
أفادت مصادر عليمة هسبريس بأن تسريبات من تقارير أعدتها المجالس الجهوية للحسابات بجهات الدار البيضاء-سطات ومراكش-آسفي وفاس-مكناس كشفت تورط مجالس جماعية في اختلالات خطيرة تتعلق بتدبير أوعية عقارية مخصصة لإنجاز مشاريع جماعية، موضحة أن جماعات محلية استولت على عقارات في ملكية خواص وأقامت عليها منشآت عمومية، عبارة عن مسابح وحدائق، دون “تطهيرها” وتسوية وضعيتها القانونية.
وأكدت المصادر ذاتها تضمين قضاة الحسابات تقاريرهم ملاحظات بشأن تواتر الاعتداءات المادية على ممتلكات الخواص، من أوعية عقارية ومنازل، دون سند قانوني، خصوصا في جماعات قروية وشبه حضرية، مبرزة توجيه القضاة تحذيرات لمسؤولين جماعيين بخصوص خطورة هذه الاعتداءات، وما تسببه من خسائر مالية فادحة لخزينة الدولة، التي تتحمل دفع تعويضات تقدر بعشرات المليارات لفائدة ضحايا “الشطط في استعمال السلطة”، وتجاهل إجراءات نزع الملكية من أجل المنفعة العامة، التي تمر وفق شروط قانونية لا تترك مجالا لدفاع الضحايا للحصول على تعويضات كبيرة أمام المحاكم الإدارية.
وكشفت مصادر هسبريس قفز رؤساء مجالس جماعية سابقين وحاليين على توجيهات للمصالح المركزية بوزارة الداخلية بشأن تفادي اتهام الإدارة بالشطط في نزع الملكية، من خلال إعداد ودراسة مشاريع قرارات تخلي عن ملكيات خاوص لفائدة الأملاك الجماعية، وعرضها على توقيع وزير الداخلية، موردة أن مديرية الجماعات المحلية بالوزارة أعادت عبر مديرية الممتلكات عددا كبيرا من ملفات نزع الملكية لأجل المنفعة العامة إلى جماعات من أجل استكمالها، في إطار دراسة ومتابعة الإجراءات المسطرية لـ”تطهير” عقارات خاصة، تمهيدا لتخصيصها لإنجاز مشاريع اقتصادية واجتماعية وثقافية.
يشار إلى أن عمليات نزع ملكية أراض مؤخرا، في سياق تعبيد مسارات القطار فائق السرعة “تي جي في” بين القنيطرة ومراكش، سلطت الضوء على هكتارات من الأراضي الجماعية غير المحفظة، خصوصا في جهة الدار البيضاء-سطات، ما أحرج مصالح الشؤون القانونية بهذه الجماعات وعجل بإخضاعها للافتحاص من قبل الإدارة المركزية، تحديدا بشأن أسباب التأخر في تسوية وضعية أراض في الملك الجماعي الخاص، وحرمان ميزانيات جماعات من موارد مالية مهمة عن تعويضات نزع الملكية من أجل المنفعة العامة.
ووجه قضاة الحسابات، حسب مصادر هسبريس، استفسارات إلى رؤساء جماعات بشأن تبرير ملابسات خرق مسؤولين جماعيين مقتضيات القانون 57.19 المتعلق بنظام الأملاك العقارية للجماعات الترابية، وقفزهم على ضوابط مسك سجل الممتلكات الجماعية وتحيينه بانتظام، وتصنيف هذه الأملاك وفق فئات محددة، مشددة على تجاهل عدد منهم سلوك إجراءات الخبرة الإدارية والمزايدة العمومية والتعويض عن الأضرار، خصوصا في ملفات “تطهير” أملاك جماعية.
ولمحت تقارير لجان التفتيش التابعة لمجالس جهوية للحسابات إلى مخاطر قانونية ومالية في مقررات مصادق عليها من قبل مجالس جماعية في دورات عادية واستثنائية، همت نزع الملكية من أجل المنفعة العامة لعقارات في ملكية خواص، لغاية إحداث مشاريع ذات طابع اجتماعي وتنموي، وسط شبهات استغلالها لغايات “انتخابية” صرفة مع اقتراب نهاية الفترة الانتدابية لهذه المجالس.