يُعدّ الهيدروجين خيارًا واعدًا في تطوير قطاع النقل، إذ يسهم دمجه بأنظمة المركبات في تحسين كفاءة الوقود، وخفض الانبعاثات الكربونية، في ظل التحول العالمي نحو حلول أكثر استدامة.
وفي هذا الإطار، توصَّل فريق طلاب من الجامعة المصرية الصينية إلى إنجاز علمي جديد -اطّلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)- عبر دمج الهيدروجين في تشغيل دراجة نارية هجينة.
ونفَّذ الفريق الطلابي هذا المشروع بإشراف وكيل الكلية للدراسات العليا الأستاذ الدكتور نبيل حسن ورئيس قسم هندسة الطاقة والطاقة المتجددة الدكتور هادي حبيب والمعيد بالقسم المهندس كيرلس مرقص.
ويأتي ذلك في ظل الإستراتيجية الوطنية نحو التحول إلى اقتصاد منخفض الكربون، وتطوير بنية تحتية متكاملة لدعم الصناعة والنقل النظيف، مع استهداف جعل مصر مركزًا إقليميًا رائدًا لإنتاج وتصدير الهيدروجين بحلول عام 2040.
خفض تكاليف التشغيل والصيانة
تُعدّ الدراجات النارية إحدى أكثر وسائل النقل استعمالًا في العديد من الدول، خصوصًا في المناطق الحضرية، حيث تؤدي دورًا كبيرًا في التنقل اليومي، إلّا أن استعمالها ما يزال يواجه تحديات كبرى من حيث حجم الانبعاثات الضارة الصادرة عنها وكفاءة استهلاك الوقود.
وفي هذا السياق، بدأ العديد من الباحثين والمطورين في استكشاف طرق تشغيل الدراجات النارية باستعمال الطاقة الكهربائية والهيدروجين بصفتها بدائل أكثر نظافة وفعالية.
ويعتمد التشغيل الكهربائي على البطاريات القابلة للشحن التي توفر طاقة للمحرك، ما يُسهم في تقليل الانبعاثات تمامًا، كما يُعدّ حلًا فعالًا من حيث خفض تكاليف التشغيل والصيانة، وفقًا لما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.
ومع تزايد التطور في تقنيات البطاريات والشحن السريع، أصبح التشغيل الكهربائي خيارًا متاحًا في العديد من الأسواق.
أمّا التشغيل باستعمال الهيدروجين، فيستند إلى استعمال خلايا الوقود الهيدروجيني لتوليد الكهرباء من خلال تفاعل الهيدروجين مع الأوكسجين في الهواء، حيث ينتج أبخرة ماء فقط، مما يجعل هذه التقنية من أكثر الحلول البيئية وعدًا، إذ يُعدّ الهيدروجين مصدرًا غير ملوث للطاقة، ومثاليًا لتشغيل المركبات خفيفة الوزن، مثل الدراجات النارية.
وفي الآونة الأخيرة، بدأ العالم يشهد تجارب عديدة بدمج الهيدروجين والكهرباء في تقنيات المركبات، خاصة في دول تسعى لتعزيز الابتكار وتطوير حلول نقل صديقة للبيئة.
كما يمكن أن تجمع هذه الأنظمة الهجينة بين كفاءة البطاريات الكهربائية وقدرة الهيدروجين على توفير الطاقة لمسافات أطول وبسرعة أكبر.
نظام التحكم الذكي
استند فريق الطلاب -المكوّن من نادين محمد، ومحمد شاذلي، ومحمد الصاوي، وأحمد الروبيجي- إلى استعمال وحدة تحليل كهربائي من نوع(Wet Cell) لإنتاج غاز الهيدروجين HHO، مما أتاح دمج الهيدروجين في محرك دراجة نارية هجين بطريقة عملية وموفرة.
وصمّم الفريق نظامًا للتحكم الذكي في تشغيل وحدة HHO، يعتمد على 3 مستويات مختلفة للطاقة، تُفَعَّل بناءً على ظروف عمل المحرك.
وأوضح رئيس قسم هندسة الطاقة والطاقة المتجددة الدكتور هادي حبيب -في تصريحات إلى منصة الطاقة المتخصصة- إلى أن هذا التصميم المرن يُسهم في: تحقيق الاستغلال الأمثل للهيدروجين، وخفض الاستهلاك المفرط للطاقة، ورفع كفاءة الأداء التشغيلي للمحرك.
نتائج ميدانية مشجعة
أجرى الفريق الطلابي تجارب ميدانية دقيقة لقياس أداء الدراجة قبل وبعد دمج نظام HHO، وكشفت النتائج تحسّنًا كبيرًا في نسب الانبعاثات:
- انخفاض أول أكسيد الكربون (CO) من 0.27% إلى 0.17%.
- تقليل ثاني أكسيد الكربون (CO₂) من 6.6% إلى 3.0%.
- زيادة نسبة الأكسجين (O₂) من 12.9% إلى 17.6%.
- تقليص تركيز الهيدروكربونات (HC) من 462 إلى 205 جزء بالمليون (PPM).
أكد الدكتور هادي حبيب أن المشروع يعكس قدرة الشباب المصري على الابتكار وتقديم حلول عملية لمواجهة تحديات البيئة والتنمية، معبرًا عن أمله في أن يكون هذا الإنجاز نقطة انطلاق لمشروعات ناشئة تدعم توجُّه مصر نحو النقل النظيف واستدامة الطاقة.
ولفت إلى أن هذا المشروع يتماشى مع الإستراتيجية المصرية لرفع مساهمة الطاقة المتجددة إلى 42% من مزيج الكهرباء بحلول عام 2030، بما يشمل التوسع في استثمارات الهيدروجين الأخضر والتقنيات المستدامة.
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..
