في منطقة حدودية كإقليم طاطا، يُشكّل فصل الصيف عبئا إضافيا على السكان المحليين، سواء القاطنين بالمركز أو بضواحيه، حيث ترغمهم الحرارة المرتفعة، التي تلامس عادة 50 درجة مئوية، على البحث عن مناطق أخرى للاستقرار المؤقت إلى غاية اقتراب حلول فصل الخريف.
وباستحضار عامل القدرة الاجتماعية، يتجه طيف من سكان الإقليم إلى مراكز شبه حضرية قريبة، كإيغرم، أو أكادير ملول التابع ترابيا لدائرة تاليوين، في حين يقصد آخرون، لا سيما من ميسوري الحال، مدنا ساحلية قريبة، كأكادير وطانطان.
ويُثير محليون أن إقليم طاطا، واعتبارا لموقعه الجغرافي، يعيش على وقع درجات حرارة مرتفعة خلال كل فصل صيف، مما يضع ساكنة الإقليم أمام “أمر واقع” بات معه قضاء هذه الفترة خارج الإقليم بمثابة “تقليد سنوي”، حسب استطاعة كل أسرة.
ويبلغ عدد سكان هذا الإقليم الواقع بجهة سوس ماسة، بحسب نتائج الإحصاء العام للسكان والسكنى لسنة 2024، حوالي 111 ألفا و757 نسمة، بنسبة تراجع تقدر بـ 0,53 في المائة مقارنة بالأرقام التي خلص إليها إحصاء سنة 2014.
عوامل مناخية
مصطفى تاضومانت، نائب برلماني عن الإقليم، قال إن “درجة الحرارة المرتفعة تدفع سكان المنطقة، خلال كل صيف، إلى السفر نحو مناطق أخرى؛ فهناك من يسافر إلى إيغرم أو تاليوين، وحتى طانطان وأكادير، كلٌّ حسب استطاعته المادية طبعا”.
وأكد تاضومانت، في تصريح لهسبريس، أن “سكان الإقليم الذين تسمح لهم قدرتهم الشرائية بذلك لا يترددون في اختيار مناطق معتدلة المناخ لقضاء عطلتهم الصيفية، لا سيما بتراب جهة سوس ماسة”.
وزاد شارحا: “إقليم طاطا معروف بهذه الوضعية، باعتباره منطقة حدودية شرقية. وينسحب الأمر أيضا على الأقاليم الشبيهة، لكن بنسب مختلفة”، مفيدا بأن “السفر المؤقت خلال فصل الصيف يهم ساكنة المركز وباقي جماعات الإقليم كذلك”.
خيارات مطروحة
اعتبر بوبكر البخاري، أمين “فيدرالية جمعيات جماعة تيسينت”، أن “الاستقرار بتراب إقليم طاطا خلال أشهر الصيف، في ظل أجواء حارة تلامس 50 درجة، يظل أمرا صعبا جدا، لا سيما بالنسبة للمرضى أو الذين لا يتحملون قساوة المناخ”.
وقال البخاري لهسبريس: “تختلف وجهة أهل الإقليم باختلاف طبقاتهم الاجتماعية؛ فمتوسطو الدخل منهم يذهبون إلى قرية أنزور بجماعة أكادير ملول أو إلى مركز إيغرم. أما الطبقات الميسورة، فتقصد مدنا كأكادير وطانطان وكلميم”، متابعا: “كان التركيز منصبّا خلال الفترات السابقة على مركز إيغرم، لكن هذا الأخير صار يعاني من تداعيات شُحّ المياه”.
وضمن إفادته، ذكر المتحدث أن “الحرارة تبلغ مستويات قياسية خلال هذه الفترة من السنة، ولذلك يهجر المنطقة طيفٌ من أبنائها ابتداء من شهر يونيو، على أساس العودة إليها مطلع شهر شتنبر، موازاة مع بداية الدخول المدرسي”.
حرارة قاهرة
انضم إبراهيم باعراب، من ساكنة جماعة أقايغان، هو الآخر إلى قائمة المتحدثين لهسبريس حول الموضوع، مسجلا أن “الهجرة المؤقتة والموسمية خارج الإقليم ليست اختيارا، بل هي واقع حال مرتبط بارتفاع درجات الحرارة”.
ولذلك، يضيف أعراب، “نجد عددا من الأسر تشدّ الرحال صوب مناطق خارج الإقليم في هذه الفترة بالذات، سواء كانت الوجهة مدنا بتراب الجهة أو مراكز ترابية أخرى، ما دام أن العيش في ظروف مناخية حارة كهذه ليس بالأمر السهل، خصوصا بالنسبة للمرضى”.
وتابع: “يكون ذلك صعبا بالنسبة للأسر محدودة الدخل، التي تجد نفسها مطالَبة بقضاء عطلتها الصيفية بتراب الإقليم، وفي أجواء حارة، مستعينة بما في حوزتها من مكيفات هوائية، رغم أن ذلك يتطلّب دفع فواتير أغلى في استهلاك الكهرباء”.