا لإعادة تصدير الغاز.

واردات تركيا من الغاز المسال

التأثير في مزيج الواردات والتكاليف

تصل واردات تركيا من الغاز المسال، سنويًا، إلى ما بين 13 و15 مليار متر مكعب.

وبفضل العقود الجديدة، ستُضاف 6 مليارات متر مكعب إضافية سنويًا بدءًا من عامي 2026 و2027. وبحلول عام 2027، قد يُغطي الغاز المسال نصف الطلب السنوي على الغاز في تركيا، ليحل محل أجزاء من غاز الأنابيب القادم من روسيا وإيران.

ورغم أن الغاز المسال قد يرفع تكاليف الاستيراد؛ فإن هذه الصفقات توفر عقودًا أكثر أمانًا وقابلية للتنبؤ ومرونة؛ ما يُحقق فوائد اقتصادية من استقرار الإمدادات وتنويع المشتريات.

الرد الروسي المُحتمل

دبلوماسيًا: من المتوقع أن تمارس روسيا ضغوطًا دبلوماسية لإبطاء تنويع مصادر الطاقة في تركيا، مُركزةً على عقود خطوط الأنابيب التاريخية طويلة الأجل، ومستفيدةً من التحالفات الإقليمية.

وقد تنتقد موسكو انحياز تركيا إلى سياسات الطاقة الغربية، وتسعى للتأثير في الدول المجاورة، وتُبرز دورها موردًا موثوقًا للحفاظ على نفوذها في المنطقة.

ومن الناحية الاقتصادية، يمكن لروسيا أن تُخفّض أو تقطع إمداداتها عبر خطوط الأنابيب إلى تركيا بشكل انتقائي، أو أن تُقدّم غازًا بأسعار مُخفّضة بموجب العقود الحالية، أو أن تُوسّع صادراتها من الغاز المسال إلى الأسواق التنافسية، أو أن تُطبّق إستراتيجيات تسعيرية فعّالة لحماية حصتها السوقية.

وفي الوقت نفسه، من المُرجّح أن تُواصل روسيا تطوير طرق تصدير بديلة -ولا سيما نحو آسيا- لتعويض الخسائر المُحتملة نتيجة انخفاض الطلب التركي.

الغاز المسال الروسي

تأثّر أسعار الطاقة والصناعة في تركيا

تكاليف الطاقة: قد يُؤدّي الاعتماد المُتزايد على واردات الغاز المُسال، رغم تعزيزه لأمن الطاقة، إلى ارتفاع أسعار الغاز الطبيعي؛ حيث يتأهّب المُستهلكون الصناعيون حاليًا لزيادات في الأسعار تُقارب 7.9% بحلول منتصف عام 2025.

رغم ذلك، تُساعد العقود مُتوسطة وطويلة الأجل مع المُورّدين الرئيسين على استقرار التكاليف من خلال الحماية من تقلبات السوق الفورية؛ ما يضمن تسعيرًا أكثر قابلية للتنبؤ لكلٍّ من الصناعات والأسر.

المرونة الصناعية: قد تُشكّل تكاليف الطاقة المُرتفعة تحدياتٍ للصناعات كثيفة استهلاك الطاقة، لكن استثمار تركيا المُستمر في الطاقة المُتجدّدة يُساعد في تخفيف بعض هذه الضغوط من خلال استقرار أسعار الكهرباء وتوفير قدر أكبر من اليقين بشأن التكلفة على المدى الطويل.

بدوره، يقلل تحسين موثوقية الإمداد من مخاطر انقطاع الإنتاج؛ ما يتيح تخطيطًا صناعيًا أكثر متانة وموثوقية.

آثار اقتصادية أوسع: يُعزز تنويع مصادر الطاقة الأساس الصناعي لتركيا من خلال تقليل الاعتماد على إمدادات خطوط الأنابيب المعرضة للخطر سياسيًا.

بالمثل، تعزز إمدادات الطاقة الآمنة والقابلة للتكيف القدرة التنافسية للصادرات، وتدعم النمو الاقتصادي المستدام، وتحمي من الاضطرابات الاقتصادية الكبيرة الناجمة عن الانقطاعات المحتملة في إمدادات الغاز الروسي.

الخلاصة

يشير التوسع السريع لتركيا في عقود الغاز المسال، التي يبلغ إجماليها نحو 15 مليار متر مكعب سنويًا مع شركات طاقة عالمية كبرى، إلى تحول مدروس في إستراتيجيتها للطاقة.

ويتمثل الهدف الرئيس في تقليل الاعتماد على غاز الأنابيب الروسي، الذي أصبح غير موثوق به بسبب الخلافات الجيوسياسية والحرب الدائرة في أوكرانيا.

بإبرامها صفقات مع شركات من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة واليابان والنرويج وألمانيا، تبني تركيا محفظة طاقة متنوعة وقابلة للتكيف، ما يعزز قدرتها على تحمل انقطاعات الإمدادات.

ومن خلال تعزيز بنيتها التحتية للغاز المسال -مثل المحطات ووحدات التخزين العائمة وقدرات التداول- تسعى تركيا إلى ترسيخ مكانتها مركزًا إقليميًا للطاقة، وممارسة نفوذها على الأسواق المجاورة، واكتساب استقلالية أكبر في سياسة الطاقة لديها.

وعلى الرغم من أن واردات الغاز المسال قد تكون أعلى تكلفة من غاز الأنابيب؛ فإن العقود متوسطة وطويلة الأجل توفر أسعارًا مستقرة، وإمدادات متسقة، ودعمًا للاستقرار الصناعي.

وإلى جانب الاستثمارات في الطاقة المتجددة، يعزز هذا النهج القدرة التنافسية الاقتصادية ويخفف من تقلبات الأسعار.

على الصعيد الجيوسياسي، يُقلل تنويع مصادر الطاقة من نفوذ روسيا على تركيا، ويُعزز العلاقات مع الموردين الغربيين، ويُرسخ مكانة تركيا لاعبًا رئيسًا في أسواق الطاقة الإقليمية.

ختامًا، تعكس اتفاقيات الغاز المسال هذه إستراتيجية شاملة لتأمين إمدادات الطاقة، واستقرار الاقتصاد، وتعزيز النفوذ الإستراتيجي لتركيا في ظل مشهد جيوسياسي عالمي وإقليمي متغير.

الدكتور أومود شوكري، الخبير الإستراتيجي في مجال الطاقة، الزميل الزائر الأول في جامعة جورج ميسون الأميركية، مؤلف كتاب "دبلوماسية الطاقة الأميركية في حوض بحر قزوين: الاتجاهات المتغيرة منذ عام 2001".

* هذا المقال يمثّل رأي الكاتب، ولا يعبّر بالضرورة عن رأي منصة الطاقة.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق الطاقة الكهرومائية المخزنة بالضخ.. وصفة لإنعاشها في أوروبا