أفادت مصادر عليمة بأن مصالح الإدارة المركزية لوزارة الداخلية عمّمت استفسارات على رؤساء جماعات، عبر السلطات الإقليمية في عدد من جهات وأقاليم المملكة، بدءا بجهات الدار البيضاء- سطات ومراكش- آسفي وفاس- مكناس، بشأن ملابسات تباطؤهم في تنفيذ مخزون مهم من الأحكام القضائية الصادرة ضد جماعاتهم لفائدة مقاولين وأصحاب شركات ومكاتب دراسات وملاك عقارات خاصة.
وأوضحت المصادر ذاتها أن الاستفسارات الجديدة استندت إلى تقارير أنجزتها لجان تفتيش مركزية تابعة للمفتشية العامة للإدارة الترابية، حلت بعدد من الجماعات خلال الأشهر الماضية، حيث سجلت تعمد رؤساء مجالس التلكؤ في أداء ما بذمة الجماعات من تعويضات لفائدة الدائنين، سواء كانوا مقاولين أم أصحاب شركات أم مكاتب دراسات، ملمحة إلى تورط بعضهم في شبهات “ابتزاز”، بعدما اشترطوا تنفيذ أحكام وتمكين حائزيها من تعويضات مقابل الحصول على عمولات مالية.
وأضافت مصادر هسبريس أن تقارير التفتيش حملت معطيات دقيقة بخصوص خروقات في تدبير منازعات جماعات، ورد بعضها في شكايات وتظلمات توصلت بها الإدارة المركزية من قبل متضررين احتجوا على ممارسات رؤساء مجالس محلية وإقليمية أنهكوهم بالتسويف والمساومات، رغم توفر الاعتمادات المالية والسيولة الكافية لدى الجماعات المعنية بتنفيذ الأحكام.
وأوردت مصادرنا أن عمليات التدقيق التي باشرتها الداخلية أسفرت عن تحريك عشرات الملفات المجمدة في رفوف جماعات، والمتعلقة بتنفيذ أحكام قضائية نهائية، حيث جرى تنفيذ بعضها؛ فيما أحيلت الملفات التي تعذر تنفيذها لأسباب مالية أو لامتناع الجماعات إلى المصالح المختصة لاتخاذ ما يقتضيه القانون.
ونبهت تقارير لجان التفتيش، وفق مصادر هسبريس، إلى تجاهل رؤساء الجماعات توجيهات وزارة الداخلية، عبر المسؤولين الترابيين، بشأن عدم التساهل في المساطر القانونية والتغاضي عن الثغرات التي قد تؤدي إلى صدور أحكام سلبية ضد الإدارة الجماعية، خصوصا عند توقيع رخص انفرادية مخالفة لمقتضيات قانون التعمير، دون الرجوع إلى الوكالات الحضرية والسلطات المحلية المعنية.
وشددت المصادر العليمة على العواقب القانونية لتوقيع رئيس جماعة لرخصة انفرادية دون إشراك الجهات المختصة، حيث لا تتهاون سلطات الوصاية مع مثل هذه التصرفات.
وأثارت التقارير ذاتها تواطؤا داخليا لاستصدار أحكام قضائية ضد جماعات ترابية، من قبل بعض الجهات التي يفترض فيها الدفاع عن مصالح هذه الجماعات، في إشارة إلى مديري المديريات ورؤساء الأقسام والمصالح، حيث شدد المفتشون في تقاريرهم على أهمية دور الوكيل القضائي للجماعات في تدبير المنازعات، خاصة في سياق تنفيذ الإستراتيجية الهادفة إلى توفير المواكبة القانونية وضمان تتبع جيد وناجع للملفات القضائية، سواء كانت الجماعات مدعية أم مدعى عليها.
يشار إلى أن مصالح وزارة الداخلية تواصل، بتنسيق مع الوكيل القضائي للجماعات، تتبع الملفات التنفيذية المفتوحة في مواجهة الجماعات الترابية أمام مختلف محاكم المملكة؛ من خلال لائحة جديدة للملفات التنفيذية التي راسلت الجماعات المعنية بها قصد التنفيذ وإيجاد الحلول الكفيلة بذلك. ويراهن المتضررون من تعسف بعض رؤساء الجماعات الترابية، الذين يحاولون تحصيل مكاسب مالية مهمة على حساب أحكام قضائية نهائية، على استمرار الوزارة في تنفيذ نهجها القائم على مراقبة مدى التزام الجماعات بتنفيذ الأحكام واحترام قدسيتها.